روناهي/ #الدرباسية#–
لم تتوانَ دولة الاحتلال التركي، وجيشها يوماً عن استهداف المواطنين في شمال وشرق سوريا، دون تمييز بين طفل، أو شاب، أو مسن، مستهدفة الرجال والنساء معاً، المدنيين والعسكريين على السواء، وكان استهداف الشهيدة سلافا ورفاقه خير دليل على أن المحتل يسعى لاجتثاث جذور الطفولة.
هذه الاستهدافات، لا يمكن تسميتها، بأنها محاولات لتغيير قواعد الاشتباك، فتغيير هذه القواعد، لا يمر بمدارس الأطفال، والمراكز الفنية، والملاعب الرياضة، إلا أن دولة الاحتلال التركي، وفي إطار حربها الشعواء ضد شمال وشرق سوريا استباحت المرافق الآنفة الذكر كلها، فاستهدفت المدارس قبل النقاط العسكرية، واغتالت الطلاب، والطالبات قبل القادة العسكريين، وقصفت التجمعات الرياضية قبل التجمعات العسكرية في إشارة واضحة، على أن هدف المحتل التركي، هو التدمير، تدمير عشوائي يحرق الشجر، والحجر.
وفي أحدث مجزرة ارتكبها المحتل التركي بحق الطفولة، كان استهدافه لمدرسة لتعليم الفنون والموسيقا في إحدى قرى مقاطعة الحسكة، فنتج عن المجزرة استشهاد خمسة أطفال من الطلبة، الذين كانوا يتلقون التدريب الفني في تلك المدرسة.
ومن ضمن الشهداء الخمسة، كانت الشهيدة (#سلافا رمضان#)، صاحبة ستة عشر ربيعاً، ابنة ناحية الدرباسية، والتي التحقت بتلك المدرسة، يدفعها إلى ذلك شغفها الكبير في تعلم عدة فنون، حيث أنها كانت تهوى العزف والتمثيل، والغناء، وكانت قد برعت في هذه الجوانب كلها، إضافة إلى محاولاتها المتكررة في كتابة الخواطر والقصائد الشعرية.
وقد كان آخر الأعمال الفنية للشهيدة (سلافا رمضان)، هي مشاركتها في الفلم السينمائي، الذي عرض في عام 2015، والذي كان يتحدث عن معاناة أطفال كوباني في ظل الهجمات الوحشية، التي تعرضت لها المقاطعة على يد مرتزقة داعش في عام 2013، وكانت قد لعبت الشهيدة سلافا دور الطفلة زري، إحدى الناجيات من هجمات مرتزقة داعش، حيث تروي قصتها مع المرتزقة.
الأعوام الست عشر من عمرها، كانت كافية لتتعلم الكثير من الفنون واللغات، فهي الطفلة الموهوبة، والموسيقية البارعة، وهاوية اتقان اللغات، وكذلك إعلامية المستقبل، الذي لن تبرصه.
صحيفتنا روناهي قامت بزيارة عائلة الطفلة الشهيدة (سلافا رمضان)، والتقت مع ذويها فحدثونا عن مراحل هذه الطفلة المعجزة، والتي طالتها يد إرهاب دولة الاحتلال التركي، مانعة إياها من الوصول إلى تحقيق أهدافها في الحياة.
الطفلة الكبيرة
تحدثت (رمزية رمضان) والدة الشهيدة سلافا لصحيفتنا قائلة: “الشهيدة سلافا كانت أصغر أولادي، ومنذ طفولتها كان لديها شيء مختلف، ومتميز عن أقرانها في العمر، فقد كانت تتميز بحب التعلم والبحث، وكانت تحاول البحث في مواضيع أكبر من عمرها، حيث وصل بها الحال، لأن تردد دائماً سؤالها عن سبب وجودنا في هذه الحياة، وماذا علينا أن نفعل فيها، وكيف يمكن أن نلعب دوراً فعالاً فيها؟
هذه الأسئلة كلها، كانت تدور في ذهنها، ولم تقف عند حد معين من الأسئلة، بل كانت تسعى دائماً للبحث عن إجابات لأسلتها هذه”.
وأضافت: “منذ صغرها كانت الشهيدة سلافا تهوى التعلم، فقد تعلمت الغناء، والعزف والتمثيل، وكذلك تعلمت عدة لغات، إضافة إلى إنها كانت تسعى لتطوير ذاتها، فلم تكن تتوقف عند مستوى معين من التعلم، بل إنها كانت تسعى دائماً لتتعلم المزيد، حيث أنها في الآونة الأخيرة، كانت تسعى لتعلم مهنة الإعلام، حيث كانت تعد تقارير إعلامية من خلال هاتفها النقال في المنزل، وكانت تجري معنا لقاءات صحفية، وكانت تقول يجب أن اتعلم كيفية الظهور الإعلامي؛ لكي أستطيع النجاح في هذا المجال، وكانت قد التحقت بهذه المدرسة لتحقيق هذه الغاية، إلا أن يد إرهاب الدولة التركية منعتها من ذلك”.
اختتمت والدة الشهيدة سلافا حديثها: “يجب ألا يهدر حقوق أطفالنا، على المجتمع الدولي ألا يبقى مكتوف الأيدي، يجب أن يتحرك، ويضع حداً لإرهاب الدولة التركية، فإذا كنت قد فقدتُ فلذة كبدي اليوم، فبالتأكيد لا أريد أن تفقد أي أم أخرى فلذات كبدها”.
إعلاء شأن الفن
من جانبه تحدث لصحيفتنا والد الشهيدة سلافا ( آزاد رمضان): “كانت الشهيدة سلافا تحاول دائماً أن تدفع الفن الكردي إلى الأمام، لذلك التحقت منذ صغرها بالعديد من مراكز الفن، كما أنها انضمت إلى العديد من الفرق الفنية، وكل ذلك في إطار الثورة، حيث كانت تؤمن بأن الفن سيساعد بشكل كبير في إنجاح ثورة شمال وشرق سوريا، لذلك فقد أولت اهتماماً كبيراً بالفن الكردي في مجالاته جميعها، فقد كانت تلتحق بالكثير من الدورات الفنية التدريبية”.
وتابع بالقول: “نحن كعائلة لم نقف في وجه الشهيدة سلافا، بل على العكس تماماً كنا دائماً داعمين لها، وكنا نشجعها في خطواتها كلها، لأننا على يقين بأن الطريق، الذي سلكته ابنتنا هو الطريق الصحيح، ولكي نبني وطننا، لا بد لنا أن نضحي، ونحن كعائلة مستعدين لتقديم المزيد، والمزيد في سبيل حرية شعبنا، ولا يمكن أن نبخل بشيء في سبيل هذه الغاية النبيلة”.
واختتم والد الشهيدة سلافا (آزاد رمضان) كلامه: “لطالما عدونا مستمر في محاربتنا نحن مستمرون في مقاومته، هذه المقاومة التي تمتد جذورها إلى أكثر من ثلاثة عقود، والتي أثبتت للعالم وللعدو، بأن هذا الشعب لا يمكن أن يرضخ لغير إرادته، والعدو لا يمكن أن يثنينا عن هدفنا في الحرية، والتخلص من الاستبداد”.[1]