بهزاد بامرني
٧-٥-٢٠١٥
ثلاث من كبار قياديي حزب الدعوة الاسلامية شغلوا منصب رئاسة الوزراء في العراق واحدا تلو الاخر منذ مطلع ابريل - نيسان من العام ٢٠٠٥ والى يومنا هذا.
وذلك بدءا بابراهيم الجعفري، وما تركه من انطباع جيد او ردئ خلال فترة تسلمه السلطة رغم قصرها.
مرورا بنوري المالكي، الذي توهم انه ملك البلاد والعباد، ليحلق بطائرته الخاصة حيث يشاء. الا اللهم ان كان يطارد الجيوش الفضائية، او يبحث عن صفقات الاسلحة الموهومة، وربما ليقصف المسؤولين عن مجزرة سبايكر مثلا و ....
وصولا الى حيدر العبادي، الذي سيعبد الطريق بلا شك لرفيق اخر من رفاق حزبه، عملا بسنة سلفيه الصالحين من قبل.
فهل سيبقى العراق تحت رحمة سيف الحزب الواحد حتى بعد سقوط نظام صدام حسين ؟!!...
واين ذهبت اصوات باقي المشاركين في العملية السياسية في العراق يا ترى ؟!!...
الظاهر ان الحس الديني العقائدي من جهة، كون حزب الدعوة ذا صبغة اسلامية شيعية.
بالاضافة الى غياب الامن وتدهور الوضع الاقتصادي، وذلك بسبب تفشي الفقر والبطالة والفساد الاداري و …. من جهة اخرى.
والاهم من الكل، كون باقي مكونات العملية السياسة برمتها مما هو خارج خيمة حزب الدعوة الاسلامية، وبغض النظر عن مسمياتها. تفتقر الى المصداقية في تمثيلها للرغبة العراقية الحقيقية.
فهي لا تتعدى كونها اسماك صغيرة تقتات على ما يتطاير من بين اسنان الحوت الاكبر، الحزب الحاكم وهو يلتهم بشراهة بدن العراق ارضا وشعبا.
الاسباب اعلاه وغيرها تمخضت مجتمعة عن ولادة مثل هذه التركيبة السياسية المشبوهة والمشوهة، حيث توافد الحشود الى صناديق الاقتراع في موسم حصاد نتائج الانتخابات لصالح الحزب الحاكم، باعتبار ان من يملك الخبز يملك القرار.
والذي يدعو للقلق اكثر، هو حتمية اتجاه العراق نحو الدكتاتورية، فيما لو استمرت الامور على هذا المنوال لا سمح الله.
حيث غياب المنافس الحقيقي الذي يعكس طموح وتطلعات الشعب العراقي، ويكشف الاوراق عند الضرورة، ولا يخاف في الله لومة لائم.
وهنا تجدر الاشارة الى هاتين الملاحظتين.
الملاحظة الاولى، هي ان القول بافتقار باقي فصائل العملية السياسية العراقية الى ثقة الشعب، لا يعني لا من قريب ولا من بعيد تمتع حزب الدعوة الاسلامية بتلك الروح والثقة الوطنية التي تمنحه الشرعية، وتؤهله لقيادة سفينة العراق والوصول بها الى بر الامان.
بل يبقى مفروضا على الشعب العراقي، حاله حال البقية الباقية من اطراف العملية السياسية ممن يتبادلون الادوار بين البرلمان، ورئاسة الجمهورية والوزارات، وباقي الحقائب الحساسة و….
فهم جميعا لا يرقون باي حال من الاحوال الى مستوى طموح الشعب العراقي، لعجزهم عن سماع صوته، وبالتالي استحالة القدرة على مشاركته في همومه واحزانه.
غاية ما في الامر وكما تقدم، ان هنالك عوامل كثيرة عقائدية، فكرية، اقتصادية، صفقات ومساومات، بل وحتى تدخلات اقليمية ودولية ولو من باب تصفية الحسابات و..... ساعدت مجتمعة على ابتلاء العراق والعراقيين بمثل هذه الحثالة من البشر، وللاسف.
الملاحظة الثانية، هي ان انتقاد حزب الدعوة، لا يعني ابدا ان الاخرين سيبقون في مناى بعيدا عن النقد وحتى النقد المضاد، وانهم نازلون من السماء معصومون منزهون عن الخطا.
بل الكل وبلا استثناء ممن انتحل مهنة السياسة في عراق اليوم هو مجرم، قد تلطخت يداه بدماء الشعب العراقي شاء ام ابى، ولا فرق في ذلك على الاطلاق بين ال… الاسود والابيض منهم.فكلهم في حضيرة واحدة.
لنتامل في سكوت الجميع عن الحق، بغض النظر عن حجم ذلك الحق ومدى تاثيره، فالحق حق والباطل باطل، والساكت عن الحق شيطان اخرس.
ولناخذ على سبيل المثال ذلك الفرق الشاسع بين رواتب، مخصصات، ايفادات وماموريات وحتى مكافئات، واخيرا حمايات و …. المسؤولين السياسيين من الدرجة الاولى ومن دونهم، وما بين دخل المواطن العراقي البسيط الذي قد لا يملك قوت يومه.
فهل يمكن العثور على ولو سياسي متنفذ شريف واحد، لو كان فيهم من يتمتع بشئ من الغيرة ولا اظن ذلك. ليتجرا ويقف بوجه هذه الطبقية المقيتة، والتوزيع الظالم لثروات الشعب، استنادا الى نوع الكرسي الذي يقع بيد هذا الشخص التافه او ذاك !!...
وهل نسوا تلك الايام حين كان خيرتهم تائها في شوارع طهران ودمشق ولندن وباقي المدن الاوربية !!...
لا شك ان كل برلماني يعرف ما يقترفه البرلماني الاخر الذي يجلس الى جانبه في اجتماعات البرلمان الصورية بحكم استغلاله لموقعه وامتيازاته و ….
لكنه لا يجرؤ على ان ينبس ببنت شفة، خوفا من ان ياتي دوره وتنفتح حينئذ بوجهه ابواب جهنم لكثرة ملفات اجرامه وفساده هو، فقد ينقلب السحر على الساحر.
ونفس الكلام ينطبق بحذافيره على رواد باقي مؤسسات الدولة الحساسة، مكتب رئاسة الجمهورية وتوابعها، رئاسة الوزراء والحاجب المقرب، وحتى باقي الحقائب الوزارية ولو من الدرجة الثانية و ....
بل حتى ذلك الغزل الدبلوماسي الحقير، حينما يتحدث احد المسؤولين عن حالات الفساد المستشري و … ويلمح الى امتلاكه لاسماء ووثائق و ...لكنه يختم قوله بعبارة : لا اريد ان اضطر لذكر الاسماء و ….
فقد شهدنا مثل هذا الاسلوب المرفوض على لسان اكثر من مسؤول وفي اكثر من مناسبة، منهم في الاونة الاخيرة المراة الحديدية تاتشر العراق.
هذا بحد ذاته يعد جريمة واستهزاءا بمشاعر العراقيين واحاسيسهم.
والا فما معنى ان يمتنع صاحب الانا عن فضح المجرم والسارق والمختلس بل وحتى القاتل و .... ويتحاشى عن ذكر اسمه صراحة.
وهل حقا ان المسؤول العراقي ايا كان، يتمتع بهذا المستوى الاخلاقي الرفيع، والالتزام الديني الذي يردعه عن التعرض لعيوب الاخرين ؟!!...
ام انه يخشى على نفسه من اليوم الذي قد يتم فيه تبادل الادوار.
قال تعالى : ( وتلك الايام نداولها بين الناس …….. ).
يقول الامام علي ( ع ) : ( اعلم ان الدهر يومان، يوم لك ويوم عليك، فان كان لك فلا تبطر، وان كان عليك فاصبر، … فكلاهما زائل ! ).
ختاما اعيد الى الاذهان ذلك التعبير الرائع للكاتب الامريكي الساخر مارك توين، وهو يصف السياسيين، حيث يقول :
السياسيون مثل حفاظات الاطفال يجب تغييرهم باستمرار …. لنفس السبب.
وانا اضيف، لقد ان الاوان لتنظيف العراق وتنقيته وتعقيمه من كل الجراثيم والمفردات التي من شانها اعادة تلك الذكريات الاليمة الى الذاكرة العراقية المنهكة اساسا لعقود وعقود.
وذلك من قبيل مصطلح الحزب والمنظمة والفرع و …. بل وحتى بعض الالقاب من قبيل الدكتور، العلامة، دولة سيادة، او حتى سيادة فلان و ...
يقول جورج اورويل، صحفي وروائي بريطاني ( ١٩٠٣ - ١٩٥٠ م) :
لغة السياسة تم تصميمها لتجعل الكذب يبدو صادقا، والقتل محترما.
:::::::::::::::::
بهزاد بامرني
٧-٥-٢٠١٥