بعد إزالة جزء من الغشاوة التي صنعتها الأنظمة الشوفينية والعنصرية عن التاريخ الكردي، أخذت المصادر تكثر للبحث فيها، كما أن هذه المصادر تؤكد على حقيقة العلاقة العرقية بين الأمتين الكردية والسومرية، وذلك بإظهار التأثير الكردي في الحضارة السومرية من خلال أجداد الكرد الكاشيين، الايلاميين، السوباريين والكوتيين (الجوديين) وغيرهم من أجداد الكرد الذين سادوا في موزوبوتاميا.
ويظهر التأثير الكردي جلياً في الحضارة السومرية وبخاصة فيما يتعلق بالجانب اللغوي:
أ من حيث شكل الكتابة: تظهر الرقم الطينية شكل الحروف لدى الكاشيين، الإيلاميين, السوباريين والكوتيين والسومريين بأنها كانت واحدة وتسمى بالمسمارية. أي أن الشكل والمنشأ واحد مع السومرية، فاللغتين الكردية والسومرية من عائلة لغة ذات كتابة لاصقة وممتزجة وغير اشتقاقية بشكل عام أي اللفظ لا يشتق من بعضه كما هي في العربية، بل يمكن تركيب كلمتين مع بعضهما وإيجاد كلمة أخرى بمعنى جديد.
لا يسبق الفعل الفاعل في الجملة كما هو في اللغة العربية، أي هكذا: نجح الطالب، بل أن في السومرية والكردية، يأتي الفعل في النهاية، هكذا: (خوندكار بسركت. XWENDEKAR BI SER KET)
لا يوجد فيهما المثنى كما هو في العربية، بل يوجد المفرد فقط، ولا يثنى إلا باستخدام العد اثنين ولا يؤنث إلى بالإشارة إلى الجنس في بعض الحالات مثال: برخي قلو؛ أي الخروف السمين، حيث لا يوجد في السومرية والكردية بصيغة المثنى، أي لا يوجد الخروفان السمينان، إلا باستخدام العدد اثنان أي “دو برخين قَلَو”َ. ويؤنث بالإشارة إلى الجنس من خلال الجملة. فال “برخ” هكذا بمفرده هو “برخ” سواء كان ذكر أو أنثى ولكن داخل الجملة يتم معرفة ذلك. مثال: “برخي نير فروت: باع الخروف الذكر، برخا مي هات: جاءت الخروف الأنثى” وهكذا. وتوجد في السومرية ومثلها الكردية حروفÇ,J,P,G ولا توجد حروف ث, ض, ط, ح على عكس العربية، وكما أن اللغتان السومرية والكردية تحويان حروف العلة A,U,E .
ب من حيث الأسماء: كمثال فقط هناك العشرات بل المئات من الأسماء المشتركة: “كار: العمل. كوي: الجبل ومازال الاسم لدى أهلنا الزازيين. كال كامش أي الثور العظيم، كاستير أي القصدير، الرفش: مر. روفي: الثعلب، توبو داناتو أي كاتب الطابو، زكوتو: الزكاة. شاركشتي: ملك العامة، خور أي الشمس” ومازالت تستخدم لدى أهلنا الصورانيين وغيرهم.
كذلك الكلمات والمعاني: “أنثى: مي، آكر: النار. إينانا: اليقين، أين: الجمعة، نينى: السيدة الكبيرة. نانكي: سيدة المكان، نك: القدم. دب: لوحة للكتابة، مشكين: مسكين وهم الطبقة الدنيا لدى السومريين والهوريين الخورين وغيرهم من أجداد الكرد، زند: الساعد. إلى ما لا يحصى من الكلمات بذات الحروف وذات النطق..
ج من حيث الديمومة والاستمرارية: فأن مدينة أرك هي ذاتها أركواز في منطقة إيلام، وتحولت من اسم أوروك وتسكنها الآن قبيلة “ملكشاهي الكردية. وتأكيداً على الصلة العرقية اللغوية بين الكرد والسومريين مازال الكرد من الكلهوريين والفيليين يتكلمون بلهجات قريبة من لغة أجداهم الكرد القدماء واللغة السومرية.
ختاماً بالرغم من التقادم في الزمن ومرور آلاف السنين على حضارة أجدادنا الكرد وبالرغم من التبدل في شكل ولفظ الكلمة والتحدث في اللغة، مازالت وحدة الجذر والمضمون في اللغة الكردية وأمهاتها من اللهجات الكردية القديمة بادية وظاهرة للعيان كما أشرنا إلى جزء منها وأن علماء اللغة، وخاصة ممن يعتمدون على علم اللغة المقارن بين اللغات يدركون ما سعينا إليه فيما سبق وبذلك يظهر إن تاريخ أمتنا الكردية عريق حضارياً على عكس ما حاول أعداءها فعله أعداء تلك الأمة الكردية العريقة.[1]
من بحث مطول للباحث في التاريخ الكردي: برادوست ميتاني
المصادر:
د. طه باقر – مقدمة في تاريخ الحضارات القديمة (الكاششين والسومريين)
أ.صلوات كلياموف – آريا القديمة وكردستان الابدية.
أ. محمد مندلاوي– موقع الحوار المتمدن الالكتروني