فريزة سلمان
في حصيلة كل حرب، تدفع المرأة الثمن الباهظ دوماً، فهي الأم والأخت والزوجة، وهي الشريحة التي وطئتها الحرب بقسوة، نساء تركن البيوت خربة ورحلن يحملن ذكرياتهم أوزاراً على كواهل أثقلتها الغربة والفقد، ونساء غادرت خدورها بسبب الفاقة والتحقن بسوق العمل، عمل لا يمت إلى واقعهن أبداً، ولكن لقمة العيش تكسر النفوس وتذلها، ونساء تعاني إضافة للعوز المادي عوزاً عاطفياً بعدما أخذت الحرب جيلاً أو جيلين من الشباب وتركن للعنوسة مرتعاً، يذبلن كما ورق الشجر في الخريف.
هذه الكوارث الاجتماعية التي ألحقتها الحرب بنسائنا، تحتاج لدراسة ودراية مفصلة ووافية للبتّ فيها وايجاد الحلول السريعة والمجدية لها. هي ملفات حساسة، ومتشابكة تشابك حربنا التي حولتنا إلى ذئاب ننهش لحم بعضنا البعض، بينما يسرق الأعداء خيرات بلدنا، ونحن مفتحين الأعين ولا حول ولا قوة لنا.
في ظل هذا الواقع الأليم لا ترى المرأة السورية ضيراً، من التكيف والتأقلم مع واقعها، واجب الأمومة يفرض عليها إعالة أطفالها بغياب الأب، فتعمل بائعة في كشك أو على بسطة مع أولادها الصغار بعد مدارسهم، ورش الخياطة، محلات الألبسة، لم تعتب عليها مهنة وإن كانت بعضها للذكور فقط، وأحياناً يستغل سوق العمل حاجتها ويبتزها، وهي بصبر وإيمان بالمستقبل، تطيّر الأماني وتلهج بالدعاء. فهي الآن الرجل والمرأة والبيت والوطن بحاجتها.
أمل يحدوها أن تتوقف الحرب ونبدأ البناء، الأمة الألمانية قامت على أكتاف النساء، وها هي تضاهي العالم تقدماً وازدهاراً، والمرأة السورية ليست بأقل شأناً منها، وهي قادرة على بناء وطن يليق بأبنائها، فقط أوقفوا هذا النزيف، لقد احتل الأسود مساحات الرؤيا لديها، والموت استوطن البيوت والشوارع والساحات.
[1]