فالانتاين كان غائباً، حزيناً وكئيباً في عفرين، خلت الشوارع والمحلات من ملابس وهدايا وورود حمراء؛ مرّ مرور الكرام، دون أن يُفرج عن قلوب العشاق والمحبين غمامة الحزن والاسوداد، التي جلبتها ثقافة قروسيطة يريد الغزاة فرضها على مجتمعٍ مدني منفتح، محب للقيم الإنسانية، ومتفاعل مع نتاجات الحضارة البشرية عامةً.
ولم يشهد عيد بيخون Bêxwîn الإيزيدي في عفرين مظاهر الابتهاج وطقوسه الدينية المعتادة، بينما كانت الطائفة الإيزدية تمارس معتقداتها بحرية قبل الاحتلال، بل وبمساندة الادارة وتبريكات المسلمين والمسيحيين لها.
في وقتٍ تشهد فيه عفرين نشر التطرف الديني والفكر القومي التركي المتعصب، عبر حملات إعلامية وفتح مدارس دينية وجمعيات بمسميات خيرية، وتعليم أطفال المدارس رفع اشارة الذئاب الرمادية، والاستمرار في وصف الأكراد بالكفار والملاحدة، وذلك في إطار سياسات تغيير ديمغرافي ممنهجة تتبعها سلطات الاحتلال التركي عن سبق إصرار وتصميم.
تتواصل الاعتقالات وعمليات الاختطاف، إذ تمت مداهمة قرية بيليه وقزلباش- ناحية شرّان وتفتيش بعض المنازل، واعتقال مختار بيليه المواطن عصمت ابراهيم خليل والتحقيق مع آخرين؛ وقد اعتقل المواطن محمد ملا (ابن عم الدكتور رياض ملا المعتقل أيضاً) من قرية جويق منذ ستة أشهر، بعد الاستيلاء على بيته وكمية كبيرة من تنكات زيت الزيتون، واعتقل الشاب محمد صادق يوسف من قرية كوران منذ شهرين، ولايزال مصيرهما مجهولاً.
في بلدة معبطلي، أقدم شاب مسلح من مهجري الغوطة على إصابة المواطن علي قلندر /85/ عاماً بطلق ناري، أثناء رعيه لبعض الأغنام غربي البلدة، فأدى إلى وفاته، بعد إسعافه إلى إحدى المستشفيات التركية، ولدى تشييع جثمانه عصر يوم الثلاثاء 11/2/2018، والوقوف أمام مبنى المخفر (مركز لجيش الاحتلال ومرتزقته)، أطلق النساء عبارات التنديد بتلك الجريمة النكراء، وطالبنَ الغزاة بالخروج من المنطقة، وسط تحشد أهالي البلدة في موقف تضامني استنكاري ملفت؛ وكان ملثمان مسلحان قد اقتحما منزل الزوجين المسنين (محمد كلوشو و سينم كلوشو) في وضح النهار وسرقا منهما مئة ألف ليرة سورية، حيث تقدم المسنان بشكوى لدى المركز العسكري دون جدوى؛ كما يحاول اللصوص ليلاً سرقة بطاريات السيارات والجرارات وأي شيء ذات قيمة عائدة لأهالي البلدة.
هذا وفي قرية كوليا تحتاني، أقدم مسلحون على سلب /7/ تنكات زيت من أصل /14/ لمواطن قد أحضرها لبيته كمؤونة سنوية، ويُقدم فيها المسلحون على قطع أشجار اللوز في حدائق المنازل، بقصد التحطيب.
وفي ليلة 13/2/2019 استهدف الجيش التركي قرية برج القاص – جبل ليلون (شيروا) بأكثر من عشرة قذائف صاروخية، التي تسببت بأضرار مادية ونشر الرعب بين الأهالي.
أما قرية اسكان- جنوب عفرين والمحاذية لأراض شمالي بلدة دارة عزة- إدلب، والتي تعرضت لهجمات عديدة أثناء الحرب وقبلها، تعاني من المضايقات والانتهاكات، فقد نزح حوالي نصف سكانها الأصليين ولم يتمكنوا من العودة إليها (حوالي 150 عائلة)، وتم توطين ما يقارب /160/ عائلة من مهجري المناطق الأخرى فيها؛ وفيها سبع مقرّات عسكرية، مع تحويل مدجنتها الوحيدة إلى سجن من قبل ميليشيا فيلق الشام.
ومنذ أن أغلقت تركيا معابرها الرسمية مع سوريا، في آذار 2015، نشطت حركة تهريب البشر وتوسعت، ومع بناء جدار عازل وتشديد الاجراءات على كامل الشريط الحدودي واستخدام الرصاص الحي من قبل الجيش التركي، تزايدت المخاطر على حياة العابرين وارتفعت أجور التهريب وتعددت أشكال النصب والاحتيال والانتهاكات؛ فقد ذكر مركز دركوش الاعلامي بتاريخ 9/2/2019، أن الجندرمة التركية عثرت على جثث /8/ أشخاص توفوا بسبب البرد القارس، بعد أن ضلوا الطريق؛ كان من بينهم الفتاة لوفين خليل نوري، التي شُيع جثمانها يوم الخميس 14/2/2019 ووري الثرى في مقبرة قريتها كفروم- عفرين، وكذلك المواطنة هدى أحمد موسى من قرية جلبرة –عفرين؛ حيث وثق المرصد السوري قتل الجندرما التركية ل 419 مدني سوري بالرصاص منذ انطلاقة الثورة السورية، من ضمنهم 75 طفلاً دون الثامنة عشر، و38 مواطنة فوق سن ال 18.
وبالعودة إلى ظروف الحياة العامة في منطقة عفرين، وتقصي الوضع المتردي للبنى التحتية والخدمات، واستناداً إلى معلومات من مصادر موثوقة، نبين واقع مياه الشرب ومنشآتها فيما يلي:
- معظم القرى وجميع البلدات ومركز مدينة عفرين كانت مزودة بشبكات مياه الشرب وجاهزة للعمل في ظل الادارة الذاتية، والتي كانت تدعم بعض المشاريع مالياً، لأجل تعويض الفرق بين التكلفة وواردات الفواتير.
- محطات الريف كانت تغذي المنازل بمياه صالحة للشرب من آبار ارتوازية.
- إضافةً إلى /8/ آبار ارتوازية داخل مدينة عفرين وعشرات آبار خاصة، كانت تُغذى بمياه الشرب من محطة متينا التي كانت تُضخ إليها من مياه سد ميدانكي، وذلك بعد تعقيمها وتنقيتها بواسطة الكلور والشبة وست مصافي رملية، بطاقة /2200/ متر مكعب بالساعة، وضخ يومين كل اسبوع، حيث لم تنقطع المياه عن المدينة التي تزايد عدد ساكنيها إلى أكثر من /200/ ألف نسمة، إلا في الأسبوع الأخير من الحرب عليها، وفي بعض حالات الأعطال.
- أصبحت محطات، قريتي مسكه - جنديرس و چما- شران بسبب التدمير، قرى برمجة- معبطلي و كيلا- بلبل و نازا- شران بسبب سرقة محتوياتها، خارج الخدمة. كما تعرضت محطات أخرى لتدمير جزئي أو لحالات سرقة، حيث تم إصلاح بعضها.
- حالياً، وفي ظل الاحتلال، جميع محطات الريف متوقفة عن العمل لأسباب مختلفة، ويعتمد الأهالي على الآبار الارتوازية الخاصة ومياه الأمطار والينابيع لتأمين مياه الشرب ولباقي الاحتياجات بكلفة عالية. أما في مدينة عفرين، فتُغذى الشبكة بشكل متقطع، وأحياناً تغيب أسبوعين أو شهر، حيث تكون المياه غير صالحة للشرب ومصحوبة بالأوحال والشوائب.
- وهناك فوضى في التوزيع وتحصيل الفواتير، حيث أن عوائل المسلحين والمهاجرين لا تدفع المستحقات، في وقتٍ يُطالب فيه البقية بدفع (2000 ليرة شهرياً) وعن أشهر سابقة لم تُغذى فيها المياه، ويُشاع عن حالات فساد وسرقات في إدارة مشروع المياه بمدينة عفرين.
لقد تحولت عفرين من منطقة استقرار وأمان، تشهد تطوراً طبيعياً وتقدماً في جميع المجالات، ومن ملاذ للنازحين، إلى منطقة تحكمها ميليشيات مسلحة وجيش احتلال لا يتردد في مواصلة سياسات عدائية ممنهجة ضد أهاليها.
#16-02-2019#
المكتب الإعلامي-عفرين
حزب الوحدة الديمقراطي الكردي في سوريا (يكيتي)