السيدات والسادة اعضاء البرلمان البلجيكي الموقرين
السيدات والسادة اعضاء الكتلة البرلمانية لحزب الشعب الموقرين
كلمة شكرٍ معطرة برائحة زيتون عفرين لابد منها اليكم بخصوص مشاعركم النبيلة تجاه شعبنا الكوردي ودعمكم ومساندتكم لقضيته العادلة وعلى كل ما قدمتموه من دعم لوجستي لاتاحة الفرصة لنا بالحضور الى هذا المنبر لايصال صوت ومعاناة شعبنا الى العالم
بدايةً نتوجه لحضراتكم برسالتنا هذه ومن خلالكم كممثلين شرعيين لشعبكم ولحكومة بلادكم الممثلة والمنضوية في الاتحاد الاوربي
وكلنا أمل بان تلقى آذانا صاغية من قبل حكومة بلادكم التي نأمل فيها بان تكون نصيرة لقضايا الشعوب المظلومة والمغلوبة على امرها في رحلة كفاحها ونضالها المشروع من اجل الحفاظ على وجودها وهويتها وخصوصيتها القومية المميزة وانتزاع حقوقها الانسانية والقومية والطبيعية المشروعة المنصوص عليها في العهود والمواثيق الدولية ذات الشأن ومبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها الوارد في المادة /55/ من ميثاق الامم المتحدة لعام 1945 والقانون الدولي الانساني وذلك في العيش والحياة الحرة و الكريمة اسوةً ببقية شعوب العالم
ايتها السيدات ايها السادة الكرام
لم يعد خافياً عليكم وعلى حكومتكم الموفرة اقدام تركيا الدولة العضو في الامم المتحدة ومنظمة شمال الاطلسي /NATO / والمرشحة لنيل عضوية الاتحاد الاوربي على انتهاك سيادة دولة مجاورة وعضوة في الامم المتحدة وذلك من خلال قيامها بعمل عسكري غير مبرر ضد دولة سوريا المجاورة لها واحتلالها لمنطقة عفرين السورية ذات الخصوصية والغالبية الكوردية تاريخياً وذلك في انتهاك صارخ وفاضح لميثاق الامم المتحدة وميثاق معاهدة تأسيس منظمة شمال الاطلسي وموادها القانونية ولاسيما ماورد في ديباج مقدمتها بخصوص ( رغبة الدول الاعضاء في العيش بسلام والسير على مبادىء الديمقراطية والحرية الفردية والامتثال للقانون )
وكذلك ماورد في المادة الاولى منها والتي نصت على (منع الدول الاعضاء من استخدام القوة بما يتعارض مع نصوص مبادىء ميثاق الامم المتحدة ، بحيث يتم حل اي نزاع بطريقة سلمية دون اللجوء الى القوة والتهديد )
وذلك بحجج وذرائع واهية وتحت يافطة محاربة ومكافحة الارهاب والحفاظ على امنها القومي في محاولة بائسة منها لخداع الراي العام العالمي باحقيتها في شن العدوان من خلال التذرع واستغلال نظرية حق الدول في الدفاع المشروع عن النفس الواردة في القانون الدولي العام
الامر الذي يدحضها ويكذبَها الوقائع على الارض ، لكون منطقة عفرين وبشهادة كل المراقبين كانت تعتبر قبل احتلالها من اكثر المناطق امنةُ في سوريا وكانت نموذجاً للتعايش السلمي بين مختلف مكونات الشعب السوري العرقية والدينية حيث كانت تحتضن قرابة 300 الف نازح عربي من بقية المحافظات السورية الذين تركوا ديارهم هرباً من جحيم الحرب الاهلية الطاحنة التي عصفت بسوريا وكانت وجهتهم منطقة عفرين التي وجدوا فيها ضالتهم حيث الامن والامان هناك حيث فتح لهم الكورد ابواب بيوتهم وتقاسموا معهم رغيف خبزهم, ولم تسجل منطقة عفرين اي خرق امني لحدودها المتاخمة للدولة التركية التي كانت تشهد هدوءاً واستقراراً امنياً , حيث لم تشهد منطقة عفرين اطلاق رصاصة واحدة من حدودها الادارية باتجاه الحدود الدولية التي تربطها بتركيا بعكس المناطق الحدودية الاخرى من سوريا التي كانت تشهد دخول وخروج لجحافل الارهابيين من انصار القاعدة وجبهة النصرة وداعش وحراس الدين والحزب التركستاني من والى سوريا وذلك بتنسيق واشراف مباشر من قبل المخابرات التركية
اضافة الى ان ادعاء تركيا ذاك بمكافحة الارهاب ينطوي على اتهام ضمني لاغلب الدول الاوربية المشاركة في التحالف الدولي لمكافحة الارهاب بقيادة الولايات المتحدة الامريكية بالتنسيق والتعاون مع المنظمات الارهابية
ذلك لان القوة التي تذرعت تركيا بوجودها في عفرين والمتهمة من قبلها بالارهاب والتي اتخذتها كذريعة لاجتياح واحتلال منطقة عفرين كانت هي نفسها قوات سوريا الديمقراطية (التي تمثل وتشكل قوات YPG العمود الفقري فيها) التي تعتبر جزءاً ومكوناً اساسياً من المنظومة العسكرية لقوات التحالف الدولي لمكافحة الارهاب
تلك القوة التي تم استقبال قادتها العسكريين من قبل رؤساء دول وحكومات اوربية فاعلة ومؤثرة في الاتحاد الاوربي كفرنسا مثلاً والتي تزودها التحالف الدولي بالعدة والعتاد لكونها تعتبر القوة الضاربة بيدها لمحاربة داعش واجتثاثها والتي قدمت في سبيل ذلك الالاف من الشهداء في حربها ضد منظمة داعش الارهابية في سوريا وذلك نيابة عن العالم الحر وعن حكومات وشعوب بلدانكم
ناهيكم عن مرافقة تركيا وجلبها لفصائل عسكرية اسلامية راديكالية ارهابية تعتبر من بقايا داعش والنصرة ومعروفة بتشددها وتكفيرها للاخرين والتي معظم قادتها ومقاتليها مدرجين على قائمة الارهاب الدولية بغية محاربة الكورد الذين اثبتت التجارب بانهم كانوا وما زالوا اصدقاء اوفياء لشعوب وحكومات بلدانكم وقواتها العسكرية في كل من سوريا والعراق
حيث اطلقت تركيا العنان لها بارتكاب جرائم حراب وجرائم ضد الانسانية بحق الحجر والشجر والبشر في عفرين والمثبتة بمئات الادلة والوثائق , تلك الجرائم والانتهاكات التي لايسعنا الان من سردها وحصرها في محاضرة محددة زمنياً بساعات بل يلزم ذلك ربما الى مجلدات لتدوين وتوثيق تلك الجرائم المتعددة والمتنوعة من اعتقال وتعذيب واختطاف للمدنيين حيث بلغ عدد المعتقلين المدنين من سكان عفرين بعد الاحتلال التركي لها ووفقا لمصادر حقوقية متقاطعة وموثوقة الى اكثر من /2500/ معتقل , مازال مصير اكثر من /1000 / معتقل منهم مجهولاً الى يومنا هذا ومن تم منهم الافراج عنهم تم اجبارهم من قبل سلطات الاحتلال والمرتزقة من الفصائل العسكرية المرافقة لها والتي تسمى بالجيش الوطني السوري على دفع مبالغ طاءلة تصل احيانا الى 10 ملايين ليرة سورية كفدية لقاء الافراج عنهم , ناهيكم عن عمليات القتل الممنهج تحت التعذيب والتي تجاوزت العشرات اضافة الى جرائم السلب والنهب والتشليح وفرض للاتوات على موسم الزيتون تحت يافطة الضريبة من قبل المجالس المحلية المشكلة من قبل الاحتلال حيث بلغت مابين 15-40-% من مجموع ناتج الزيتون اضافة الى اجبار الاهالي في القرى على دفع كمية محددة من عبوات زيت الزيتون للفصائل المسلحة تحت طاءلة التهديد بالاعتقال واجبار الاهالي على بيع محصولهم من زيت الزيتون الى حكومة الاحتلال عن طريق مجالسها المحلية بنصف القيمة والسعر الرائج محلياً والتي تحاول اليوم تهريبها وبيعها الى اوربا وحيث انكم كاعضاء للبرلمان تدركون جيداً بان شراء المال المسروق هو بحد ذاته يشكل جريمة يعاقب عليها القانون وكذلك جرائم القتل على الهوية وشبهة الانتماء الى القوات الكوردية والاعتداء على المزارات الدينية وتخريبها وخاصة للاخوة الكورد الايزيديين وسرقة الاثار وتهريبها وتدمير للمعالم والمناطق الاثرية ( قصف تل عندارا مثالاً) وتهجير سكان المنطقة الاصليين وتغيير ديموغرافيتها السكانية من خلال استقدامها لآلاف المستوطنين من عوائل المسلحين من ريفي دمشق وحمص وحماه وحلب وتوطينهم واسكانهم في منطقة عفرين في منازل وبيوت المهجرين الكورد الذين تم تهجيرهم من ديارهم بفعل آلة الحرب التركية حيث بلغ نسبة العرب المستوطنين الان في منطقة عفرين مايقارب من 40-50 % بعد ان كانت منطقة عفرين ذات هوية وخصوصية كوردية بحتة وصرفة حيث كانت نسبة الكورد قبل الاحتلال التركي لها تتجاوز 95% من مجموع السكان , اضافة الى تغيير اسماء القرى ومعالم المدينة من كوردية الى تركية وعربية بغية تتريك وتعريب المنطقة, وكذلك احراق متعمد لالاف الهكتارات من الغابات والاشجار الحراجية في جبل هاوار وجياي خاستيا وحج حسنا وغيرها وقطع للالاف من اشجار الزيتون المثمرة التي تمتد باعمارها الى عشرات السنين كل ذلك بغية القضاء على مقومات الحياة في المنطقة واجبار من تبقى من سكانها على الهجرة ومغادرة ديارهم
الامر الذي يشكل انتهاكاً فاضحاً من قبل تركيا كدولة محتلة وتخلياً منها عن التزاماتها القانونية وضرباً منها بعرض الحائط لكل الواجبات المفروضة عليها وفقاً لاتفاقيتي لاهاي 1899- 1907
وكذلك لاتفاقيات جينيف الاربعة لعام 1949 وبروتوكولاتها الاضافية الملحقة بها لعام 1977 والتي ( حظَرت على دولة الاحتلال النقل القسري الجماعي او الفردي للاشخاص او تغيير من مناطق سكناهم الى اراضٍ اخرى تحت طائلة ارتكاب جرائم حرب )
اضافة ان احتلال تركيا لمنطقة عفرين الامنة يساهم في الاخلال بالسلم والامن العالمي ويفتح الابواب على مصراعيه لصراعات عرقية ودينية في المنطقة قد تمتد لدول عديدة ومن شأنها ان يُقوًض جهود المجتمع الدولي لايجاد حل سلمي للصراع الدموي في سورية
ايتها السيدات ايها السادة الكرام
ونحن على ابواب حلول الذكرى السنوية الاولى لليوم الاسود الذي يصادف 20/1/2018 حيث تاريخ بدء العدوان التركي الغاشم ضد منطقة عفرين وسكانها الامنين وماتبع ذلك من ارتكاب جرائم بشعة بحق الكورد في منطقة عفرين من قبل دولة الاحتلال تركيا ومرتزقتها من فصائل ما يسمى بالجيش الوطني السوري والتي ترقى الى مصاف جرائم ضد الانسانية وفق ما جاء في نظام روما الاساسي للمحكمة الجنائية الدولية لعام 1998 في موادها (6-7-8) وكذلك جرائم الابادة الجماعية التي نص عليها المادة /2/ من اتفاقية (منع جريمة الابادة الجماعية) التي اقرتها الامم المتحدة في 9 ديسمبر لعام 1948
جئنا ملتمسين وباسم الالاف من اطفال الكورد اليتامى وأمهاتهم الثكالى الذين يعيشون ظروف حياة معيشية صعبة سواء كان ذلك في ظل الاحتلال وممارساته وانتهاكاته اللا انسانية بحقهم في قرى وارياف منطقة عفرين او في مناطق ومخيمات النزوح في مناطق الشهباء حيث غضب الطبيعة ومخاطر الاوبئة والمجاعة , ومن خلال حضراتكم حكومة بلادكم وممثليها في الاتحاد الاوربي الموقر ومن منطلق مسؤولياتها في الحفاظ على السلم والامن الدوليين بالتدخل وممارسة الضغط على تركيا لانهاء احتلالها لمنطقة عفرين والانسحاب منها مع مرتزقتها من فصائل المعارضة السورية وايقاب ارتكاب جرائمها بحق السكان الامنين والسماح بعودة المهجرين قسراً الى ديارهم بشكل امن وسالم والسعي لاستصدار قرار دولي من مجلس الامن بوضع منطقة عفرين تحت الحماية الدولية وانشاء منطقة حظر جوي تشمل المناطق الشمالية من سوريا بغية ردع تركيا عن شن عدوان اخر على المناطق الكوردية الاخرى في شرق الفرات لحين ايجاد حل سياسي شامل للمشكلة السورية برمتها ومنعاً لارتكاب حروب ابادة اخرى بحق الكورد على شاكلة شنكال وحلبجة.
#16-01-2019#