#عوني الداوودي#
يقول الوزير جلال جوهر في حكومة إقليم كوردستان السليمانية والمسؤول عن ملف كركوك، التعريب سياسة قائمة للسلطات العراقية بشكل مبرمج منذ العام 1963، وخاصة في عهد النظام الحالي للعراق، وصلت سياسة التعريب أوجها للمناطق الكوردية، وخاصة لمدينة كركوك وخانقين، وكان المشرف على الدوام على هذه السياسات شخصيات تأتي مباشرة بعد صدام حسين وتأخذ أوامرها فقط من صدام ، فمن تاريخ الانتفاضة عام 1991 ولغاية 1- 1- 2000 وصلت العائلات المهجرة من كركوك وحدها إلى 15707 عائلة يبلغ تعدادهم 93257 إنسان، ومن 1 1 إلى هذه اللحظة أواخر عام 2000 ، هجرت مائة عائلة أخرى يبلغون 600 شخص، نخن نحاول مساعدتهم حسب إمكانياتنا لتوفير السكن المؤقت لهم في المجمعات الخاصة لهذا الغرض وإدخال أطفالهم المدارس، لكن هذا لا يحل المشكلة، وخاصة أن أعداد المرحلين والمهجرين في ازدياد مستمر، والحل هو بالدرجة الأولى ايقاف عمليات الترحيل القسري وسياسة التعريب.
وبدورنا نحاول دائماً فضح هذه السياسات واعلام المنظمات الإنسانية العاملة في كوردستان، وهم يبلغون ذلك إلى مراجعهم العليا، لكن الظاهر لم تستطع هذه المنظمات بما فيها منظمة الأمم المتحدة ايقاف حملات التهجير وسياسة التعريب.
واحدة من الأخبار المتداولة، هذه الأيام هو التخطيط لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في كركوك وضواحيها، إن صح ما يقال فأن المستقبل لا يبشر بالخير أبداً، وتنفيذ هذه العملية، هي بمثابة قنبلة موقوتة، ستنفجر في أية لحظة. ماذا ترمي الحكومة العراقية من هذه الخطوة؟ هل هو من أجل خدمة الفلسطينيين العرب؟ أم لتكملة تغيير الواقع القومي لمدينة كركوك؟ أم خدمة لإسرائيل وجلب انتباهها لدخول العراق في العملية السلمية؟ أم يريد تحقيق كل هذه الأمور مجتمعة؟
السيد مصطفى جاو ره ش: *
في مفاوضات عام 1984 بيننا الاتحاد الوطني الكوردستاني وبين الحكومة العراقية، لم نتنازل عن كركوك، ولم تكن هذه المدينة محل مساومة أبداً، وفي أدبياتنا وتوجّهاتنا كنا ولا نزال نؤكد على كركوك بأنها مدينة كوردستانية، وكما الفلسطينيون لا يساومون على القدس، نحن نعتبر كركوك هي قدس كوردستان، وليس من حق أي كوردي أن يساوم على كوردية مدينة كركوك، هناك وجود تركماني في المدينة، أما بالنسبة للعرب فهم أقلية، ويعتبرون ضيوفاً في هذه المدينة.
لكن الأنظمة العراقية المتعاقبة، وخاصة نظام صدام يمارس أبشع الأساليب من قتل وترحيل وتهجير لمحو الأثر الكوردي في المدينة، لكن في رأينا أن هذه السياسة سوف لن تنجح ولا تستطيع الوقوف أمام الثوابت التاريخية. لقد سخر النظام الحاكم في بغداد سابقاً، ماكنته الإعلامية للتمويه وبأساليبه الديماغوجية لتمرير سياسته الشوفينية هذه، لكنه يمارس هذه السياسة في الوقت الحاضر بشكل صارخ ومكشوف، حتى بات الكوردي في مدينته كركوك مسقط رأس آبائه وأجداده غريباً، يعامل معاملة سيئة للغاية، كمواطن درجة ثالثة.
إن المحاولات البائسة التي يقوم بها النظام لا تستطيع أن تمحي هوية كركوك الكوردية، وعدم تنازلنا عن كركوك ليس فقط من أجل وجود الثروة النفطية فيها وحسب ، وكما هو معروف وعلى مدى التاريخ بأنه حصلت حروب طاحنة بين مجموعات بشرية مختلفة حول قطعة أرض موطن الآباء والأجداد، فليس من حقنا، ولا من حق أي كوردي التنازل عن كركوك، ويجب مقاومة هذه الخطط المشبوه وسياسة التعريب، والاعتماد على قوتنا الذاتية بالدرجة الأولى، ذلك بأن نوحد صفوفنا بجميع الأحزاب الكوردستانية لاسترداد جميع المناطق المعربة من كوردستان وحتى لو لم نستطع ذلك في الوقت الحاضر، على الأجيال اللاحقة أن تستمر بالنضال من أجل ذلك، قدمنا آلاف الشهداء لإثبات هذه الحقيقة، ومستعدون لتقديم الغالي والنفيس من أجل هذه القضية المقدسة، وسيكون نضالنا حسب المراحل التي سنمر بها، ولا يأتي اليوم الذي سنتنازل فيه عن كركوك بإسم الكورد.
عرفان كركوكلي:
كما هو معروف إن النظام الديكتاتوري في بغداد مارس ولا يزال سياسة تعريب مدينة كركوك، وحسب معلوماتنا يحاول النظام وحسب خطة مبرمجة توطين الفلسطينيين في كركوك ليحلوا محل الكورد والتركمان، الفلسطينيون هم أيضاً ضحية لهذه السياسة الخبيثة، وأنهم أصحاب قضية، ومن الأفضل لهم التمسك بالعودة إلى أراضيهم في فلسطين، لكن النظام وبأساليبه يحاول توطينهم وتوزيع الأراضي عليهم، التي هي ملك الأكراد والتركمان، ويجب على الفلسطينيين أن يفكروا قليلاً، ويتساءلو، لمن هذه الأراضي؟
الأستاذ نوشيروان مصطفى:
توطين الفلسطينيين في كركوك يخدم النظام من عدة أوجه، أولاً إن الفلسطينيين هم من السنة، والأنظمة العراقية المتعاقبة على حكم العراق كانوا وعلى الدوام من السنة، وأنهم يُعتبرون أقلية مذهبية قياساً بالشيعة في العراق ، وخاصة إذا استثنينا الكورد السنة من نفوس العراق، وهذا يخدمهم للتوازن الطائفي في العراق تماشياً مع سياساتهم.
ومن جهة أخرى فإن سياسة توطين اللاجئين الفلسطينيين في كوردستان وهم غرباء عنها ، وتوزيع الأراضي عليهم وتوظيفهم، ومدهم بالمال والسلاح سيصبحون بشكل طبيعي جزءاً من النظام، وسيدافعون عن المصالح التي حصلوا عليها، وبالنتيجة هي مصالح النظام، وسيصبحون القوة الضاربة ضد أية محاولة للإطاحة بالنظام، وبالرغم من هذا وذاك هو دق الإسفين بين الشعبين الكوردي والفلسطيني، علماً بأن الكورد أصحاب فضل على الفلسطينيين، وذلك على مدى الحروب العربية الإسرائيلية، كانت الثورة الكوردية توقف إطلاق النار ولم تحارب الجيش العراقي، ليتفرغ لمهامه في المعركة، دافع الكورد ولا يزال عن الفلسطينيين سواء من خلال الإعلام أو تربية كوادره، بأن الفلسطينيين أصحاب قضية ويجب الوقوف إلى جانبهم.
وإن صح ما يقال وتم تنفيذ هذا المخطط الخبيث ووافق الفلسطينيون على أن يكونوا مادة لسياسة التعريب، إن دل على شيء، فإنه يدل على أن الفلسطينيين يريدون، رد الجميل بالنكران.
الدكتور محمود عثمان:
حسب معلوماتي إن خطة توطين اللاجئين الفلسطينيين في كركوك، صحيحة، وسمعت بها من عدة جهات، وفي اعتقادي أن هذه العملية يروج لها النظام العراقي بنفسه قبل الآخرين، والقصد الأساسي منها هو إيصال رسالة إلى أسماع الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، ليُفهمهم بأن العراق مستعد لتوطين مليون لاجئ فلسطيني، وذلك لرفع العبء عن كاهل إسرائيل في المفاوضات الفلسطينية الإسرائيلية حول عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، مقابل التفاته كريمة من جانب الولايات المتحدة وإسرائيل للنظام العراقي.
أما بالنسبة للفلسطينيين، فأنهم ينكرون وجود مثل هذه الخطة، لكن هناك بعض الأوساط أيضاً تفكر بذلك، والنظام العراقي لم ينكر لحد الآن رسمياً وجود مثل هذه العملية.
فما هي إذن جذور هذه القضية؟
أنا شخصياً على علم منذ أمد بالتخطيط لمثل هذه العملية، وأن أحمد زكي يماني وهو وزير النفط السعودي، تحدث منذ أعوام بوجود خطة من هذا النوع، وهو توطين نصف مليون لاجئ فلسطيني في العراق، هذا على سبيل المثال، ونشرت بعض الصحف أيضاً معلومات من هذا القبيل.
لكن واقع الحال، قبل حرب الخليج الثانية حرب تحرير الكويت كان يحق للفلسطينيين المتواجدين في العراق بأن يمتلكوا الدور والسيارات وأسباب العيش بشكل مؤقت، ومع اندلاع الحرب ألغي هذا القرار الذي كان معمولاً به، وأصدر العراق قراراً آخر وهو حق الفلسطينيين، امتلاك الدور والسيارات وما شابه ذلك بشكل دائمي.
وفي اعتقادي أن هذا القرار هو الذي وراء ما يقال، لكني قرأت بعض البيانات الصادرة من بعض الأحزاب الإسلامية التركمانية وفي أدبيات الاتحاد الوطني الكوردستاني، من أنه حدث فعلاً وصول بعض العائلات الفلسطينية، وتم إسكانهم في كركوك، لكنها ليست معلومات دقيقة على أية حال، لكن مثل هذا المشروع الخطر وارد في كل الأحوال، لأن النظام يمارس عملية التعريب منذ أمد طويل، ومثل هذه العملية تصب في خدمة عملية التعريب، وهناك هدف آخر من وراء هذه العملية، هو خلق عداء بين الكورد والفلسطينيين وهذا أيضاً يخدم النظام.
نحن مع السلام في الشرق الأوسط، ونتمنى أن يصل العرب وإسرائيل إلى اتفاق سلام، لكن أي سلام هذا إذا كان على حساب الكورد؟ أي أن يتم توطين الفلسطينيين في أراضينا. لكن، ما العمل؟ وماذا يجب أن نفعل؟ فعملية التعريب مستمرة على قدم وساق فلا فرق في ذلك إن كانوا فلسطينيين أو غيرهم ، فلهذا يجب أن نقاوم العملية من الأساس ونستمر في ذلك.
الدكتور فؤاد معصوم:
نعم هناك خطة لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في كركوك، إن موضوع استيطان الفلسطينيين في كركوك من المسائل الخطرة ولا يجب اغفالها والسكوت عنها، ومن الممكن أن يقول البعض أن هذا محض أقاويل، أقول لا، وحسب معلوماتنا ولدينا من الاثباتات والأدلة الكافية، لوجود خطة مبرمجة لتوطين الفلسطينيين في الأراضي الكوردستانية، وعلى سبيل المثال، قد تم فعلاً نقل بعض العائلات الفلسطينية الموجودة في بغداد إلى كركوك وخانقين، وهذه هي المرحلة الأولى من خطة متكاملة ومبرمجة، يحاول النظام تنفيذها، ويجب أن نسرع بالوقوف وبأقصى السرعة ضد هذا المشروع المشبوه، الذي يراد له تنفيذه على الأراضي الكوردستانية، وبدوري قمت بعدة لقاءات مع السفراء الفلسطينيين في أمريكا ولندن، وفي طهران أيضاً، وشرحت لهم أبعاد ما يخطط له النظام العراقي، وتدارسنا الوضع الخطير التي تمر بها المنطقة، وكان الموقف الفلسطيني إيجابياً، واستنكروا مثل هذا العمل، لأنها لا تضر بمصلحة الكورد وحدهم وحسب، بل بالقضية الفلسطينية أيضاً.
وفي نفس الوقت أبوا على أنفسهم كفلسطينيين أن يكونوا السبب في تشريد الشعب الكوردستاني بعدما ذاقوا هم بأنفسهم مرارة التشرد والإبعاد عن الوطن، ولهذا نطالب بدورنا القادة الفلسطينيين أن يعلنوا موقفهم بشكل رسمي ومركزي، كي لا يختلط الحابل بالنابل.
فالسؤال الذي يطرح نفسه: لماذا الفلسطينيين؟ وماذا يرمي النظام من وراء ذلك؟
النظام العراقي يحاول جاهداً تعريب هذه المناطق الكوردستانية الغنية بالنفط ، وقَطع أشواطاً كبيرة بهذا الخصوص، وفي السابق جلب الكثير من المواطنين العراقيين العرب، وتم توطينهم في كركوك، بهدف تعريبها لكن عندما انتفض الشعب الكوردي في العام 1991 وهاجموا كركوك، وحرروها، فرَّ غالبية هؤلاء إلى المكان الذي أتوا منه، تاركين وراءهم الأراضي والدور التي حصلوا عليها من النظام، وذلك لقناعتهم بأنها ليست أراضيهم، ولكن نتيجة الهجوم المضاد للجيش العراقي واحتلاله المدينة ثانية رجعت الأوضاع كما كانت عليه قبل الانتفاضة.
والآن يريد النظام جلب الفلسطينيين وتوطينهم في كركوك وخانقين، والخطة هي أن يتم توطين الفلسطينيين المتواجدين في العراق أولاً، ومن ثم اللاجئين الفلسطينيين المتواجدين في لبنان، ويرمي من وراء ذلك، أولاً تكملة تعريب ما تبقى من الأراضي الكوردستانية التي تحت يديه، وفي نفس الوقت استخدام هؤلاء الفلسطينيين كميليشيات مسلحة للدفاع عن النظام وسيرتبط مصيرهم بمصير النظام القائم، وذلك لعدم قدرة هؤلاء الفلسطينيين الرحيل والعودة ثانية من حيث أتوا، لذلك سيستمرون في الدفاع عن الأراضي والمصالح التي حصلوا عليها.
ولا يجب أن تغيب عن بالنا، النقطة الأهم في العملية، وهي مغازلة الولايات المتحدة الأمريكية وإسرائيل، وإيصال الرسالة التي تعني لهم الكثير، وهو حل إحدى المعضلات الرئيسية أمام الإسرائيليين في مفاوضات السلام الجارية بينهم وبين الفلسطينيين، وهي حق عودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم.
مقابل الإبقاء على النظام الحاكم، وعدم محاولة إزاحته من السلطة.
محمد بحر العلوم:
هناك مؤشرات في الوقت الحاضر، أن تُحل القضية الفلسطينية من خلال المفاوضات مع إسرائيل، وبالرغم من أني عربي ومسلم وأمثل إحدى الفصائل العراقية العربية المعارضة، أرفض مثل هذه الطروحات التي لا تساعد على حل القضية الفلسطينية والمسألة العراقية، يجب أن يتمتع اللاجئون الفلسطينيون بحق العودة إلى وطنهم فلسطين، ويجب علينا جميعاً أن نعمل بكل طاقاتنا، على أن يتمتع كل شعب بحق العيش في وطنه.
إن قبلنا بمثل هذه المشاريع المشبوهة، لماذا أذن نعتب على صدام الذي يشرد أبناء العراق ويهجرهم؟ وكما هو معروف، هناك حوالي أربعة ملايين عراقي مشرد في أرجاء المعمورة، ويجب علينا أيضاً أن ندافع عن حقوق الفلسطينيين وأبطال انتفاضة الحجارة، وأن نقول للعالم بصوتٍ عال يجب أن يتمتع اللاجئون الفلسطينيون بحق العودة والعيش على أرض وطنهم فلسطين، لا في البلدان الأخرى.
الدكتور مبدر الويس:
بعد هزيمة النظام في العام 1991 وإلى حد الآن يحاول النظام جاهداً من خلال ممثلي نظامه في الخارج كطارق عزيز، ونزار حمدون على سبيل المثال، إعادة العلاقات مع أمريكا وإرضاء إسرائيل بشتى السبل، وحصلت بالفعل عدة لقاءات واجتماعات بين ممثلي النظام وتلك الجهات، والصحافة الإسرائيلية نشرت تلك التفاصيل، فما هو الهدف من ذلك حقاً؟ يشعر النظام العراقي بأن اللوبي اليهودي في أمريكا يستطيع التأثير على القرار الأمريكي ولهذا السبب، يبادر النظام الحاكم في بغداد في كل مناسبة لمغازلة إسرائيل، واعادة الأمور إلى أوضاعها الاعتيادية، ومن ثم الشروع في المفاوضات، من أجل المصالحة والسلام مع إسرائيل، وإن إحدى الأوراق التي يلعبها النظام بهذا الخصوص هي حل معضلة اللاجئين الفلسطينيين في المفاوضات لصالح إسرائيل.
وقبل فترة من الزمن صرح وزير النفط السعودي أحمد زكي يماني في أحد المهرجانات الدولية في القاهرة بأن العراق على استعداد لتوطين اللاجئين الفلسطينيين في مناطق محددة في العراق، ومن ضمن تلك المناطق كركوك وبعض المناطق الحدودية مع إيران.
والهدف من هذا المشروع هو ليس حباً للفلسطينيين، لا أبداً، النظام العراقي يعتقد أنه بمثل هذا العمل سيرضي الغرب وأمريكا وإسرائيل، وذلك ليبقي على نظامه لعدة سنين أخرى في حكم العراق.
أنا كعربي أعتبر بأن هذا المشروع مشبوه وغير سليم. لماذا؟ لأنه يتنافى مع قرارات الأمم المتحدة وخاصة القرار 193 للعام 1947، الذي ينص على تقسيم فلسطين بين العرب واليهود وعودة اللاجئين الفلسطينيين إلى ديارهم، وفي نفس الوقت أن قرار العودة هو مطلب عربي وفلسطيني، وإسرائيل تجلب اليهود من كل بقاع العالم إلى أرض آباء وأجداد العرب وتوطينهم، لهذا عندما يأتي صدام ويحقق المطالب الإسرائيلية، يعتبر عمله غير مشروع ومشبوه، بالإضافة إلى ذلك فإن العرب ينددون بمثل هذا العمل وكذلك بالنسبة للمنظمات التي تدافع عن حقوق الإنسان.
علي زه نكنه: *
إن ما يحدث في كركوك من تغيير لواقعها القومي لا يخلتف من حيث الجوهر والأهداف عن سياسة الاستيطان التي تمارسها السلطات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين، هناك شبه كبير بين العمليتين. إن ما يجري من تغيير للواقع الديمغرافي لمدينة كركوك، لها عواقب وخيمة علينا في المستقبل بعد زوال نظام صدام، مثلما يقف المستوطنون حجرة عثرة أحياناً في بعض مراحل المفاوضات بين الفلسطينيين وإسرائيل، كذلك سيصبح الحال بالنسبة لنا في المستقبل بخصوص إزالة آثار التعريب.
وكما أن المستوطنين الإسرائيليين مذنبون بحق الفلسطينيين، فإن العرب العراقيين أيضاً مذنبون بحق الشعب الكوردي وليس النظام وحده المذنب، لأن الإغراءات المادية السخية التي بذلها النظام لهم هي التي كانت وراء نقل سجلات نفوسهم من مسقط رأسهم إلى كركوك، يعني الطمع المادي والمناصب التي حصلوا عليها كانت السبب في جعلهم أدوات لتنفيذ سياسة التعريب، وليس اعتباطاً جاءت تسمية هؤلاء (جماعة العشرة آلاف)1 من قبل سكان كركوك، وحتى من قبل المواطنين العراقيين العرب الرافضين لتلك السياسة المنافية لأخلاق العراقيين الطيبين من أبناء وادي الرافدين.
رفعت عبد الله: *
في محاذاة الشارع الرئيسي بين مدينة كركوك وقضاء دوبس، استحدث النظام في أواسط وأواخر السبعينات عدة مجمعات سكنية للعشائر العربية من وسط وجنوب العراق، وأطلق على تلك المجمعات أسماء مثل حيفا، يافا، القدس. يعني بالحرف الواحد، أراد النظام من تلك التسميات استحداث فلسطين أخرى على الأراضي الكوردستانية، بدلاً من فلسطين الأم للفلسطينيين، لهذا أرى بأن مشروع توطين الفلسطينيين ليس حديثاً، بل أنه مشروع قديم، لكن الظروف لم تكن ملائمة ولم تسنح الفرصة للنظام الحاكم في بغداد تنفيذ ذلك سابقاً، الظاهر وفي حسابات النظام يعتقد بأن الفرصة الآن مؤاتية لتنفيذ ذلك المشروع.
لا يزال النظام العراقي مستمراً في ترحيل وتهجير الكورد من كركوك، بشكل منظم، ونستقبل يومياً العائلات الكوردية المرحلة إلى المناطق المحررة التي تقع تحت سيطرة الإدارة الكوردية، وبدورنا نقدم لهم التسهيلات حسب إمكانياتنا المتواضعة، وإسكانهم في المجمعات التي أنشئت لهذا الغرض، وخاصة في مجمع صخرة الأبطال 2
--------------------------------------------------------------------------------
* دائرة العلاقات في الاتحاد الوطني الكوردستاني
* عضو المكتب السياسي ل P K I سابقاً
1 كان العراقي العربي الذي ينقل سجل نفوسه من وسط وجنوب العراق إلى كركوك يحصل على منحة مالية تقدر بعشرة آلاف دينار عراقي عندما كان الدينار يساوي 3 , 3 دولاراً فمن هنا جاءت تسمية هؤلاء بجماعة العشرة آلاف وعلى قطعة أرض سكنية مجاناً ، وحصوله على القرض العقاري بشكل روتيني بغية البناء ، وتوظيفهم في دوائر الدولة ليتمتع بالامتيازات التي تجعله سيداً على السواد الأعظم من الناس ضمن طبيعة النظام الذي كان يطلق العنان للموالين له كي يتجبروا ويمارسوا اضطهاد الذين يخالفون السياسات العنصرية للنظام الحاكم . ( المترجم )
* محافظ السليمانية
2 يطلق الأكراد على صخرة كبيرة نسبياً في مضيق بازريان القريبة من مدينة السليمانية صخرة الأبطال حيث وقع الشيخ محمود الحفيد أسيراً بالقرب من تلك الصخرة في محاربته القوات الإنكليزية التي زحفت لإسقاط الحكومة الكوردية التي كان قد أعلنها الشيخ محمود ، ومن ثم نفيه إلى جزيرة ( هنكام ) في الهند .[1]