أسطورة الخلق السومرية و جذورها الكوردية و تأثيرها على الديانات السماوية
=KTML_Bold=مقدمة لا بد منها=KTML_End=
يذكر عالم الآثار الدكتور: بهنام أبو الصوف بأن السومريين لم يأتوا من خارج بلاد ما بين النهرين، بل كانوا في منطقة سوبارتو و أن هذا الشعب في زمن ما انتقل إلى الجنوب و نقل معه حضارته.
ما يدعم كلام عالم الآثار بهنام أبو الصوف هو أن إنشاء حضارة زراعية متطورة و اختراع الكتابة من قبل السومريين يدلان على أنهم كانوا يمتلكون أسس حضارية متقدمة قبل انتقالهم إلى جنوب بلاد ما بين النهرين. و هذا يدل على أن السومريين كانوا جزءًا من أسلاف الكورد الزاغروسيين الذين انتقلوا من كوردستان إلى جنوب العراق الحالي.
الآثار القديمة المكتشفة في كوردستان تثبت بأن كوردستان هي مهد الحضارة البشرية الأولى حيث يذكر العالم الأمريكي البروفسور: Robert. G.Braidwood
بأنه تم الإنتقال من حياة الصيد إلى حياة الزراعة في كوردستان في حوالي 10000 - 6000 ق.م و يضيف بأن الشعب الكوردي كان من أوائل الشعوب التي طورت الزراعة و الصناعة و تدجين الحيوانات البرية و تركت الكهوف لتعيش في منازل بها أدوات منزلية متطورة.
و عندما كانت الأراضي المنخفضة مغمورة بالمياه؛ كانت قمم جبال كوردستان تنبض بالحياة و الحركة و الشاهد على ذلك هو التاريخ و الآثار المكتشفة في كهوف كوردستان مثل كهف Biston في شرق كوردستان و يعود تاريخه إلى 100 ألف سنة و كهف دو دري في غرب كوردستان عفرين يعود لأكثر من 60 ألف سنة و كهف شانيدار في آكره عقرة و كهف جارمو في جنوب كوردستان و كهف جايونو في شمال كوردستان و غيرها الكثير...
▪︎كانت سومر أرض الملوك المتحضرين في بلاد ما بين النهرين، بلادًا مزدهرة حوالي 4500 ق.م . أنشأ السومريون حضارة متقدمة للغاية على هيئة حضارة قروية زراعية أدخلها أسلاف الكورد الزاغروسيون مع نظامها الخاص في اللغة و الكتابة المتقنة و الهندسة المعمارية و الفنون و علم الفلك و الرياضيات و ابتكار الأرقام (3)
كان نظامهم الديني معقّدًا للغاية و يتألف من مئات من الآلهة. وفقًا للنصوص القديمة؛ كانت كل مدينة سومرية يحرسها إلهها الخاص. و بينما كان البشر و الآلهة يعيشون معًا، كان البشر في خدمة الآلهة.
تقول الأساطير السومرية المدونة على الرقيمات بأسلوب شعري جميل بأنه في البداية، كانت الأرض و السماء عبارة عن قطعة واحدة ثم انفصلتا عن بعضهما البعض و نزلت الآلهة الشبيهة بالإنسان على الأرض فكان هناك الكثير من العمل الذي يتعين القيام به و عملت هذه الآلهة على حفر و تهيئة التربة لجعلها صالحة للسكن و الاستفادة من ثرواتها المعدنية.
وافق آنو، إله الآلهة على أن عملهم كان عظيمًا للغاية. اقترح إبنه إن كي أو إيا خلق رجل لتحمّل مشقات العمل و هكذا فعل بمساعدة أخته غير الشقيقة نين كي.
تم قتل إله و اختلط جسده و دمه بالطّين. و من تلك المادة خُلِق الإنسان الأول على غرار الآلهة.
هذا الرجل الأوّل خُلِق في Eden: عدن و هي كلمة سومرية تعني الأرض المستوية التي تحوي جميع متطلبات الحياة. في ملحمة جلجامش؛ ورد ذكر Eden على أنها جنة الآلهة و تقع في مكان ما في بلاد ما بين النهرين، بين نهري دجلة و الفرات، في كوردستان.
في البداية، لم يكن البشر قادرين على التكاثر بمفردهم و لكن تم تعديلهم فيما بعد بمساعدة إن كي و نين كي و هكذا أصبح الإنسان مستقلًّا و يعمل بكامل طاقته.
تم إجراء هذا التعديل دون موافقة شقيق إن كي الذي هو إن ليل و بدأ الصراع بين الآلهة. و هكذا أصبح إن ليل خصمًا للإنسان.
إذًا، تشير الأسطورة السومرية إلى أن الإنسان خُلِق من الطّين الممزوج بدم الإله. أي أن الطّين هو المادة الأساسية التي خُلِق منها الإنسان و تفسير الموت في الأسطورة السومرية هو عودة الطّين إلى التراب و هو ما نجده في الكتب المقدسة كالتوراة و القرآن الكريم.
هذا التصوّر عن خلق الإنسان مشابه تمامًا لصنع الأواني الفخارية من الطّين.(1).
إن إسم أدام ،آدم يعني في السومرية الإنسان و في الأكدية يعني أحمر و يعني الأرض أيضًا فهو أدمة و أدام و الظاهر أنه استُعير من السومرية لأن السومريين كانوا يعتقدون أن التراب الأحمر في سهل جبل سهند ، جنّة عدن/ كوردستان، هو مادة صنع الإنسان.
▪︎جاءت في النقوش الكنعانية التي تعود لحضارة العصر البرونزي في مدينة أوغاريت/اللاذقية السورية و التي كانت تعبد الإله إيل و هو إسم نجده في اليهودية و الإسلام أيضًا مثل: إسرائيل، عزرائيل، و جبرائيل... أن إيل هو أبو آدم أي أن إيل هو أبو البشر و هذا يبيّن لنا أن أسطورة الخلق لها امتداد تاريخي يتجاوز الحدود و يعود إلى الأصل الذي انتشرت منه أي من جنّة عدن حيث التراب الأحمر الذي جاء منه البشر حسب الأسطورة السومرية التي نشأت عند منابع دجلة و الفرات، عند جبل سهند و هو ما يتردد أيضًا في أسطورة أتراهسيس التي قدّم عنها الكاتبان ولفرد لامبرت و آلان ميلارد دراسة متميزة عنها عام 1969م (2).
▪︎قصة خلق آدم في الكتب المقدسة:
1- التوراة: ورد في إحدى أصحاحاته :
و جبل الرب الإله ترابًا من الأرض و نفخ في أنفه نسمة حياة فصار آدم نفسًا حيّة.
- خلقت حواء من ضلع آدم.
2- في القرآن:
قوله تعالى: الَّذِي أَحْسَنَ كُلَّ شَيْءٍ خَلَقَهُ وَبَدَأَ خَلْقَ الإنْسَانِ مِنْ طِينٍ ثُمَّ جَعَلَ نَسْلَهُ مِنْ سُلالَةٍ مِنْ مَاءٍ مَهِينٍ ثُمَّ سَوَّاهُ وَنَفَخَ فِيهِ مِنْ رُوحِهِ وَجَعَلَ لَكُمُ السَّمْعَ وَالأبْصَارَ وَالأفْئِدَةَ قَلِيلا مَا تَشْكُرُونَ.
و في سورة الحجر تقول الآية:
وَإِذْ قَالَ رَبُّكَ لِلْمَلَائِكَةِ إِنِّي خَالِقٌ بَشَرًا مِّن صَلْصَالٍ مِّنْ حَمَإٍ مَّسْنُونٍ..
▪︎قصة الخلق كما وردت في سفر التكوين:
يتكوّن سرد أسطورة الخلق في كل من اليهودية و المسيحية من قصتين من سفر التكوين:
القصة الأولى: يخلق إلوهيم أي الله بالعبرية السماوات و الأرض في ستة أيام. ثم يرتاح في اليوم السابع و يبارك هذا العمل و يقدسه.
و في القصة الثانية: الله - المشار إليه اليوم بإسم يهوه - يخلق آدم، الرجل الأول، من التراب و يضعه في جنّة Eden:عدن (مكان ما في بلاد ما بين النهرين - كوردستان) حيث يُعطى له السيادة على الحيوانات. يتم خلق حواء، أول إمرأة، من ضلع آدم و جعلها رفيقته و شريكته.
============================
▪︎الحواشي و المصادر:
- (1) David Rohl, Legend, London 1998.
- (2) Jeremy Black and Anthony Green, Gods, Demons, and Symbols of Ancient Mesopotamia, London 1992.
- (3) صمويل كريمر، من ألواح سومر، ترجمة طه باقر، مكتبة المثنى، بغداد.
- موقع Ancient Origins. الكاتب: John Black.
- أسطورة الخلق السومرية و جذورها الكوردية للعلامة الكتور: مؤيّد عبد الستار.
- بعض المعلومات من صفحة د. مهدي كاكايي.[1]