دراسة ميدانية لعينات من القری والمدن الکوردية في محافظة الحسکة
إشراف: د.آزاد أحمد علي
مرکز رووداو للدراسات
أيار 2017
إعداد :شفان إبراهيم
الفهرست
1) مقدمة
2) منهج العمل
3) مصاعب العمل
4) جدول يبين الإحصائيات
5) دراسة وتحليل الإستبيان
6) التأثيرات المتبادلة لعملية الهجرة
7) تلخيص وتمثيل النتائج بيانياً
8) نتائج عامة علی ضوء الاستبيان
9) مقترحات علی ضوء نتائج البحث
أولاً: مقدمة
تُعتبر الهجرة من أکثر الظواهر التي تتکرر في حياة البشر، رغبة من الجميع في الحصول علی الحياة الکريمة والعيش باحترام وحرية، ولم تتوقف موجة الهجرة خلال التاريخ البشري الحديث، سواء في الظروف الاعتيادية أو الاستثنائية، فقد کانت الجماعات أو الأفراد يتنقلون من مکان إلی آخر ومن بلد إلی آخر بحثاً عن ملاذ آمن أو عمل أفضل.
عادة ما تُرافق النزاعات والحروب موجات هجرة کبيرة، سواء خوفاً من الموت بين رحی الأطراف المتحاربة، أو خوفاً من عمليات الانتقام، أو هرباً من الوضع الأمني والرغبة في الحفاظ علی حياة الأطفال والنساء، ولعل موجات الهجرة خلال الحربين العالميتين شکلت بداية جديدة من آليات التعاطي مع المهاجرين، کما شکلت موجة النزوح الکبيرة للکورد في کوردستان العراق في بدايات التسعينيات من القرن الماضي انعطافاً جديداً بالنسبة للکورد، لما رافقه من تبني دولي للحقوق الکوردية سياسياً.
في کوردستان سوريا حتی ما قبل 2011م کان المجتمع الکوردي يعاني من حالتين مرکبتين للهجرة، الهجرة إلی الداخل السوري نتيجة مراسيم وقرارات مجحفة بحق الکورد، بحثاً عما يسد رمقهم، وهجرة ثانية کانت من الريف إلی المدينة ساهمت في توسيع نطاق الطبقة الوسطی، التي کان يمکن أن يکون لها مشارکة واسعة في اتخاذ القرارات السياسية، ولکن بعد عسکرة الانتفاضة السورية، وتداخل الأحداث، فضلاً عن تقاطع وتعارض مصالح الدول والجهات والأطراف المهيمنة في الموضوع السوري، تغيرت موازين القوة وتشعبت المسارات، رغبة من جهات عديدة في تفريغ المنطقة الکوردية، ساهمت هذه العوامل في المحصلة بتشجيع هجرة أعداد ضخمة من أبناء الشعب الکوردي من مناطقهم الأصلية، سواء في الأرياف أو المدن.
لکن نمطية الهجرة في کوردستان سوريا أخذت منحاً آخر، حيث لا تزال المناطق الکوردية مقارنة بباقي مناطق سوريا، تعيش حالة نسبية أفضل، وعلی الرغم من ذلک فإن موجات الهجرة تکبر وتزداد لأسباب ستُذکر لاحقاً، لکن الغريب في الأمر هو حالة الاستسلام الکبيرة التي عاشها الفرد الکوردي خلال الأعوام الثلاث الأخيرة، وتقبله فکرة الاستغناء عن کل ما عمل لأجله طوال حياته، في سبيل الظفر بخيمة في أحد مخيمات اللجوء، ما يعکس هشاشة عمل مختلف الجهات، خاصة السياسية في زرع فکرة التشبث بالأرض، وإن کانت المعطيات تشير إلی حالة اليأس وانعدام الثقة بمختلف الأطراف، لکن نوعية وکمية موجهات الهجرة، خلقت جرحاً لن يندملّ في المجتمع والوجدان الکوردي معاً.
ثانيا:منهج العمل
تُعد البحوث والدراسات السابقة من أهم شروط نجاح البحث العلمي المبني علی قواعد متينة، خاصة إذا تم الاستناد عليها وتبيان مکامن الخلل والنجاح فيها، کذلک کشف نقاط القوة والضعف في الدراسات السابقة، محاولة تطويرها والبناء عليها، لکن وبسبب عدم توافر أبحاث سابقة تعنی بهذا الموضوع من جهة العمل الميداني، البحث والاستکشاف، فإن هذا البحث سيکون استکشافياً ويعتمد علی المنهج الکمي، عن طريق اعتماد الدراسات الميدانية واستبيانات المقابلات الشخصية، أخذ عينات عشوائية لتغطي الدراسة أکبر مساحة ممکنة، لإلقاء الضوء علی الحالات المختلفة، وبالتالي تأمين أکبر دقة ممکنة في تحديد نسب الهجرة وأسبابها، سواء من الريف أو المدينة ليتم بدلالتها الوصول إلی مؤشرات واضحة وواقعية، لقد تم تنظيم نتائج الإحصاء في جدول خاص، ورسم مجموعة من المخططات التي توضح النسب المؤوية للهجرة والأسباب المؤدية إليها والدول الأکثر رغبة في الهجرة إليها.
ثالثا: مصاعب العمل
ککل عمل لا بد أن يواجه جملة من المعضلات والصعوبات، کان في مقدمتها اشتراط الغالبية العظمی من المستهدفين عدم ذکر أسمائهم سواء في البحث أو لاحقاً، إضافة إلی طرحهم لسؤال مکرر، هل سنحصل علی سلة غذائية کنتيجة لهذا الإحصاء؟ مما سبب لنا إحراجاً کبيراً.
الصعوبة الکبری التي واجهت البحث تمثلت في عدم توافر أي أبحاث سابقة، أو نتائج لدراسات قديمة عن الهجرة في المنقطة، يُمکن الاعتماد عليها أو الإنطلاق منها، وعدم قدرتنا علی الحصول علی أي إحصائية رسمية لعدد السکان الکلي في المناطق المستهدفة في الاستبيان، لنقارن العدد الفعلي للسکان مع العدد المتبقي، عدا عن بطء العمل لأسباب مُختلفة.
جدول رقم (1) يوضح عدد الأفراد المهاجرين من العدد الکلي الذين تم استهدافهم، تفاصيل لأسباب الهجرة وأعمار المهاجرين، دول اللجوء.
الجدول1.docx
رابعاً: دراسة وتحليل الاستبيان
شملت الدراسة الميدانية (100) عينة – عائلة، أخذت بشکل عشوائي في مناطق ريف قامشلو منطقة سنجق، وفي مدينة قامشلو حييّ الهلاية في غربها، حي العنترية في شرقها، وکذلک عائلات من مدينة عامودا.
تم الاستنتاج الأولي بأنه يمکن تقسيم الهجرات إلی ثلاث شرائح زمنية:
• شريحة هاجرت نتيجة فقدان الأمن في بداية الأحداث السورية من الداخل السوري.
• شريحة هاجرت نتيجة توتر الأوضاع والخلافات السياسية وعدم بلورة مشروع کوردي جامع يوفر الأمان ويؤمن بعض الحقوق الکوردية في المناطق الکوردية.
• شريحة هاجرت بشکل رئيسي نتيجة تطبيق قانون التجنيد الإجباري واجب الحماية الذاتية.
وکنتيجة رئيسية ثانية تبين أن الهجرات متنوعة ومتباينة بحسب نوعيات المهاجرين أنفسهم، بمعنی حسب طبيعة مشاکلهم وبالتالي دوافع الهجرة.
لقد عانت المناطق الکوردية قبل بدايات الأحداث والصراعات الراهنة في سورية من حالات عدم استقرار في الترکيبة السکانية، نتيجة حالات الهجرة المستمرة إلی الداخل السوري أو إلی أوروبا، بسبب الضغوطات والمراسيم والقرارات المجحفة بحق الکورد وتضييق الخناق بشکل مستمر علی المشاريع الاقتصادية وموارد العيش والأرزاق التي کان الکورد يعتمدون عليها، خاصة أبناء الريف کنتيجة مباشرة لسوء الموارد الزراعية وشح المواسم.
ومع ذالک لم تکن الهجرة بذات المقياس أو المؤشرات التي آل إليها وضع الهجرة الکوردية بعد عام2011م، علماً أنه مع بدايات التظاهرات في المناطق الکوردية، ونتيجة تدهور الأوضاع الأمنية والمعيشية في الداخل السوري، خاصة في مناطق درعا وريف دمشق وحمص، فقد بدأت الهجرة العکسية للکورد من مختلف المحافظات السورية إلی المناطق الکوردية، بغية الاستقرار فيها والعمل علی إقامة مشاريع صغيرة أو تأمين عمل يلبي حاجاتهم.
لقد ساد الاعتقاد لدی الغالبية أن الوضع الأمني والعسکري والسياسي سينتهي خلال أشهر قليلة، لکن مع تطور الأوضاع نحو الأسوأ وانحسار المظاهرات وتزايد عسکرة الثورة السورية، فقد توزعت مناطق النفوذ في الساحة الکوردية، رافق ذلک موجة من الغلاء وفقدان مقومات المعيشة بأبسط حالاتها، کلها دفعت إلی التفکير بالهجرة بشکل جماعي، ومع فتح الحدود بين غرب وجنوب کوردستان واستقبال إقليم کوردستان العراق لکل من يرغب بالعمل، ولجوء العساکر الکورد المنشقين من الجيش السوري إلی إقليم کوردستان، بدأت وجهة جديدة للهجرة الکوردية نحو الإقليم، وفتحت بوابة کبيرة لتلقي موجات الهجرة، سواء بسبب رغبة الأهالي في زيارة أبنائهم المنشقين، أو الرغبة في العمل، أو اللجوء إلی الإقليم والإقامة فيه.
هذه المرة لم تقتصر الهجرة علی أبناء الريف وحدهم، بل شملت الجميع بمن فيهم العائدين من هجرتهم في مناطق الداخل السوري، حتی أصبحت الهجرة ثلاثية المصدر: أبناء الريف، وأبناء المدينة، والمجموعات التي کانت مهاجرة سابقاً إلی الداخل السوري طلباً للعمل، فتراکبت موجة الهجرة من ثلاث مصادر نحو إقليم کوردستان، ونسبة أخری إلی ترکيا.
خامساً: موجات الهجرة اعتماداً علی الأسباب الاقتصادية والمعيشية
a) موجة الهجرة الأولی کانت في فترة فقدان المواد والمستلزمات الغذائية والغاز ومختلف وسائل الطاقة والشح في المياه والمحروقات، هذه الأخيرة أثرت بشکل مباشر وکبير علی أغلب الأعمال اليدوية والصناعية والزراعية واليومية والمهنية الحرة، مما دفع بآلاف من العمال والفلاحين إلی الهجرة لانقطاع مصادر رزقهم بشکل مباشر.
b) الدفعة الثانية من المهاجرين کانوا من الفئة المثقفة وحملة الشهادات الجامعية، لتدني قيمة معاشاتهم، وتدهور مستوی معيشتهم وغياب فرص العمل لخريجي الجامعات والمعاهد الجدد، وأظهر تحليل نتائج الاستبيان أن النسبة الأکبر من هذه الفئة کانوا من منطقتي عامودا والريف جنوب شرقي قامشلو، ما أثر بشکل مباشر علی الترکيبة الهرمية لفئة الشباب في الوسط المجتمعي، وأثر بشکل مباشر علی التوازن ضمن الطبقة الوسطی، في حين کانت طبقة الذين لايحملون شهادات أو حملة الشهادات ما دون الجامعية أکبر الأعداد من حيّ الهلالية غرب قامشلو والعنترية شرق قامشلو، کحيين فقيرين، علماً أن قسماً من السکان المتبقين في هذين الحيين هم أعضاء في جهاز الأسايش أو قوات حماية الشعب أو موظفين لدی الإدارة الذاتية، فقد توفر لهم بذلک مصدر للعيش.
سادساً: التأثيرات المتبادلة لعملية الهجرة:
1. انعدام التوازن بين الأجيال بسب الفراغ الحاصل لدی فئة الشباب في المنطقة حيث أن أکثر من نصف المهاجرين هم من فئة الشباب ما خلق جيلين متباعدين، فئة الکبار والصغار فقط، في ظل غياب غالبية شريحة الشباب.
2. انهيار الطبقة الوسطی بسبب هجرة الشباب والمثقفين والجامعيين والموظفين، المهندسين والأطباء.
3. انکماش الطبقة البرجوازية أو الأغنياء الکورد، نتيجة انحسار الأعمال والتجارة، واحتکار ما تبقی منها بيد فئات صاعدة لم تؤسس لا لنظام اقتصادي يمکن أن يعيل الشعب ولا إفساح المجال أمام أي فئات أخری للعمل ضمن جماعات اقتصادية مغلقة، أو فتح مشاريع اقتصادية يمکن أن تدر علی المنطقة أرباحاً وتساهم في الإبقاء علی الأجيال والأهالي، والمساهمة في منع الهجرة.
کان يمکن للمنطقة الکوردية أن تنتعش عبر الاستفادة من الخزان البشري الهائل، وخاصة فئة الشباب المستعد للعمل في سبيل خدمة المجتمع، لکن عدم الوقوف بجدية علی مطالب الأهالي وعدم تأمين حاجاتهم الناتجة عن موجات الغلاء المتزايدة، واحتکار فئات معينة لأغلب المواد، کذلک تکرار عمليات الانفجار والخطف، سببت کل هذه العوامل من الرعب والقلق، کما زاد الأمر سوءاً وتعقيداً الاشتباکات المتکررة بين قوات الحماية الشعبية والأسايش مع الجهات الأخری.
هذه الظروف وفرت الأرضية وهيأت العوامل النفسية للأهالي لقبول العيش في مخيمات اللجوء في کل من ترکيا وکورستان، أو الهجرة عبر بلمات الموت إلی أوربا، لقد فروا من واقع الحياة والمعيشة القاسية في موطنهم الأصلي.
• سابعاً: تلخيص وتمثيل النتائج بيانياً
المخطط رقم (2) عدد الأسر المستهدفة ونسبة الذکور إلی الإناث المهاجرين
الجدول2.docx
في هذا المخطط يبدوا واضحاً أنه من أصل (822) شخص، هم مجموع أفراد الأسر المئة (100) التي تمت دراستها، هاجر (414) شخص، منهم (281) ذکر و(133) أنثی، بالتالي نسبة الهجرة تعادل 50.04%
المخطط رقم (3) أجمالي عدد الأسر المهاجرة وغير المهاجرة
الجدول3.docx
من مجموع الأسر (100) التي تم استهدافها، عانت (94) أسرة من موضوع الهجرة وهاجر أفرادها بنسب وأعداد مختلفة، مقابل (6) أسر فقط لم يُهاجر منها أحد.
الُمخطط رقم (4) يبين أسباب الهجرة
الجدول4.docx
يبين تحليل الأرقام أن نسبة (49%) من المهاجرين هاجروا بسبب الفقر والبحث عن تأمين مستقبلهم، نسبة (39%) من المهاجرين هاجرت بسبب الخشية من الوضع الأمني، وهرباً من التجنيد الإجباري، خاصة في ظل تعدد الأطراف التي ترغب بکسب الشباب في صفوفها، أما نسبة (9%) فغالبيتهم من الإناث، فقد هاجرن للزواج من شاب يعيش في الخارج، أما نسبة (2%) فقط لإتمام الدراسة، و(1%) لأسباب غير واضحة.
المُخطط رقم (5) لأبرز مناطق اللجوء
الجدول5.docx
تتصدر کوردستان کافة المناطق والدول التي يقصدها اللاجئ الکوردي من سوريا، حيث لجأ إليها (246) مُهاجر مقابل (156) مُهاجر إلی عموم الدول الأوربية، وفي المرتبة الأخيرة جاءت ترکيا بعدد (12) شخص فقط.
المخطط رقم (6) يبين الهرم العمري للمهاجرين
الجدول6.docx
من خلال الاستبيان يتوضح أن الغالبية العظمی من المهاجرين هم من شريحة الشباب، حيث بلغ عدد المهاجرين لمن تتراوح أعمارهم ما بين (20 إلی30) سنة (220) مُهاجراً، في حين بلغ عدد من هم دون سن العشرون عاماً (70) مُهاجراً، و(70) مُهاجراً لمن تجاوز عمرهم الثلاثين عاماً، وإذا ما تم احتساب العمر الشبابي حتی سن الأربعين، فإن الغالبية المطلقة من المهاجرين هم ممن تتراوح أعمارهم ما بين (20) إلی ما فوق (30) عاماً، لذلک يمکن وصف هجرة الکورد الراهنة بأنها هجرة لجيل الشباب بامتياز.
المُخطط رقم (7) يبين التحصيل العلمي للمهاجرين
الجدول7.docx
من أصل (414) شخص مهاجر يمکن تصنيف (61) شخص منهم ضمن خانة غير المتعلمين (الأميين)، (183) مهاجر ممن يتراوح تحصيلهم العلمي ما بين شهادة الثانوية العامة ومن يُحتسبون ضمن صفوف المتعلمين قراءة وکتابة، في حين هاجر (170) شخص يحملون شهادات جامعية أو معاهد، ما يوضح حجم الفراغ الحاصل في الجانب المهني والتعليمي والثقافي. وحجم الاحتياج للشهادات الجامعية في المناطق الکوردية بعد موجة الهجرة.
ثامنا: نتائج عامة علی ضوء الاستبيان
علی الرغم من عدم تعرض المنطقة لأي قصف أو سقوط براميل متفجرة کما في معظم المناطق السورية الأخری، لکن مع ذلک لم تقل نسبة الهجرة في المناطق الکوردية عن أغلب المحافظات والمناطق السورية الأخری، بل کانت في بعض المناطق وخلال بعض الفترات أکبر.
موجات الهجرة الجماعية الکبيرة ترکزت في الفترة الواقعة بين نهايات عام 2011 م وحتی أواسط عام 2013م، حيث انعدامت السلع وافتقدت مقومات الحياة خلال هذه الفترة، کما انهار الوضع الأمني، وتکررت الهجمات الإرهابية وتصاعدت التفجيرات.
إطالة أمد النزاع والحرب في سوريا ومحاولات الجماعات المتطرفة دخول المنطقة الکوردية ساهمت في خلق حالة خوف شديدة لدی الأهالي، ما دفعهم إلی تبني خيار الهجرة.
کان تشکيل جهاز قوات الأسايش وقوات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي ولاحقاً قوات سورية الديمقراطية، بمثابة المخرج والمنقذ لمؤيديهم أو لکل من انتسب إليهم، أو للموظفين في الإدارة الذاتية، حيث ساعد الوارد المالي للمنتسبين لهذه الجهات في بقاء عائلاتهم داخل المناطق الکوردية، خاصة لشريحة الفقراء والأميين والمحتاجين.
بدأت موجة الهجرة لشريحة الشباب تزداد وتتصاعد خلال فترة تطبيق قانون التجنيد الإلزامي الذي يُسمی لدی الإدارة الذاتية بواجب الحماية الذاتية.
انعکست زيادة هجرة شريحة الشباب خلال الأعوام الثلاث الأخيرة، سلباً علی الواقع الأسري في المنطقة، وازدادت رغبة الفتيات بالاقتران من الشباب المقيمين في الخارج، بنسبة أکبر من اللواتي يفضلن الزواج والبقاء في الداخل، علماً أنه في السنوات التي سبقت الحرب في سوريا، کانت الغالبية العظمی من الفتيات ترغبن بالبقاء إلی جوار الأهل والأصدقاء والزواج ضمن مناطقهن، لکن فقدان فرص عمل الشباب، وزيادة الضغوطات الأمنية والعسکرية والاقتصادية علی مختلف قطاعات وشرائح المجتمع الکوردي، وفقدان فرص التعليم وصعوبة إتمام التحصيل العلمي في مرحلة التعليم العالي، وکذلک تأثر الفتيات اللواتي أتممن تحصيلهن الجامعي خلال السنوات السبع الماضية بواقع المجتمع الجديد، إذ أن أغلبهن کن ضمن أعمار (15/16) حين بدأت المظاهرات في عموم سوريا، أدی في المحصلة إلی تغيير جذري في نمطية التفکير بالمستقبل وکيفية الاقتران والزواج، فغالبية الفتيات يرغبن بالاقتران بشخص يقيم في الخارج، فهذا الزواج هو المخرج من حالات الفقر والکآبة، إضافة إلی احتمال مساعدة الأهل بعد الوصول إلی الخارج، عن طريق توفير مبلغ من المال وإرساله، حتی لو کان مبلغا زهيداً.
الغالبية العظمی من الشباب قد هاجر قبل أن يتمکن من الزواج، لکنهم احتفظوا برغبتهم في الاقتران من البنات المقيمين في الداخل.
لم تقدم الأطراف السياسية للشباب ما يساهم في صمودهم للبقاء والثبات علی أرض کوردستان سوريا، ولم تتمکن من وضع السياسة في خدمة المجتمع وخاصة متطلبات ثباته علی الأرض.
عدم قدرة المجلس الوطني الکوردي علی تقديم المعونات والمساعدات للأهالي ساهمت في تصاعد الهجرة، لکن المجلس کان يتهم طرف سياسي حاکم بعرقلة جهودهم الإغاثية والاجتماعية (بحسب بيانات وتصاريح إعلامية متکررة).
تطبيق الإدارة الذاتية لمناهج تربوية جديدة، تفتقد لأي اعتراف رسمي سواء من قبل الحکومة المرکزية السورية، أو جهات دولية، فضلاً عن معارضة المجلس الکوردي تطبيقه علی اعتباره يؤثر سلباً علی مستقبل الطلبة الکورد (وفق رؤية المجلس الکوردي)، زيادة الخلافات بين الإدارة الذاتية ومؤسسات التربية المحلية العائدة للحکومة السورية دفعت بمزيد من الأسر إلی الهجرة لتأمين مستقبل تعليمي أفضل لأبنائهم.
تصدر عاملي الفقر والهروب من الضغوطات المعيشية من جهة، الخوف من التجنيد ومن الوضع الأمني من جهة ثانية، الأسباب المؤدية للهجرة بنسبة (88%)، تلتها نسبة (9%) من المهاجرين طلباً للزواج من خارج کوردستان سوريا، تدني نسبة الشباب الراغب بالهجرة لإتمام دراسته، حيث لم تتعدی النسبة (2%) فقط، کما بلغت نسبة الأسر التي لم يهاجر من أفرادها أحد (6% فقط)، فمن مجموع (100) أسرة (6) أسر فقط ظلت کاملة العدد في الداخل ولم يهاجر منها أحد، في حين أن (94) أسرة هاجر عدد من أفرادها بنسب متفاوتة، بحسب ما هو موضح في الجداول أعلاه.
کوردستان العراق کانت وجهة الهجرة الأولی والملاذ اڵامن للغالبية العظمی من المهاجرين، تلتها في المرتبة الثانية أوربا، فترکيا بالمرتبة الثالثة، بحسب مؤشرات هذه العينة التي تبين الهجرة الکوردية من ريف ومدن محافظة الحسکة، في حين النسب ووجهة الهجرة تختلف درجاتها وأولوياتها في مناطق کوباني، الباب، عفرين.
الشريحة الأکثر هجرة کانت شريحة الشباب بين عمري (20/30) سنة حيث شکلت أکثر من نصف عدد المهاجرين.
حوالي نصف المهاجرين کانوا من الجامعيين وحملة شهادات المعاهد.