عنوان الكتاب: عفرين بعد السيطرة التركية: تحوّلاتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية
اسم الكاتب: خير الله الحلو
اسم المترجم(ة): مايا صوّان
مؤسسة النشر: medirections.com
تأريخ الأصدار: 2019
استطاعت تركيا بمشاركة فصائل الجيش الوطني الموالي لها السيطرة على #عفرين# ، وبسط نفوذها الأمني فيها، وسط انتهاكاتٍ قامت بها الفصائل من نهبٍ وسلبٍ وخطف، واستيلاءٍ على ممتلكات المدنيين وترهيبهم خلال الأشهر الأولى، الأمر الذي دفع الأكراد إلى مغادرة عفرين.
وقد دعمت تركيا كلاً من الشرطة العسكرية والشرطة المدنية لفرض استقرار أمني نسبي في المنطقة، فاستطاعت بذلك إمساك خيوط اللعبة في عفرين على مستوى الفصائل، والشرطة العسكرية، وقوات الشرطة المدنية وأجهزتها المتنوّعة والمتخصّصة. وهكذا كرّست أنقرة مناخ الفوضى المنضبطة، فارضةً معادلةً أمنيةً قلقةً تتيح لها شروط التحكّم والتدخّل كافة، ما يعزّز لدى المجتمع المحلي في عفرين عوامل الخوف المستمر.
لم تفرض أنقرة نموذج حكم ذاتي في عفرين في دلالةٍ واضحةٍ على تفاهم أمني مع الروس ضمن مسار آستانة، الذي أفضى إلى الاتفاق على عدم تحويل المناطق الخاضعة للسيطرة التركية إلى منصّاتٍ بديلةٍ أو منافسةٍ للدولة السورية. وهكذا مارست تركيا سياسة التوكيل والإشراف، وأحدثت تغييراتٍ في نسبة التمثيل السكاني عند تشكيل المجالس المحلية في عفرين، فارضةً تقسيماً غير عادل كان للعرب حصّة كبيرة منه، وأُسُساً لوجود التركمان بصفتهم قومية في عفرين. هذا وأوجدت أنقرة نخبة سياسية كردية جديدة من الموالين لها، وأقصت التكنوقراط الأكراد عن العمل في المجالس المحلية.
إضافةً إلى التهديدات الأمنية التي تواجهها تركيا، ونتاج مسار المصالحات في الغوطة الذي أفرز تهجيراً للقوى المُعارِضة في الغوطة الشرقية، دفعت أنقرة باتجاه ملء الفراغ الذي أحدثه نزوح أكراد عفرين وتهجيرهم، عبر نقل آلافٍ من أُسَر المقاتلين في الجيش الوطني وأقربائهم من العرب والتركمان إلى بيوت المدنيين الأكراد.
وقد تراجع الوضع الاقتصادي المرتكز إلى الزراعة أساساً، وغابت التنمية المحلية مقابل تكريس خطط الاستثمار لصالح التجار الأتراك الذين بدأوا ينشطون في عفرين، حيث وجدوا لهم سوقاً جديدةً. في المقابل، اتّجه قادة في الجيش الوطني إلى تشغيل أموالهم مع تجّار سوريين من أبناء الغوطة وحمص المهجّرين قسرياً.[1]