=KTML_Bold=الكرد في السودان -=KTML_End=1
رونجا مينتو (صحفية بلجيكية)
ترجمة/ دجوار أحمد آغا
يركز هذا المقال على الاستيطان والأصول التاريخية، والهويات الاجتماعية والوضع الاقتصادي، والتغير الثقافي للكرد الذين يعيشون في السودان، يعود تاريخ الكرد السودانيين إلى الدولة الأيوبية الكردية، وفي هذه الفترة، استقروا في المنطقة من خلال انتشارهم في مناطق جغرافية واسعة. تتجلى الهوية الاجتماعية للكرد مع الاستخدام الواسع للكنية “كردي”. من الناحية الاقتصادية، غالبًا ما يشغل الكرد السودانيون مناصب عليا في التجارة والأعمال والقطاع العام، ويقدمون مساهمات اقتصادية في المجتمع، في عملية التغيير الثقافي، يواجه كرد السودان جهودًا للحفاظ على لغتهم وتراثهم الثقافي؛ ما يعني ان كرد السودان يلعبون دورًا مهمًا في المجتمع السوداني ويستحقون دعم الحكومة السودانية والمجتمع الدولي.
مقدمة
يقدم هذا المقال بحثًا عن التاريخ والهويات الاجتماعية ومساهمات الكرد الذين يعيشون في السودان، فالسودان دولة تقع في شرق إفريقيا وتشتهر بتنوعها العرقي والثقافي، في حين أن غالبية سكان السودان من العرب، إلا أن هناك مجموعات عرقية مختلفة في البلاد، أحد هذه المجموعات هم الكرد.
تعود الجذور التاريخية للكرد، الذين يعيشون في السودان إلى الدولة الأيوبية الكردية. خلال العصر الأيوبي، انتشر الكرد في مناطق جغرافية واسعة مثل مصر وليبيا والسودان ولبنان واليمن. يشير وجود بلدة “كردي” في السودان، وخاصة في إقليم كردفان، الذي كشف الباحث الكردي العراقي “جوهر جلال وسو” في رسالة ماجستير بعنوان الكرد ودخولهم ودورهم في السودان من جامعة النيلين، أن ولاية كردفان توجد العديد من الروايات لأصل تسميتها، ولكن الكثير منها ترجح أنه جاء من الكرد، حيث قدم أحد الأشخاص الكرد من مدينة وان بباكور “شمال” كردستان وعاش فيها، ولذلك سميت باسمه، وفي رواية أخرى أن شخصاً كردياً جاء للتنقيب عن الذهب في موقع تلك الولاية، وأثناء عمله في التنقيب في أحد الجبال الموجودة بها سقط من أعلاه فردد السكان “كردي فان”، اي مات الكردي، والتي تحولت فيما بعد إلى “كردفان”.
تظهر هذه الجذور التاريخية أن الكرد في السودان لهم تاريخ طويل، ومستقر، وأصبحوا جزءًا من المجتمع. يحافظ الكرد على هويتهم الاجتماعية في السودان، ويحاولون الحفاظ على تراثهم الثقافي، من العوامل التي تحدد الهوية الاجتماعية للكرد السودانيين، كالعائلات التي تحمل لقب “كردي”. ومع ذلك، فمن المثير للاهتمام ملاحظة أن بعض العائلات الكردية، لا تتحدث الكردية على الرغم من أن لديهم لقب “كردي”. يكشف هذا الوضع عن الصعوبات في الحفاظ على التراث اللغوي، والثقافي لكرد السودان وعملية مواكبة المتغيرات الاجتماعية.
يشكل كرد السودان جزءًا مهمًا من البلاد اقتصاديًا واجتماعيًا. توفر الموارد الطبيعية الغنية في السودان مجموعة متنوعة من الفرص التجارية لرجال الأعمال الكرد، يعمل الكرد المعروفون ب “المسؤولين عن المحاسبة” في السودان كمحاسبين، وقطاع المحاسبة بأكمله في بعض المدن مكون من الكرد، وكرد السودان بخبراتهم في هذا المجال يلعبون دورًا مهمًا في الشؤون المحاسبية للمجتمع، بالإضافة إلى ذلك، فإن نقاط الالتقاء الاجتماعية مثل “الكافتيريا الكردية” العاملة في السودان والتي يزورها الكرد السودانيون بشكل متكرر، هي أماكن يحافظ فيها الكرد على علاقاتهم الاجتماعية في السودان ويحاولون الحفاظ على هويتهم الثقافية.
ومع ذلك، لوحظ أيضا التغيير الاجتماعي، والثقافي للكرد السودانيين. ومن المعروف أن الكرد الذين يعيشون في السودان كانت لديهم معتقدات دينية مختلفة من قبل. ومع ذلك، في الآونة الأخيرة، تمت مصادفة الكرد المسلمين فقط، وهذا يدل على أن الهويات الدينية للكرد، الذين يعيشون في السودان تتغير بمرور الوقت، وهم في طريقهم للتكيف مع التغيرات الاجتماعية.
نجد مما سبق، أن الكرد الذين يعيشون في السودان يشكلون مجتمعًا حيويًا بتاريخهم وهويتهم الاجتماعية، ومساهمتهم في المجتمع. إضافة إلى ثراء التنوع العرقي والثقافي في السودان، أصبح الكرد جزءًا من المجتمع السوداني. ومع ذلك، فإن الكرد السودانيين، الذين واجهوا صعوبات مثل الحفاظ على اللغة والتراث الثقافي، هم في طريقهم للتكيف مع التغيرات الاجتماعية والثقافية. يجب على الحكومة السودانية والمجتمع الدولي مواصلة جهودهم لحماية حقوق المجتمع الكردي، وتعزيز هويتهم الثقافية وفهم تاريخهم بشكل أفضل، إن فهم الأهمية التاريخية، والاجتماعية للكرد في السودان هو موضوع يتطلب مزيدًا من البحث والفهم.
الاستقرار والأصول التاريخية للكرد في السودان
يقدم الاستيطان والأصول التاريخية للكرد الذين يعيشون في السودان منظورًا مهمًا عند النظر إليه في السياق التاريخي والجغرافي للشرق الأوسط، وتعود جذور المجتمع الكردي في السودان إلى وجود الدولة الكردية الأيوبية. أصبح الكرد قوة سياسية وعسكرية فاعلة، إذ لعبت الدولة الكردية الأيوبية بقيادة صلاح الدين الأيوبي دورًا مهمًا في الساحة السياسية للشرق الأوسط، وأقامت علاقات مكثفة مع دول أخرى في المنطقة، وكان للأيوبيين نفوذ كبير في العالم الإسلامي وأظهروا مقاومة كبيرة في النضال ضد الحروب الصليبية. خلال هذه الفترة، كانت قوة وتأثير الكرد محسوسة في جغرافية واسعة تمتد حتى السودان.
يمكن أيضًا أن يُعزى توطين الكرد في السودان لأسباب اجتماعية واقتصادية. فالسودان بلد غني بالموارد الطبيعية ويوفر فرصًا اقتصادية، وقد أدى ذلك إلى تفضيل رواد الأعمال الكرد والعائلات من مختلف أنحاء السودان، للسودان، للانخراط في الأنشطة الاقتصادية وبدء الأعمال التجارية.
الاستيطان والأصول التاريخية للكرد في السودان يثري الفسيفساء العرقية والثقافية للبلاد، واستقرار الكرد في السودان منذ فترة طويلة جعلهم جزءًا من المجتمع، هذا الاندماج والاستقرار بدأ في الفترة الأيوبية وتعمق في الفترات التالية، وعززت الروابط الاجتماعية والثقافية للكرد في السودان.
هنا يتضح أن لتقدم الاستيطان والأصول التاريخية للكرد الذين يعيشون في السودان منظورًا مهمًا عند تقييمه في السياق التاريخي والجغرافي للشرق الأوسط، يرتبط وجودهم في السودان بالديناميكيات الاجتماعية، والاقتصادية. يجب على الحكومة السودانية والمجتمع الدولي بذل المزيد من الجهد لحماية حقوق المجتمع الكردي، وتعزيز هويتهم الثقافية، ومن هنا يكشف فهم الأصول التاريخية والهويات الاجتماعية للكرد السودانيين عن الحاجة إلى مزيد من البحث والفهم لهذا المجتمع.
الهويات الاجتماعية للكرد في السودان
يُنظر إلى الكرد الذين يعيشون في السودان على أنهم جزء من التنوع العرقي والثقافي بهوياتهم الاجتماعية. يشكل الكرد مكونًا مهمًا من مكونات المجتمع السوداني، وهو مجتمع يعرف نفسه على أنه من أصل كردي، ولا يخفى أنه تم تشكيل الهوية الاجتماعية للكرد في السودان من خلال بعض العناصر المميزة.
تعتمد الهوية الاجتماعية للكرد في السودان أيضًا على تفاعلهم واندماجهم مع شرائح المجتمع الأخرى، حيث يعمل كرد السودان عمومًا في قطاعات التجارة والأعمال والخدمات، وهذا يدل على أن كرد السودان ناجحون اقتصاديًا، ويتفاعلون مع مختلف شرائح المجتمع. في الوقت نفسه، قد يؤثر المناخ الاقتصادي والسياسي العام في السودان على جهود الكرد للحفاظ على هويتهم الاجتماعية، وروابطهم الثقافية.
نتيجة لذلك، تتشكل الهوية الاجتماعية للكرد، الذين يعيشون في السودان من خلال تراثهم التاريخي، واللغوي، والثقافي وتفاعلاتهم الاجتماعية في السودان، يحاول الكرد حماية هوياتهم الاجتماعية ومشاركتها من خلال عناصر مثل اللقب “كردي” واللغة الكردية، والمساحات الاجتماعية، التي تعكس الثقافة الكردية، ومع ذلك، لا ينبغي أن ننسى أن التغيرات الاجتماعية، والاقتصادية، والصعوبات قد تؤثر على الهوية الاجتماعية للكرد، الذين يعيشون في السودان. يجب على الحكومة السودانية والمجتمع الدولي بذل المزيد من الجهد لدعم جهود المجتمع الكردي لحماية حقوقهم، وتعزيز هويتهم الثقافية والحفاظ على هويتهم الاجتماعية. يكشف فهم الهويات الاجتماعية للكرد الذين يعيشون في السودان عن الحاجة إلى فهم وبحث أكثر شمولاً لهذا المجتمع.
صحيفة روناهي[1]