في 13 يونيو 2014، أطلق المرجع الشيعي علي السيستاني، فتوى دعا فيها العراقيين إلى الجهاد الكفائي وذلك على أثر الإنهيار السريع للجيش العراقي أمام حرب العصابات الخاطفة التي شنّها تنظيم داعش ضده. هكذا ولد الحشد الشعبي الذي يخوض أشرس المعارك على الأراضي العراقية.
يتألف الحشد الشعبي من مئات آلاف الشباب الشيعي العراقي الذين ينضوون في أكثر من 42 فصيلاً. ويتوزّع هؤلاء المقاتلون على فصائل كبيرة رئيسية بعضها له وجود سابق على فتوى السيستاني، وأخرى أصغر حجماً وأقل عدداً تشكلت بعد الفتوى. وأهم فصائل الحشد الشعبي هي:
سرايا السلام
نواة هذه السرايا هي جيش المهدي التابع لمقتدى الصدر، والذي كان قد جمّده عام 2007. أعلن الإسم الجديد في 11 يونيو 2014، قبل صدور فتوى السيستاني بيومين. وتعدّ سرايا السلام الميليشيا الشيعية الأكبر مع مئات آلاف العناصر.
يمتاز مقاتلو السرايا بتنظيمهم الصارم وبولائهم الصدري، فأمرهم مباشرة يأتي من السيد مقتدى، دون تأثير رسمي عراقي أو حتى إيراني عليهم. وتلعب الشخصيات المرتبطة بالبيئة الصدرية الدور الأساسي في تمويل السرايا فأغلب رجال الأعمال العراقيين صدريون.
تبعاً لأوامر قائدهم، يحصر هؤلاء المقاتلون دورهم بالدفاع عن مناطق المقامات الشيعية. وقد شاركوا بفعالية في معارك جرف الصخر والبحيرات نظراً لقربها من المقامات. ويقاتل عناصر السرايا بسلاحهم الخفيف والمتوسط دون مؤازرة من سلاح القوات العراقية الرسمية الثقيل. ويعتمدون على تكتيك الموجات البشرية.
منظمة بدر (الجناح العسكري)
هي الفصيل الأكثر شعبية بين العراقيين الشيعة. انفصلت المنظمة، بقيادة أمينها العام الحالي هادي العامري، النائب الحالي والوزير السابق، أوائل عام 2012 عن المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بقيادة عمارالحكيم، والذي تأسس في إيران أوائل ثمانينيات القرن الماضي إبان الحرب العراقية الإيرانية. وكان الانشقاق قد حصل بسبب رغبة العامري في التحالف الانتخابي مع نوري المالكي.
يقدر عدد أفراد منظمة بدر بعشرات الآلاف، وانضوت أكثرية الشباب العراقي تحت رايتها بعد إعلان السيستاني لفتواه. شاركت المنظمة التي تمتلك سلاحاً ثقيلاً في كل المعارك. وهي تمتاز بخبرة عسكرية كبيرة نظراً إلى أن مسؤولي الألوية فيها شاركوا في الحرب العراقية الإيرانية.
بدر هي أقوى ميليشيات الحشد وترتبط بعلاقات قوية مع الجيش العراقي ويواليها معظم أصحاب الرتب العالية فيه. وعبرها يمرّ السلاح الإيراني، وهي التي توزّعه على ميليشيات الحشد. وهناك علاقة وثيقة بين العامري وبين المرشد العام للثورة الإيرانية السيد علي خامنئي وفيلق القدس بقيادة اللواء قاسم سليماني.
كتائب حزب الله العراق
هي كتائب سرية جداً، وقيادتها غير معروفة ولا تنسق إلا مع الإيرانيين. أعلنت ولادتها سنة 2007 ببيان رسمي بعد سنوات من قتالها الأمريكيين. عدد أفرادها كبير، ومنظمون بشكل جيد. وشاركت الكتائب في معارك ديالي وقضاء بلد، وكان دورها أساسياً في معارك جرف الصخر. تمتلك سلاحاً خفيفاً ومتوسطاً وتعتمد حين الحاجة على إسناد ناري إيراني مباشر بالسلاح الثقيل.
عصائب أهل الحق
ولدت سنة 2007 من رحم جيش المهدي بقيادة الشيخ قيس الخزعلي والشيخ أكرم الكعبي، وذلك بعد قرار السيد مقتدى الصدر تجميد جيش المهدي. فرفض الشيخان الأنصياع لأمره، ثم استقلت العصائب بشكل كامل سنة 2008 وخاضت معارك ضد الأمريكيين بدون رضا الصدر الذي وصف قادتها بأنهم أهل باطل. حالياً، الخزعلي هو أمينها العام، وهو شيخ تتلمذ على يد السيد محمد الصدر، والد مقتدى. وقد سجن في السجون الأمريكية قبل أن يطلق سراحه سنة 2010.
يقدّر عدد عناصر العصائب بعشرات الآلاف وهم ثاني أكبر ميليشيا بعد سرايا السلام. يمتلكون خبرة عسكرية اكتسبوها من محاربتهم الأمريكيين، ولديهم هيكل تنظيمي عسكري متين يقوده المسؤول العسكري الشيخ ليث. كان لهم دور فعال جداً في معارك آمرلي وقضاء بلد، وشاركوا في معارك جرف الصخر ومعارك الضابطية. وهم يمتلكون أسلحة خفيفة ومتوسطة ويعتمدون على الجيش العراقي في الدعم الناري بالأسلحة الثقيلة. كما لديهم مصانع تنتج صواريخ من طراز الأشتر وصواريخ أخرى استخدمت في معارك عزيز بلد. أما ولاء العصائب فهو للسيد الخامنئي، وتربطهم علاقة وثيقة جداً بفيلق القدس.
حركة حزب الله النجباء
انشقت المقاومة الإسلامية/ حركة حزب الله النجباء عن عصائب أهل الحق سنة 2013. ويقودها الشيخ أكرم الكعبي الذي كان نائب الأمين العام للعصائب، ويقود لواء عمار بن ياسر التابع للعصائب في سوريا، وذلك بسبب تفاعل خلاف سابق حول مقتل أحد قادة العصائب المقربين من الكعبي على يد أحد مرافقي المسؤول العسكري الشيخ ليث. ويمتاز أفرادها، وعددهم بضعة آلاف، بتدينهم الشديد وبولائهم للسيد الخامنئي. وقد شاركوا بفعالية في معارك النباعي والضابطية وسامراء بسلاحهم الخفيف والمتوسط مع تغطية نارية من الجيش العراقي بالأسلحة الثقيلة. ويمتلكون مصانع صواريخ الأشتر ويستخدمونها بكثافة.
كتائب سيد الشهداء
انشقت عن كتائب حزب الله بالتزامن مع فتوى السيستاني. أمينها العام هو الحاج ولاء. وقد قتل أخيراً مسؤولها العسكري الحاج أبو سيف في سامراء وكان من كبار المتمولين العراقيين. ويقدر عدد أفرادها بما بين 3 و4 آلاف. هم محبوبون في الشارع العراقي وذلك لتقديمهم خدمات اجتماعية. وينتشرون بكثافة في الناصرية والعمارة وفي الكاظمية.
أسست الكتائب لمعارك الضابطية وشاركت بفعالية في معارك سامراء وآمرلي. يتميز مقاتلوها بمستواهم التعليمي فأغلبيتهم جامعيون. وتمتلك جميع الاختصاصات العسكرية التي تحتاج إلى مستوى تعليمي عالٍ. أما سلاحهم فهو خفيف ومتوسط وينسقون بشكل قوي مع الجيش العراقي الذي يؤمن لهم التغطية النارية بالأسلحة الثقيلة.
سرايا الجهاد والبناء
تأسست بالتزامن مع فتوى السيستاني، كجناح عسكري للحركة السياسية المعروفة بحركة الجهاد والبناء التي تشكلت أوائل العام 2011 باندماج 3 تشكيلات إسلامية هي حركة حزب الله العراق وحركة سيد الشهداء وحزب نهضة العراق. أمينها العام الحالي هو حسن الساري، النائب الحالي والوزير السابق، وأحد قيادات المجلس الأعلى الإسلامي العراقي بقيادة السيد عمار الحكيم. وترتبط السرايا بعلاقة وثيقة بالسيد الخامنئي عبر أمينها العام الذي قضى سنوات طويلة في الجمهورية الإسلامية.
ويعتبر البعض أن هذه السرايا هي جناح المجلس العسكري البديل عن منظمة بدر. عدد أفرادها يقدر بحوالى 3 آلاف. يمتازون بشراستهم في القتال، ويعتبرون من أكثر المقاتلين تديناً. وقد شاركوا في معارك منطقة الرواشد والسعدية والجويزرات، وأخيراً في معارك سيد غريب حيث لا تزال المعركة قائمة. يستخدمون الأسلحة الخفيفة والمتوسطة ويدعمهم الجيش بالنيران الثقيلة في علاقة تمرّ عبر منظمة بدر.
كتائب التيار الرسالي
تأسست بعد فتوى السيستاني، كجناح عسكري للتيار الرسالي العراقي. أمينها العام هو النائب الشيخ عدنان الشحماني والذي قضى سنة في السجون العراقية وأطلق سراحه سنة 2012 بعد صدور قانون العفو. بدأ الشحماني حياته السياسية والعسكرية في حزب الدعوة وأنهاها منشقاً عن جيش المهدي بعد خلاف بسبب منع السيد مقتدى للشحماني من الترشح لانتخابات عام 2007. حالياً، مرجعيتهم هي للسيد كاظم الحائري المؤيد للسيد الخامنئي.
حررت الكتائب المقدر عدد مقاتليها بألفين منطقة المعامل في الكرمة الفلوجة، وشاركت في معارك الضابطية، بسلاحها الخفيف والمتوسط وبإسناد ناري من الجيش العراقي.
سرايا الخراساني
تشكلت سنة 2013 كجناح عسكري لحزب الطليعة الإسلامي تحت عنوان الدفاع عن المقدسات في سوريا. قائدها الفعلي هو السيد حامد الجزائري لا الأمين العام لحزب الطليعة السيد علي الياسري. يقدر عدد عناصرها بحوالى 3 آلاف، ومرجعيتها السيد الخامنئي. حرر مقاتلو السرايا منطقة عزيز بلد التي قضى فيها العميد الإيراني حميد تقوي حين كان يشارك في المعركة إلى جانبهم. وشاركوا أيضاً في معارك آمرلي. ويستخدمون السلاح الخفيف والمتوسط ويدعمهم الجيش العراقي بالسلاح الثقيل.
سرايا عاشوراء
تشكلت بالتزامن مع فتوى السيستاني، كجناح عسكري للمجلس الأعلى الإسلامي العراقي. عدد أفرادها نحو خمسة آلاف. هم منظمون بشكل جيد ويمتلكون خبرات عسكرية اكتسبوها سابقاً من منظمة بدر. وشاركوا في معارك قضاء بلد ومعارك الضابطية بسلاحهم الخفيف والمتوسط وبدعم ناري من الجيش.
سرايا العتبات
تشكلت بعد فتوى السيستاني. هي سرايا عسكرية تابعة للمقامات الشيعية العراقية. أفرادها هم خدم (بالمعنى الشرعي) تلك المقامات. وهي تتألف من عدّة سرايا أبرزها سرايا العتبة العباسية بقيادة الشيخ ميثم ويقدر عدد أفرادها بخمسة آلاف مقاتل شاركوا في معارك جرف الصخر وسيد غريب في قضاء بلد، وهم يعتمدون على السلاح الخفيف والمتوسط الذي يمدهم به الجيش، أما تمويلهم فهو ضخم ويأتي من النذور الشيعية للمقامات.
وهناك أيضاً سرايا العتبة العلوية بقيادة الشيخ كريم، وعدد أفرادها حوالى الألف، وقد شاركت مع سرايا العتبة الحسينية (حوالى ألف مقاتل) التي يقودها الشيخ مهدي، في معظم معارك الحشد، ولكنهما من التشكيلات العسكرية الضعيفة نسبياً.
الفصائل الأخرى
كذلك هناك الكثير من الفصائل الصغيرة التي تتألف من أعداد صغيرة وفعاليتها متدنية. ومنها فيلق الوعد الصادق، ولواء أسد الله الغالب، وكتائب أنصار الحجة، ولواء القارعة، وسرايا الزهراء، وسرايا أنصار العقيدة، وكتائب الغضب، وحركة الأبدال، ولواء المنتظر، وكتائب درع الشيعة، وجيش المختار، وحزب الله الثائرون.
أسباب كثرة الفصائل
يعزو مراقبون كثرة عدد الفصائل التي يتكون منها الحشد الشعبي إلى الرغبة في الحصول على امتيازات سلطوية وعسكرية. فكل شخص تجتمع لديه المؤهلات الشخصية مع التغطية العشائرية العددية والتمويل، يعدّ نفسه القائد الذي على الإيرانيين والجيش العراقي التنسيق معه مباشرة. ويمكن القول إن فصائل الحشد الشعبي الأساسية تأسست قبل فتوى السيستاني. أما باقي الفصائل فهي انشقاقات عن الأصل.
هذا ويتهم بعض المراقبين إيران بأنها وراء تعدد فصائل الحشد، ويقولون إن للإيرانيين مصلحة في شق الفصائل ليسهل عليها بسط سيطرتها على الحشد.