د. زينب الجلبي
کان المؤرخ الراحل زبير بلال اسماعيل (1938 – 1998م) يعتز أيما اعتزاز بالقلعة التي ولد ونشأ فيها وکان خبيرا بتأريخها وثقافتها وحياتها الأجتماعية و سيرالعلماء والأدباء والشعراء الذين أنجبتهم هذه القلعة الشامخة ، حيث کان يعرف کل الأسر الذين سکنوها منذ مئات السنين ، بل انه أعد شجرة لکل عائلة بارزة فيها . وکنت عندما أصغي الى کلماته الهادئة الرزينة بصوته العذب الرخيم وهو يتحدث عن تأريخ القلعة وسکانها ، کان يخيل اليً أنه موسوعة حية تضم کل ما يخص قلعة أربيل في الماضي والحاضر وتصيبني الدهشة من غزارة معلوماته ودقتها ، وکأنه يقرأ قي کتاب مفتوح أمامه . وکان عشق القلعة يسري في دمه ، لأنه کان خير من يعلم عظمة هذه القلعة ، التي وقفت صامدة أمام الرياح العاتية وأطماع الغزاة عبر آلاف السنين .
وقد حدثني الشاعر الشهيد مهدي خوشناو أنه أستشار مؤرخنا الجليل حول رأيه في اقامة جدارية تذکارية للأديب و الصحفي المشهور المرحوم (کيو موکرياني) في المکان الذي کانت تشغله مطبعة الأخير في أحد الدکاکين عند سفح القلعة ، وکانت من الدکاکين التي ازيلت في اوائل سبعينات القرن المنصرم عند توسيع الشارع الدائري المحيط بالقلعة . وقد ذهبا (الشاعر والمؤرخ) معا لمعاينة مکان اقامة الجدارية .
في البداية کانت الفکرة أن تستقطع عدة أمتار من اسفل جسم القلعة لهذا الغرض . وقد رحب مؤرخنا بالفکرة وأبدى اعتزازه بالخدمات الکبيرة التي اسداها الراحل الکبير (کيوموکرياني) للشعب الکوردي وثقافته و قال للشاعر الشهيد : " عندما يستقطع شيء من جسد القلعة أحس وکأن جزءاً من جسدي يستقطع بالسکين ، لذا رجائي ان لا يبالغ في قطع جزء کبير من جسد القلعة بل على قدر ما يلزم للجدارية المقترحة وفي کل الأحوال ، ان لا يزيد عمق القطع عن متر واحد . وقد عمل الشاعر الشهيد – وکان يشغل منصب نائب محافظ أربيل ، أضافة الى کونه رئيسا لأتحاد الأدباء الکرد - برأي المؤرخ الراحل وتم تنفيذ الجدارية على نحو لا يؤثر على جسد القلعة العتيدة .
وفي عام 1996 عندما أرادت السلطات المحلية تنفيذ مشروع اعادة يناء مجموعة من الدکاکين في سفح القلعة بأستقطاع عدة أمتار من محيط جسد القلعة أو بتعبير أدق اعادة بناء الدکاکين التي ازيلت في اوائل السبعينات عند توسيع الشارع المحيط بالقلعة -وکان مؤرخنا قي ذلک الوقت عضوا في (هيئة انقاذ قلعة اربيل)، قام بأعداد دراسة علمية ضافية عن القلعة المذکورة لتقديمها الى السلطات المختصة لبيان خطورة المساس بجسد القلعة وآثاره السلبية على أبرز أثر تأريخي في کردستان ، وعلى اثر ذلک تم غض النظر عن المشروع .
وللمؤرخ الراحل دراسات کثيرةعن القلعة منها :
1 – قلعة اربيل ، جريدة التآخي ، العدد 498 في 29 تموز 1970
1 – معالم تأريخية في أربيل ، مجلة بلدية أربيل ، العدد(4 – 5) السنة الأولى ، کانون الثاني وشياط 1971، ص 83 – 84
3 – الجامع الکبير في قلعة اربيل ، مجلة شاندر ، العدد 2 ، 1997
4 – الفصول المکرسة لقلعة أربيل ضمن کتابيه " أربيل في أدوارها التأريخية " النجف الأشرف ، 1971 و " تأريخ أربيل" ، أربيل 1999
5– کما وردت معلومات جديدة واسعة عن القلعة ضمن الدراسة المعنونة " الکفاح عبر الزمن ومعاناة لاتنتهي " جريدة (الاتحاد) الاعداد، 104، 105، 106، 107، 110، بين 05-11-1994 و 17-12-1994).