دلشاد نعمان فرحان
كشفت دراسة اعدها باحث تناولت خطط ووسائل ترحيل وتهجير وتعريب الايزديين الى ان الحكومات العراقية منذ 1921 ولغاية 2003 كانت تهدف من وراء هذه السياسات ليس فقط تغير ديموغرافية مناطقهم بل الى تعريبهم وتشويه تاريخهم وانهائهم من وجودهم على اراضيهم .
الدراسة التي جاءت ضمن اصدارات مركز الدراسات الكردية وحفظ الوثائق في جامعة دهوك تناولت بالاسهاب ابرز الاساليب والوسائل المستخدمة في تعريب مناطق الايزديين والخلفية التاريخية لما تعرضت له مناطق تواجدهم في كوردستان الجنوبية منذ بداية القرن الماضي وما حصل من صراع بين الانكليز الذين اسسوا الدولة العراقية الحديثة والكورد بشكل عام والانكليز والايزديين بشكل خاص .
معاناة الكورد الايزديين في ظل الحكومات العراقية المتعاقبة 1921 – 2003 يستعرض مؤلفها دلشاد نعمان فرحان الحملات العسكرية التي شنت ضد الايزيدية من قبل الحكومات العراقية منذ الثلاثيات وصولا الى تسعينات القرن الماضي حيث اشتدت تلك الحملات جراء موقف الايزيدية ومشاركتهم في ثورة ايلول حيث يقول "ان اول حملة عسكرية عراقية جرت عليهم ( الايزيدية ) كانت في سنة 1925 حيث تم تسير قوة عسكرية كبيرة الى جبل شنكال تمهيدا لتنفيذ مشروع الجزيرة " ص 79 ،هذه الحملة التي كانت سببا في تهجير الايزيدية من قراهم واخلائها لاسكان العرب فيها ، مستعرضا موقف الايزيدية وتمرد داود الدواد زعيم الايزيدية في شنكال.
الدراسة التي تتناول العديد من الحملات والسياسات بالوثائق والادلة واستنادا الى مصادر علمية عديدة خاصة ما تعرض له الايزيدية من حملات تهجير وتعريب أبان الحكم الملاكي في العراق وخاصة اصدار الاحكام العرفية واصدار الاحكام في اكثر من ( 400 ) قضية واعدام تسع من زعماء حركة التمرد في شنكال بعد فشلها وجرح وهروب داود الدواد الى سوريا .
هذه المعلومات التي وردت متفرقة هنا وهناك جمعها دلشاد في كتاب يمكن اعتبارها اول دراسة وثائقية من نوعها تشير الى خطط الحكومات العراقية تجاه الايزيدية كانت تهدف تشويههم وتغير ديموغرافية مناطقهم وخاصة تلك السياسات في زمن حزب البعث.
الفصول والمواضيع العديدة للكتاب تصلح كل واحدة لان تكون دراسة بحد ذاتها ، فمن زحف العشائر العربية وبمساعدة الحكومة للسكن في مناطق الايزيدية في سنجار وشيخان منذ تأسيس الدولة العراقية وخاصة قرارات لجنة تصفية الاراضي التي عملت منذ 1940 – 1950 وكذلك تشجيع توطين العشائر العربية في المثلث الواقع بين اقضية شنكال- تلعفر والحضر هي مواضيع اول يكتب فيها .
حسب الدراسة التي اشار في مقدمتها ( أ . د عبد الفتاح بوتاني ) رئيس مركز الدراسات الكوردية وحفظ الوثائق في جامعة دهوك فانه " لم يكن للايزديين اية حقوق او امتيازات دينية في ظل الحكومات العراقية المتعاقبة خلال المدة ( 1920 -2003 ) وكانت تلك الحكومات تعاملهم كمعاملتها للكورد المسلمين ، بل اسوء أحيانا " ص7 .
ويضيف بوتاني في مقدمة الدراسة " انها ( الحكومة العراقية ) سجلتهم خلافا لرغبتهم عربا في احصائيات 1977 ، 1987 ، 1997 "
لذلك يقول عبد الفتاح ان " هذه الدراسة هي الاولى من نوعها في تسليط الضوء على محنة ومعاناة الكورد الايزيديين في ظل تلك الحكومات غير الديمقراطية"
ويشير انه و"لهذا السبب أرتأى المركز نشر هذه الدراسة بعد تدقيقها ومراجعتها ودعمها بالمعلومات وبالعديد من الوثائق خدمة للحقيقة التاريخية التي يجب على الجميع الحرص عليها".
لذا ليس من السهل تحديد المهم والاكثر اهمية في الدراسة حيث تشير بالتواريخ مثلا الى عدد القرى التي دمرت في حملات التعريب والتهجير التي قام بها حزب البعث مثلا بانه " تعرضت اكثر من ( 215 ) قرية ايزيدية خلال فترة الدراسة الى الترحيل والتدمير والتعريب ، منها مازالت معربة وغيرها لاتزال مدمرة واخرى سكنها الكورد المسلمون بعد تحريرها من العرب تحت حجج وذرائع متنوعة"ص111
الدراسة التي جاءت مدعمة بالوثائق والكتب الرسمية التي كانت تهدف الى تشويه تاريخ الايزيدية في الحركة التحررية الكوردية او التي تهدف الى تعريبهم وترحيلهم حملت ايضا وثائق على اصدار الاحكام على المئات بمصادرة اموالهم المنقولة وغير المنقولة او مصادرة دورهم وممتلكاتهم او ترحيلهم عنوة كما حصل في سنجار وشيخان حسب ماذهب اليه دلشاد نعمان في دراسته هذه.
الدراسة التي لخصت جملة من السياسات التي انتهجتها الحكومات العراقية المتعاقبة ضد الكورد الايزيدية اعتبرت ذلك بانه يدخل في باب "ان عمليات تعريب مناطق الايزديين اكتسبت استراتيجية مهمة ، بهدف تقليص حدود كوردستان العراق ومحاصرتها وبالتالي الوصول الى عمق كوردستان "
من هنا وحسب الدراسة فان " الحكومات العراقية استخدمت كافة الوسائل السياسية والعسكرية والاقتصادية للسيطرة على هذه المناطق ومن ثم جلب القبائل العربية اليها وتشجيعها الاستيطان فيها "
الى جانب ذلك تخرج الدراسة بوضوح الى ان " الحكومات العراقية المتعاقبة حاولت تشويه الهوية القومية للكورد الايزديين واعتبرتهم عربا ، مع انها كانت تنتهج في تعاملها مع الايزديين وخفية عين التعامل الذي كانت تسلكه مع بقية الكورد"
بقي القول انه وعلى ضوء ما خرجت به الدراسة من نتائج عن ممارسات الحكومات العراقية المتعاقبة فانها تشير بوضوح الى اشتداد تلك الممارسات في النصف الثاني من القرن الماضي حيث كانت تصر على ان الايزيدية ليسوا اكردا بل هم من اصل عربي وانهم من الناحية الدينية ليسوا سوى فرقة من المسلمين التي انشقت عن الاسلام وان عليهم العودة الى حضيرة الاسلام"ص145 .
وتستعرض الدراسة التي رغم حاجتها الى الكثير من المراجعة وخاصة كي تتلائم والواقع الحالي من تقسيمها الى اكثر من دراسة مستقلة ، تستعرض الاجراءات التي اتبعتها الحكومات بحق الايزيدية من اسكانهم في مجمعات قسرية او اقامة جوامع فيها ورفض تعليمهم باللغة الكوردية رغم انها لغتهم الام ولغة نصوصهم الدينية ضمت العديد من القرارات التي كانت تهدف تطبيق هذه السياسات ايضا ، اي انها – الدراسة – هذه رغم انها كانت ستكون اكثر اهمية لو صدرت قبل فترة توضح اهمية تطبيق المادة 140 من الدستور العراقي لانها تحافظ على وحدة لايزيدية ، حيث عانوا الكثير بسبب موقعهم الجغرافي لانهم كانوا الخط الفاصل بين اقليم كوردستان والاقليم العربي.
ويشير دلشاد ان الدراسة هي في سبيل تسليط الاضواء على بعض الجوانب المعتمة والمهمة من تاريخ الشعب الكوردي بشكل عام والكورد الايزديين بشكل خاص .
بقي ان نشير ان كتاب ( معاناة الكورد الايزديين في ظل الحكومات العراقية المتعاقبة1921 – 2003 – دراسة في خطط ووسائل ترحيل وتهجير وتعريب الايزديين ) تقديم ومراجعة أ. د . عبد الفتاح علي البوتاني من اصدارات مركز الدراسات الكوردية وحفظ الوثائق التابع لجامعة دهوك هي اول دراسة تحوى هكذا معلومات يتم جمعها وتدوينها وتوثيقها عن ترحيل وتعريب وتهجير الايزيدية في العراق