الكرد في سوريا الجزء الأول 1920 – 1946
تاريخ الكرد في سورية بحاجة إلى الكثير من الجهد والمتابعة، نظرا لعدم توفر المصادر والمراجع التاريخية الأكاديمية والعلمية من جهة، وقلة الدراسات والأبحاث في هذا المجال من جهة أخرى، ومن هنا يأتي كل بحث أو دراسة عن الكرد في سوريا بمثابة الكتابة الأولى نظرا للمشاق والصعوبات التي يلاقيها الباحث أثناء البحث عن المعلومات الدقيقة والمصادر المحايدة والمستقلة.
رغم أن المناطق الكردية في سوريا ” كردستان سوريا ” وهي الجزيرة العليا، وكوباني، وعفرين “كرداغ”، التي تعتبر جزء من كردستان، وتم فصلها عن كردستان التاريخية وإلحاقها بسوريا بعد اتفاقية سايكس بيكو، وترسيم الحدود بين تركيا والانتداب الفرنسي بموجب اتفاقية انقرة الأولى عام 1921وملحقاتها فيما بعد، قد لقيت بعض الاهتمام والدراسات التاريخية والجغرافية وحتى الأثنية خاصة من قبل الباحثين الكرد في سوريا، أو بعض المستشرقين. إلا أن المراكز والمعالم التاريخية الكردية في سورية، خاصة في المناطق الداخلية منها، لم تلق الاهتمام اللازم والمطلوب عدا بعض الإشارات في الكتب العامة.
ومن هنا فإن هذه الدراسة لم تقف كثيرا على الجانب التاريخي لكردستان سوريا، إنما عند صفحات من تاريخ الكرد في سوريا الذي يعود لأكثر من ثلاثة آلاف سنة. وعلى المناطق السورية الداخلية التي يوجد فيها تجمعات كردية وهي ليست مناطق كردية، إنما هاجر إليها الكرد لأسباب مختلفة اجتماعية واقتصادية وسياسية واستقروا فيها، واندمجوا مع السكان الأصليين للمنطقة، البعض منهم استعربوا أو تتركوا، وتركوا لغتهم وعاداتهم، وحافظت الغالبية منهم أصولهم الكردية وعاداتهم وتقاليدهم وطقوسهم وحتى لغتهم، فهم كانوا مجال البحث والدراسة في كتاب الكرد في سوريا.
وقد جاء هذا الكتاب ” الكرد في سوريا – الجزء الأول ” ليسلط الضوء على الوجود والتواجد الكردي في سوريا، خلال فترة تاريخية محددة وهي الفترة التي تمتد بين أعوام 1920 – 1946 أي خلال فترة الانتداب الفرنسي التي شهدت بدايات تأسيس الدولة السورية الحديثة والمعاصرة، هذا الوجود الذي أصبح محل بحث وجدل في الآونة الأخيرة.
ففي البداية كان لا بد من التطرق باختصار إلى الوجود التاريخي للكرد في سوريا التي تمتد لآلاف السنين حيث أستقر أجداد الكرد القدماء ” الحوريون والميتانيين ومن ثم بعض الحكومات والإمارات الكردية في هذه المنطقة، وسيطروا لفترة طويلة من الزمن على أجزاء واسعة من المنطقة، وكان لهم دور مهم في التاريخ السوري.
وفي الفصل الثاني الذي يعتبر الفصل الرئيس في الكتاب تم الحديث بإسهاب عن واقع ودور الكرد في سوريا في ظل الانتداب الفرنسي والتطرق إلى نضالهم إلى جانب بقية مكونات الشعب السوري ضد الاحتلال الفرنسي، وتشكيل الجمعيات والتجمعات الثقافية والسياسية والمطالبة بنوع من الحكم الذاتي أو الإدارة الذاتية وتضمينها في العديد من المحطات التاريخية ولا سيما في اتفاقية عام 1936، والحراك السياسي والتنسيق والتعاون في منطقة الجزيرة السورية من خلال انتفاضة عامود Toşa Amûdê، التي تحولت من مطالب إلى حركة سياسية منظمة، ومن ثم عصيان وترك عسكري.
وفي الفصل الثالث تم التطرق إلى الحياة الاجتماعية الكردية والاقتصادية في سوريا ( الزراعة والصناعة والتجارة )، والنشاط الاقتصادي والاجتماعي الكردي وبعض الحرف والمهن ذات الطابع الكردي كشعب له قيم وعادات اجتماعية واقتصادية خاصة به، والتركيز على دور المرأة في المجتمع الكردي في سوريا، التي تميزت بدور واضح ومتميز في هذا الجانب.
وفي الفصل الرابع تم التطرق إلى دور الكرد في الصحافة السورية التي صدرت خلال الانتداب الفرنسي على سوريا باختصار، حيث كان للكرد شرف إصدار أول صحيفة سورية باسم ” دمشق “، ومن ثم غصدار أو صحيفة وطنية يومية، والانتقال إلى الحديث بالتفصيل عن مجلتي هاوار”Hawar” وروناهي ” Ronahî” الكرديتين, اللتين أصدرهما جلادت بدرخان كأحد أكثر المجلات الكردية تأثيرا على الوسط السياسي والثقافي وحتى الاجتماعي الكردي في سوريا.
وفي الفصل الخامس والأخير من الكتاب كان لا بد من الحديث عن جوانب من حياة بعض الشخصيات الوطنية الكردية التي كانت لها بصمتها في الحياة السياسية والاجتماعية والثقافية في سوريا، وتم اختيار عشر شخصيات كردية من بين عدد كبير من الأسماء التي كان من الممكن ذكرها في هذا المجال، وهذه الشخصيات التي تم اختيارها هي شخصيات وطنية سورية بامتياز.
عدد الصفحات 300 صفحة.[1]