حيدر عمر
ص386 :
كل من يبحث في الموسيقى الكردية سوف يراها عريقة في التاريخ الكردي عراقة الوجود الكردي ، وقد رأينا سابقاً مكانة الموسيقى في الثقافة الدينية لأسلاف الكرد ، فقد كانت الموسيقى تصاحب تقديم القرابين للآلهة في الديانة اليزدانية ، وقد بلغ ولع الكردي بالموسيقى أن جعل الراعي يجمع قطيعه المنتشر في الجبال والمراعي بالنفخ في نايه . وأن ضربات مطارق صانعي الأدوات و الأوعية النحاسية في أسواق ديار بكر على إيقاعات وألحان موسيقية ، يغنون على وقعها مقامات ( السيگاه و الحسيني ) وغيرها ، لدرجة أن المارة كانوا يقفون لسماع هذه الألحان . و مازال هذا الولع مستمراً إلى اليوم . ولا غرو في ذلك ، فقد بث الكردي في موسيقاه أفراحه وأحزانه ، انكساراته وانتصاراته ، ومن هنا سيطر اللحن الحزين على الملحمة الغنائية ( ولاتو / أيها الوطن ) التي يغنيها المغني الشعبي ، يصور فيها وحشية الأتراك في القضاء على ثورة الشيخ سعيد ، ويرثي أبطالها . وقد لاحظ الباحثون الميزة ، إذ قال توماس بوا إن الموسيقى الكردية تنبعث من طبيعة شعبية صافية الإيقاع و التنسيق ، و ترى ألحانها المتنوعة غالباً تتسم بطابع الحزن و تصوره بشكل أخاذ مدهش .