إسماعيل آغا سمكو أمير الحرب الكردي على الحدود التركية -الفارسية في بداية القرن العشرين (1)
مارتن فان برونسن
ترجمة عن الإنكليزيّة: راج آل محمد
خلال الحرب الكبرى والسنوات القليلة التي أعقبتها، كانت الشخصية الأبرز على الحدود التركية-الفارسية هي زعيم قبيلة شكاك الكبيرة إسماعيل آغا سمكو، المعروف باسم سمكو. مستغلاً بذكاء الامكانيات التي وفرها التاريخ المضطرب للمنطقة في الربع الأول من القرن العشرين، وموازناً بين الترك والروس والفرس وفيما بعد بين البريطانيين في العراق الذين كان على اتصال بهم جميعاً، لم يستطع سمكو أن يحتفظ فقط بسلطته ونفوذه في المنطقة بل زادهما. ففي أعقاب الحرب أعلن نفسه حاكماً محلياً مستقلاً بالتعاون مع عدد من القوميين الكرد البارزين متحدياً بذلك الحكومة المركزية. وحتى بعد قمع “ثورته” من قبل الجيش الفارسي العصري في آب/اغسطس 1922وفراره من الأراضي الفارسية، فإنه بقي لاعباً فعّالاً في وسط كردستان وسعت كل من تركيا وبريطانيا استغلاله لمصلحتها في صراعهما على ولاية الموصل.
سيرة سمكو ليست بالحالة الغريبة بالنسبة لزعيم قبلي كردي. إذ أن معظم الزعماء القبليين الكرد قاموا بتعزيز مواقعهم داخل قبائلهم بأشكال شتى من الارتباط بالقوى الخارجية أي عموماً مع الدولتين العثمانية والفارسية ولكن بدءاً من أواخر القرن التاسع عشر مع القوى الأوربية الكبرى (ومؤخراً أيضاً مع الولايات المتحدة الأمريكية). ولكن ما يميّز سمكو هو الزمان والمكان اللذين عمل فيهما. أراضي قبيلة شكاك، الواقعة في الجبال غربي بحيرة أورمية، تقع داخل أراضي فارس ولكنها أيضاً قريبة من الحدود التي ،حتى في أيام السلم، يمتد تأثيرها إلى داخل أراضي الدولة العثمانية أي أنها تقع على المحيط الخارجي لكلتا الدولتين. حتى فترة متقدمة من القرن العشرين لم يكن للحدود أهمية فعلية بالنسبة للقبائل الكردية التي كان للكثير منها مراعٍ على طرفي الحدود. كما لم تكن الحدود تمثل حداً ثابتاً يتمد إليه السيطرة العثمانية أو الفارسية حيث كانت السلطة في المناطق الحدودية في تبدل متواصل.
في عام 1906غزت القوات العثمانية أذربيجان الفارسية واحتلت قسماً مهماً من المناطق التي تسكنها غالبية كردية من ذلك الإقليم. وقد ظلت هناك، وإن لم يكن على شكل سيطرة تامة، حتى عام 1911 حين طردهم الروس الذين غزو الإقليم في عام 1909 واحتلوا تبريز التي كانت في ذلك الوقت مع راشت Rasht آخر معقل لحركة دستور فارس. قام الروس بإقامة مركز لجنود المشاة والقوزاق في تبريز وخوي وديلمان وأورمية. مع اندلاع الحرب الكبرى استطاع [الروس] أن يبقوا الكرد تحت السيطرة ولكن دون احتلال مناطقهم فعلياً. أُمِرت القوات الروسية بالانسحاب في وقت حملة أنور باشا القوقازية في كانون الأول 1914، وفي أوائل كانون الثاني 1915 تمكنت القوات العثمانية مدعومة بقوات كردية غير نظامية من احتلال أذربيجان لوقت قصير. عادت القوات الروسية بعد عام تقريباً وبقيت في المنطقة حتى انسحبت روسيا كلية من الحرب في أعقاب ثورتها. في عام 1918 تمكنت القوات التركية مدعومة من الكرد لآخر مرة ولفترة قصيرة من السيطرة مرة أخرى على أجزاء من أذربيجان.
يشكل حضور قوة لا يستهان بها من المسيحيين النسطوريين في منطقة أورمية مشكلة معقدة. فعندما اندلعت الحرب شعر نسطوريو هكاري، الذين كانوا قبل الحرب على اتصال بالروس والبعثات الأمريكية في أورمية، بأنهم مهددون ففرّوا من الأراضي العثمانية إلى أورمية وسلماس طالبين الحماية الروسية. قام الكثير منهم بتقديم المساعدة للروس كفرق استطلاع عندما غزا هؤلاء وسط كردستان وغالباً ما قاموا بالانتقام من السكان المسلمين. تدهورت علاقات المسلمين والمسيحيين، التي كانت نسبياً جيدة قبل الحرب، إلى أبعد حد أثناء الحرب. لدى مغادرة القوات الروسية في عام 1917 تُرِك النسطوريون بدون حماية أجنبية ولكن تمت مساندتهم فيما بعد بعدد من اللاجئين الأرمن ذوي التدريب والأسلحة الجيدة التي تركها الروس خلفهم. في هذا الموقف المتوتر ارتكب سمكو عمله السيء الصيت. فقد قام بدعوة زعيم النسطوريين وبطريركهم مار شمعون لإجراء المفاوضات ومن ثم أمر بقتله مع كل مرافقيه فأدى ذلك إلى سلسلة من المجازر المتبادلة بين المسيحيين والمسلمين. في هذه الأثناء حاول البريطانيون أن يقيموا علاقات مع النسطوريين في أورمية وتنظيم جنودهم غير النظاميين كقوة مقاتلة لوقف الهجوم التركي على تبريز.باءت تلك المحاولة بالفشل حيث هجر معظم النسطوريين منطقة أورمية وفرّوا جنوباً، في المنطقة التي سيطر عليها البريطانيون. فيما بعد أعاد البريطانيون توطينهم في ولاية الموصل حيث استُخدِموا كحائط صد ضد الأتراك[1].
الظروف التي استطاع سمكو أن يبرز من خلالها كأحد أمراء الحرب الثلاث على المحيط الخارجي لإيران والذين استطاعوا أن يهددوا بشكل خطير وحدة أراضي الدولة تعتبر فريدة، ولكن في كثير من الجوانب تجسد سيرته العلاقات بين القبائل الكردية والدول التي يعيشون في محيطها الخارجي. البنية الداخلية لتلك القبائل وطبيعة سلطة زعماء القبائل على أتباعهم هي، إلى حد بعيد،نتاج علاقاتهم مع الدولة. القسم الأول من هذا المقال سيستعرض العلاقات المتغيرة بين القبائل الكردية والدول ذات الصلة، وفي القسم الثاني سندرس انتفاضة سمكو ونتائجها بشيء من التفصيل.
القبائل الكردية بين الدول القوية
كردستان،ومنذ آلاف السنين، لا تشكل فقط منطقة حدودية بل منطقة فاصلة بين امبراطوريتين أو أكثر. ولكن خلافاً لأفغانستان، فإنها لم تكن متميزة سياسياً بل مقسمة بين الإمبراطوريتين الإيرانية والتركية لخمسة قرون تقريباً. مع ذلك، فإن الظروف الطبيعية منعت هؤلاء، مثلما منعت الغزاة السابقين، من إقامة سيادة كاملة على كردستان. إذ نادراً ما تم الاحتفاظ بالحكم المباشر بها وساد هناك نوع من الحكم غير المباشر عن طريق زعماء القبائل المحليين كما هو الحال في بعض الأنحاء حتى يومنا هذا. ذاك الاحتكاك مع الدول المتقدمة على مدى عدة قرون لم يترك سوى تأثيرات عميقة على التنظيم الاجتماعي للمجتمع الكردي. فعندما ضم العثمانيون معظم كردستان (في 1515 تقريباً) كانت هناك عدة إمارات، أو كيانات شبيهة بالدولة ذات أحجام وتعقيد تنظيمي مختلف، ادّعت بعضها أصولاً عريقة، ونظامها السياسي كان تقريباً مشابهاً لتنظيم تركمان قره قوينله وآق قوينله الذين كانت تربطها بهم علاقات قائمة على التحالف و/أو تبعية إقطاعية. لم يسفر الفتح العثماني عن تقويض مكانة الحاكم (أمير أو مير) بل حافظت على الإمارة ومكانته داخل كل إمارة. وحتى 1800 كانت بعض تلك الإمارات لا تزال موجودة. التنظيم الداخلي حينئذ بدا متأثراً بالدولة العثمانية[2]. إمارتا أردلان وكوران في كردستان إيران التي يتوفر عنهما بعض المعلومات تبدوان مختلفتين إلى حد كبير عن تلك الإمارات الموجودة في ظل سيادة الدولة العثمانية فالطبقة الحاكمة في كلتا الإمارتين غير قبلية إلى حد كبير. قد يكون من المغري أن نعزو ذلك إلى إختلافات في تنظيم وسياسات الدولتين العثمانية والإيرانية؛ ولكن ثمة عوامل أخرى ربما تكون بذات الأهمية وهي الظروف الطبيعية والكثافة السكانية ونسبة السكان البدو والحضر…الخ.
وكان لوجود أكثر من دولة قوية في الجوار تأثيرات خاصة أيضاً على العمليات السياسية في كردستان. فعلى سبيل المثال منح ذلك الزعماء القبليين المحليين مزيداً من القوة في التعامل مع الدولة المهيمنة: حيث كان بإمكانهم التهديد بسحب الولاءات (أو عملوا ذلك فعلياً). علاوة على ذلك، لم يكن الزعماء القبليون المحليين المنافسين يعتمدون على الدعم الشعبي إذا ما أرادوا استبدالهم بل كان بإمكانهم طلب المساعدة من دولة منافسة. لذلك انقسمت عدد من الأسر الحاكمة إلى فروع “تابعة للأتراك” أو “تابعة للإيرانيين”[3] في أكثر من إمارة . لقد شهد القرن العشرين، لأسباب واضحة، بروز تيارات مؤيدة للبريطانيين وأخرى مؤيدة للروس في الأوساط الحاكمة في كردستان. ففي النصف الثاني من القرن أصبحت روسيا وبريطانيا القوتان الأبرز في المنطقة. وتأثرت أفعال القياديين الكرد بشدة بإدراكهم بأن تلك الدولتين أقوى من العثمانيين والإيرانيين وأنهما تودان السيطرة على كردستان. إضافة إلى ذلك، تلقت القومية الكردية دفعاً من التطورات العسكرية والسياسية التي حققتها تلك الدولتين وبالطبع من أخبار استقلال دول البلقان واليونان بسبب دعم تلك الدولتين. معظم القوميين الكرد في الفترة الممتدة بين 1880-1930 تخيلوا دولة مستقلة تحت الحماية البريطانية و/أو الروسية. وحتى يومنا هذا فإن طبيعة الحركة القومية الكردية متأثرة بشدة بحضور خلفاء تلك القوى المنافسة أي الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي-حتى زواله- وعموماً بالحاجة الملموسة لاستخدام دعمهم.[4]
إمارة، قبيلة، تحالف
حدثت تغيرات كبيرة على التنظيم السياسي والاجتماعي لكردستان خلال القرنين التاسع عشر والعشرين بشكل خاص حيث باتت السيطرة المركزية للدولتين العثمانية والإيرانية فعّالة بشكل متزايد. فقد أدى التطوير والتحسين على الشبكات الإدارية للدول المحيطة إلى أن تفسح الأشكال المحلية الشديدة التعقيد للتنظيم السياسي (الإمارات) المجال لأشكال أخرى أكثر بساطة.
لقد كان الشكل التنظيمي الأساسي للإمارات [الكردية] شبيها بتلك الموجودة في الكثير من الدول الشرق أوسطية، وربما نظيرها الأكثر وضوحاً هو الولايات-الكونفدرالية التركمانية. فالحاكم ينتمي إلى نسل عائلة كبيرة تزعم عادة انتماءها إلى سلالة ذات مكانة رفيعة مختلفة عن بقية القبائل القوية في الإمارة. لم تكن هناك قواعد ثابتة للخلافة بل فقط بعض شروط الحد الأدنى كالانحدار من(سلالة حاكمة) والذكاء والشجاعة..الخ. كان الاختيار الفعلي ينطوي عادة على منافسة شديدة ضمن السلالة الحاكمة نفسها والكثير من المكائد من قبل القوى الداخلية والخارجية ذات المصلحة. كان الحاكم محاطاً بمجلس مؤلف من كبار العسكريين (زعماء قبليين) وموظفين مدنيين ومثقفين. كان هناك جيشاً دائماً أو حاشية مسلحة مختارة من قبائل مختلفة في الإمارة ومن خارجها أيضاً. ولاء الحاشية كان بشكل مثالي للحاكم وحده ولكنها تشكل فقط نسبة صغيرة من القوة العسكرية الكلية للإمارة. حيث أن غالبية الجيش كانت تتألف من رجال القبيلة الذين يقودهم زعماؤهم القبليون الذين كانوا يستطيعون أن يجندوهم وقت الحاجة. رجال القبيلة، وهم بالعادة من الرحل وأنصاف الرحل، شكّلوا في الواقع طبقة عسكرية سيطرت على الطبقة الدنيا من الفلاحين والحرفيين والأكراد غير القبليين والمسيحيين واليهود. لم تكن كل القبائل مرتبطة بالإمارة بالقدر نفسه. فالنواة الصلبة تتألف من عدد من الاتحادات [القبلية]- نموذجياً اتحادين قبليين- كل واحد منها خاضعة لزعيم من السلالة ذاتها في المقام الأول وغير مرتبطة بالقبائل المكونة [للاتحاد]. في بعض الحالات التي قمت بدراستها عن كثب أستطعت أن أتاكد فيما إذا كانت تلك الاتحادات موجودة قبل الإمارة أم لا. الاسطورة تؤكد ذلك بالنسبة لبعضها[5] ولكن يبدو لي أنه، على الأقل في بعض الحالات، فإن الإمارة ذاتها كانت سبب وجود تلك الاتحادات.
كان تنظيم القبائل في اتحادات توازن بعضها بعضاً تقريباً وهي التي جعلت سياسة المير ( فرّق تسد) ممكنة. زعماء تلك الاتحادات كانوا مستشاري المير ومرشدوه وفي الكثير من الحالات صنّاع السياسة الحقيقيين. كان لكل قبيلة مكونة [للإتحاد] رجالها أيضاً ولكن يبدو أن هؤلاء كانوا من فئة أول النظراء[6] ونادراً ما لعبوا أي دور سياسي هام.
في الإمارات التي لها أكثر من مركز حضري، كان المير يتخذ من أهم المدن عاصمة ومكاناً لإقامته ويعيّن حكاماً على البلدات والمقاطعات الأخرى المحيطة بها من بين أقرب أقربائه. هؤلاء الحكام كان ينظرون في الأمور العسكرية والمالية وأهم القضايا القضائية ويتركون بقية الأمور لزعماء القبائل والقبائل الفرعية. لغاية الآن لم أجد سوى القليل من المعلومات عن تقسيم العائدات بين الزعماء القبليين والحكام والمير والحكومة المركزية. ولكن من المرجح أن ذلك شهد تأرجحات كبيرة حيث أن توازن القوة الفعلي تغير كثيراً بين تلك السلطات.
لم تكن كل القبائل تنتمي إلى إمارة واحدة. وربما دوماً (وعلى نحو مؤكد في حوالي 1800) كانت ثمة جماعات تستطيع أن تحتفظ بنوع من الاستقلالية الهشة من خلال إقامة توازن بين الإمارات وخاصة القبائل البدوية التي كانت طرق ترحالها تمر في أكثر من إمارة والقبائل شبه الرحل (التي تتنقل موسمياً) في محيط الإمارات. تلك القبائل كانت تنتمي، إذا جاز التعبير، إلى حدود الإمارات. العمليات السياسية هناك كررت على مستوى أدنى وأقل تعقيداً سياسات الأمبراطورية الحدودية أي في وبين الإمارات.
الفرق المرسوم هنا بين التحالف القبلي والقبيلة تخص الدرجة وليس النوع. إذ أن طريقة إستعمال الكرد لهما لا تعطي الفرق ذاته حيث يكمن أن يُطلق على كليهما اسم عشيرة ashiret أو طائفة taifeh بل إن كلا المصطلحين يمكن أن يُطلقا على تفرعات القبيلة. القبائل الكردية وحدات سياسية تتألف من أرومة واحدة على الأقل (ولكن عادة من عدة أرومات) مع عدد من الناس الذين ربطوا أنفسهم بها. ولكن يمكن أن تظهر درجات مختلفة من التعقيد وقد ظهرت بالفعل في كردستان حيث هناك قبائل مؤلفة من أرومتين، وقبائل مؤلفة من اتحاد عدد من الأرومات (المعروفة) وقبائل مؤلفة من اتحاد اتحادات من الأرومات…الخ. حجم ودرجة التعقيد تشكل متسلسلة وهي على الأغلب مسألة اختيار متى يجد المرء استعمال “الاتحاد” مناسباً أكثر من “القبيلة”. التحالف [القبلي]، كما استعمله هنا، هو اتحاد على نطاق واسع أقل اندماجاً من القبيلة وذات حدود غير واضحة المعالم تماماً. إنه تحالف سياسي للقبائل التي كانت في الماضي ذات وجود مستقل وتحتفظ بهوية مستقلة. ويُعرف الأفراد بأسماء قبائلهم أكثر مما يُعرفون باسم تحالفهم القبلي. وعندما تكون هناك رغبة في تحديد سلف مشترك فإن ذلك يوحي بمزيدٍ من التماسك وبالتالي أستخدم كلمة تحالف بدلاً من كلمة القبيلة.
في التحالفات والقبائل ثمة زعماء قبليين على مستويات مختلفة من التقسيم: مستوى القبيلة والعشيرة والحمولة والعائلة الموسعة والأسرة وقد يكون هناك مستويات متوسطة بين القبيلة والحمولة العليا وحينها نتحدث عن قبائل فرعية. في التحالفات والقبائل الكبيرة، ينتمي الزعماء القبليون عموماً إلى أرومة مختلفة غير مرتبطة عن قرب بالعامة ولديهم حاشية مسلحة لتعزيز حكمهم؛ بينما في القبائل الصغيرة فإن الزعيم كان (ويكون) مرتبطاً بالعامة ويحكم بإجماع الآراء وليس بالقوة. في فترات تاريخية مختلفة الزعماء القبليون من مختلف المستويات هم من لعبوا أدواراً سياسية بارزة. في الأزمنة الحديثة، مثلاً، استمرت عدة تحالفات سابقة وإن كان اسمياً فقط. الزعيم القبلي الأعلى يحظى بالاحترام ولكن لم يعد له أدواراً سياسية. القوة السياسية الحقيقية تكون في أيدي زعماء القبيلة أو في أيدي زعماء القبائل الفرعية الذين كانوا يحظون بأهمية أقل في القرنين الماضيين. هذا التغير مرتبط بالتغيرات السياسية أكثر منه بالتغيرات الاقتصادية أي بالحكومة المركزية كما سنناقش فيما يلي.
القبائل الكردية والدولة العثمانية
في النصف الأول من القرن التاسع عشر قامت الحكومتان العثمانية الإيرانية، في سعيهما لإحداث إصلاحات إدارية، بإلغاء الإمارات الكردية المتبقية.تلك الإصلاحات كانت نتيجة الضغط الأوربي كما أدرك الكرد جيداً. فالقضاء على بوطان، آخر إمارة كبيرة، وأسر حاكمها بدرخان بك في 1847 جاء كنتيجة مباشرة للتدخل البريطاني في الباب العالي. كان بدرخان بك مسؤولاً عن المذبحة التي طالت آخر رعاياه من النسطوريين وطالب البريطانيون بمعاقبته[7].
نجمَ عن القضاء على الإمارات حالة من الفوضى وانعدام القانون. فالنزاعات القبلية التي لم يعد الأمير يضبطها انتشرت بكثرة. لم يكن هذا حال الإمارات فقط بل انهارت أيضاً التحالفات القبلية؛ حيث حاول الزعماء القبليون الطموحين أن ينتزعوا أكبر قدر ممكن من السلطة التي كانت في السابق بيد المير (الأمير) مما جلب معه الكثير من الغارات والعداوة والخلافات. كان على الكثير من القادة من فئة “الزعماء القبليين” أن يتنازلوا عن مكانتهم لقطاع الطرق.[8] كل التقارير المعاصرة تؤكد على انعدام الأمن الحقيقي فقد كانت الدولة بعدُ ضعيفة في فرض النظام والقانون. كل ما كان حكام المقاطعات يستطيعون فعله هو إرسال غارات تأديبية أو دعم زعيم ضد زعيم آخر والتفاوض أو فرض حل في النزاعات القبلية الكثيرة.
في ذلك الوضع الفوضوي بقيت هناك فقط نوعاً واحداً من السلطة التقليدية استطاعت أن تعيد نوعاً من النظام وتمثلت تلك السلطة بالشيوخ. الشيوخ رجال دين مرتبطون عادة بالطريقة الصوفية أو الدراوشة. ويتسم الكثير منهم بالتقوى والحكمة والكرامات التي اكسبتهم الاحترام على نطاق واسع. كان (و لا يزال) لدى الكثير من الناس علاقة خاصة مع شيخ معين يقومون بزيارته بشكل دوري وفي بعض الأحيان تكون الزيارة من باب المجاملة. ولكن غالباً بقصد الحصول على تميمة واقية [من الحسد] أو للشفاء من العقم أو المرض أو من أجل الحصول على نصيحة في أمور روحية أو دنيوية أو للتوسط في نزاع. لا يرتبط الشيوخ عموماً بأي قبيلة (رغم أن القبيلة بالكامل قد تعتبر نفسها تابعة للشيخ ذاته)، لذلك فإنهم ليسوا طرفاً في أي نزاع بين القبائل. ولهذا السبب ونظرا للاحترام الكبير الذي يحظون به جعلت البعض منهم الأشخاص الوحيدين القادرين على حل مثل تلك النزاعات باعتبارهم وسطاء ومستشارين وشفعاء وكتاب عدل وضامنين للاتفاقات التي تم التوصل إليها. نجاحهم في حل الخلافات القبلية بدوره زاد من مكانتهم وتأثيرهم السياسي. حيث أخذ بعض الشيوخ تدريجياً الدور السابق الذي كان الأمراء يلعبونه. بعد عدة عقود من الفوضى وانعدام الأمن، ابتداءً من 1860 تقريباً، نجد الشيوخ أكثر القادة السياسيين تأثيراً في كل كردستان. وليس من باب المصادفة بالتالي أن نجد أن معظم الثورات القومية الكردية الأولى (حتى الثلاثينات من القرن الماضي) كانت بقيادة الشيوخ الذين كانوا القادة الوحيدين القادرين عملياً أن يجعلوا عدة قبائل كردية تعمل باتفاق فيما بينها. عامل آخر ساهم في تعزيز التأثير السياسي لهؤلاء القادة الدينيين بالدرجة الأولى هو النشاط التبشيري الأوربي الذي أسفر عن شعور مناهض للمسيحيين والتشديد على الهوية الإسلامية للكرد. لم يحل الشيوخ الخلافات فقط لأن سلطتهم السياسية بالتحديد استُمِدت من قدرتهم على فعل ذلك، بل كانوا أيضاً يحتاجون إلى تلك الخلافات إن هم رغبوا في زيادة سلطتهم. لذلك قام بعض الشيوخ الطموحين بإذكاء الخلافات بين الزعماء القبليين المتنافسين لكي يفرضوا سلطاتهم[9].
تدريجياً، وبدون أية انعكاسات، نجحت الدولة العثمانية وخلفاؤها في القرن العشرين في وضع كردستان تحت سيطرة السلطة المركزية وحدّت من قوة الشيوخ والزعماء القبليين الكبار. كانت النتيجة ليس انحلال كلياً للقبائل بل تغيراً في شخصيتها. تمكنت السلطة المركزية الناجحة من تفتيت البنى الكبيرة وبذلك حرّرت أجزاء من تلك البنى للعمل بشكل مستقل. كلما كان توغل الدولة وأجهزتها الإدارية عميقاً في المجتمع الكردي، كلما كانت الكيانات القبلية التي تتفاعل معها أصغر. حتى بداية القرن التاسع عشر كان الحكام العثمانيون والفرس يتعاملون مع الكرد من خلال أمراء يتمتعون إلى حد كبير بالحكم الذاتي ويحكمون تكتلات قبلية كبيرة التي نادراً ما كانوا يتدخلون في شؤونها الداخلية، غير أن الإصلاحات الإدارية الكبيرة استبدلت الأمراء بحكام مقاطعات معيّنين مركزياً كانوا يديرون السكان القبليين من خلال زعماء القبائل الكبيرة أو الاتحادات القبلية أو من خلال شيخ طارئ. أدى المزيد من تمدد الدولة إلى تفتيت القبائل الكبيرة والاتحادات القبلية وجعل زعماء قبليين صغار وسطاء بين الدولة والمجتمع. وبذلك أصبحت الوحدات القبلية أصغر من أي وقت مضى من إمارة إلى اتحاد قبلي ثم إلى قبائل كبيرة ومن ثم إلى قبائل صغيرة. مع كل خطوة باتت القبائل أشبه ما تكون بالنموذج المثالي للقبيلة باعتبارها مجموعة كبيرة من الناس تنحدر من السلالة ذاتها. القرابة، التي لطالما كانت تحتل مركز الصدارة في الإيديولوجيا القبلية، باتت أكثر أهمية من الانتماء السياسي في الوظيفة العملية للقبيلة. بدلاً من المرور بمرحلة التجرد من القبيلة، أصبح المجتمع الكردي بمعنى ما أكثر قبليةً. مع ذهاب البنى الاتحادية الأكثر أهمية، باتت الولاءات القبلية الضيقة أكثر وضوحا وزادت العدوات القبلية[10].
كان هذا الميل العام نحو “انتقال سلطة” القبائل يُعكس لبعض الوقت، وإن يكن قصيراً، وذلك عندما تضعف الحكومة المركزية أو عندما تجد الحكومة لسبب ما أن وجود قبائل قوية يكون لمصلحتها. كان ذلك هو الحال مثلاً عندما جنّد السلطان عبدالحميد الثاني كتائب من الفرسان، الحميدية، من بين رجال القبائل الكرد. كانت كل كتيبة تتألف من 500 إلى 1500 رجل من القبيلة ذاتها بقيادة زعيمهم القبلي. كانت المهمة الظاهرية للحميدية حراسة الحدود من غارات الأجانب (أي الروس) والإبقاء على السكان الأرمن في الأقاليم الشرقية من الإمبراطورية تحت السيطرة. اعتبر السلطان [الكتائب الحميدية] نظاماً موازياً [رديفاً] للسيطرة على الشرق ومستقلاً عن بيروقراطية الجنود النظاميين والجيش الذي لم يكن يثق به تماماً. كانت الحميدية تتمتع بالكثير من الحصانة القانونية- لا الإدارة المدنية ولا التراتبية العسكرية لهما أية سلطة عليها ولم تكن أية محكمة لديها الصلاحية لتقاضي الجرائم المرتكبة من قبل أفراد الكتائب الحميدية- وتحولت الكتائب عملياً إلى زعامات مستقلة. لم يكن قادتها قادرون فقط على تعزيز سيطرتهم على قبائلهم فقط بل أيضاً قادرين على توسيع سيطرتهم على حساب القبائل المجاورة التي لم تكن منضوية تحت لواء الفرق الحميدية. لم ينجم عن تشكيل الحميدية قبائل جديدة فحسب بل أيضاً عزّزت من قوة بعض القبائل الموجودة اقتصادياً وسياسياً على حساب جيرانها مما جعلها داخلياً ذات ترتيب هرمي أكثر من ذي قبل[11].
كانت الحميدية مكروهة من قبل الأتراك الإصلاحيين باعتبارها تمثل أسوء جوانب الرجعية للسلطان عبدالحميد، وبعد انقلاب تركيا الفتاة في 1908 تم حلّها. ولكن بعد عدة سنين تم استرجاعها تحت اسم جديد ولم تلعب دوراً كبيراً في الحرب الكبرى، أو على الأقل ليس كجزء من القوات العثمانية[12]. خلال سنين الحرب والسنوات التي أعقبتها بات من الممكن في ظل الحكومة تراخي السيطرة المركزية أن تظهر الاتحادات القبلية من جديد بزعامة بعض الزعماء القبليين الأقوياء. فقد استعادوا وحدتهم السابقة بل جرّوا بعض القبائل المجاورة إلى فلكهم. وتمكنت بعضاً من تلك الاتحادات المنبعثة من جديد أن تجد طريقها إلى الصحافة في العشرينيات [من القرن الماضي] تحديداً بحكم ارتباطها بالقومية الكردية ولا سيما اتحادات هفيركان (شرقي ماردين في تركيا) و جلالي ( حوالي جبل آرارات) وبزدار (شرقي قلعه دزه، العراق) وشكاك التي هي موضوع بحثنا.
في هذه المرحلة تحديداً من التنظيم اختلفت اتحادات هفيركان وشكاك، وربما جلالي، في بعض النقاط عن النموذج “المثالي”. لقد زودنا فريدريك بارث بوصف مثالي إلى حد ما عن اتحاد (جاف)[13] القبلي. بحسب ذلك الوصف فإن اتحاد جاف يتألف من عدد من الأرومات، بعضها جاف حقيقيين، والبعض الآخر هامشية أكثر ولكنها جميعاً خاضعة لنفس السلالة الحاكمة، سلالة بكزاده. اتحاد هفيركان وشكاك كانا مختلفين عن ذلك النموذج من حيث أنها لم تكن تنتمي إلى سلسلة نسبية واحدة بل إلى عدة أرومات متنافسة وكل واحدة منها كانت مرتبطة بمكوّن قبلي من الاتحاد. يبدو لي هذا مؤشراً على (إعادة) تكوين الاتحادات القبلية. أدى نمو الاتحادات القبلية وتضامنها إلى انتصار إحدى الأرومات المشيخية.
احتفظت القبائل المكوّنة [للاتحاد القبلي] بهويتها الخاصة حيث تسكن كل واحدة منها في منطقة محددة بشكل جيد ولها حقوقها في مراعي محددة بشكل جيد أيضاً. الزعامة في تلك القبائل تكون أكثر ديمومة من الاتحادات القبلية. تلك الاتحادات ربما تكون غير متجانسة تماماً، كما هو الحال في اتحاد هفيركان المؤلف من المسلمين واليزيديين وحتى بعض الجماعات المسيحية التي اعتُبِرت جزءاً من الاتحاد. لم يكن لكل تلك القبائل مكانة سياسية متساوية داخل الاتحاد حيث كانت هناك قبائل “مركزية” تسيطر على الاتحاد سياسياً وعسكرياً وبعضها الآخر “تابعة” هامشية أو قبائل “مقطعية”[14] والتي كانت قد انضمت إلى الاتحاد بسبب نجاحاتها أو كانت قد أُخضِعت لها بالقوة. وكان النموذج الأخير أول من انشق عنها في أوقات المحنة. [15] .
في أوقات الهدوء النسبي كان من المستحيل عملياً للزعماء الطَموحين أن ينجحوا في الحفاظ على منصب مهم كقيادة اتحادات كبيرة كهذه بدون مساندة من حكومة مركزية قوية. ربما يكون النسب الرفيع وكرم الضيافة المفرطة والاستعداد لمساعدة رعاياه (وهي ميزات “زعيم” من نمط الزعيم القبلي) ضرورية لكي تجعل الزعيم محترماً ولكنها نادراً ما تكون كافية لضمان الاعتراف به بشكل عام كقائد أعلى. في تلك الفترات كان هناك عدة منافسين على القيادة العليا للاتحاد ويكون كل واحد من المنافسين معترفاً به فقط من قبل بعض زعماء القبائل. ضمن القبائل المشكّلة [للاتحاد] كان هناك عدة زعماء قبليين طموحين. نجم عن ذلك نظام تحزبي من نوعية “رقعة الشطرنج” حيث الكيانات المعنية عبارة عن أجزاء من القبائل المكونة للاتحاد القبلي.
ولكن عندما كانت الحكومة ضعيفة، مثل الفترة الممتدة من 1915 إلى 1930 فإن الزعماء القبليين المتنافسين ينخرطون في نوع من النشاطات العسكرية التي زادت من فترة احتفاظهم بمنصب زعيم القبيلة-جانب اللصوصية للزعماء القبليين. واشتمل ذلك على القيام بحملات نهب على القوافل أو المدن أو قرى القبائل المجاورة-وهي وسيلة ممتازة لتعزيز وحدة قبيلة المرء-ولكن من الواضح أن حملات النهب على قرى ومخيمات القبيلة ذاتها بذات الأهمية. تلك الحملات استهدفت بالدرجة الأولى الرعايا “غير القبليين” للزعيم القبلي المنافس والتابع للقبائل (الفرعية) التي كانت تقرّ بسلطته. لم يكن هناك الكثير من القتل والتدمير في حملات النهب تلك حيث كان يتم الاستيلاء على الحيوانات والممتلكات المتنقلة ويمكن إعادة جزء من كلتيهما فيما بعد. تلك الحملات كانت تُنّفذ من قبل حاشية الزعيم القبلي وهم مقاتلون أقوياء من أصول مختلفة ( تضم أحياناً غير الكرد) الذين قطعوا من قبل كل صلاتهم القبلية (كانوا مستعدين لقتل والديهم إذا ما أمرهم الزعيم القبلي بذلك كما قال لي أحد مصادري)؛ كانوا يعيشون مع وعلى حساب الزعيم القبلي الذي كانوا مخلصين له وحده. في أوقات السلم، كان هؤلاء الأتباع يجمعون ضريبة العشر للزعيم وفرض السخرة على الأتباع غير القبليين. إذا ما نجحت عدة حملات من النهب فإن القرى وأجزاء من القبيلة تنقل ولاءها إلى الزعيم القبلي الغازي خوفاً من جهة ولأن الزعيم الشجاع والداهية هو الأفضل من ناحية أخرى[16].
“الزعيم القبلي” و”قاطع الطريق” ليسا بالضرورة نوعين مختلفين من الزعماء القبليين، بل هما جانبان مكملان للزعيم القبلي المثالي. سليلو أسر قديمة ومعترف بها قانونياً قد يتصرفون كقطاع طرق أو محدثي نعمة لمن يتحداهم. يلعب العامل الخارجي في أغلب الأحيان أياً من النموذجين يكون الغالب. ولكن ينبغي التأكيد بأن أنجح “قطاع الطرق” من الزعماء القبليين لم يصعد إلى السلطة بالوسائل المذكورة آنفاً فقط. فقد أضافوا إليها الطريقة التي استخدمها كل الزعماء القبليون من كل الأصناف وفي كل الأوقات أي بالتحالفات السياسية مع القوى الخارجية. والقوى الخارجية قد تكون قبائل أخرى أو اتحادات قبلية أخرى (إنه أمر ذو مغزى أن الزعماء القبليين الكبار ل (شكاك) وهفيركان استحوذوا على أتباع من بين القبائل الأخرى قبل أن يسيطروا تماماً على القبائل “المركزية” للمتحالفين معهم) أو التجار المدنيون ولكن أهم القوى كانت بالطبع هي الدول. وحتى عندما لم تكن الدولة تملك سيطرة فعلية، فإن الزعيم القبلي قد يستمد الكثير من قوته منها- طالما أنها ليست غائبة تماماً كلياً وبإمكانها أن تطبق أقصى درجات العنف. يمكن للدولة أن تعترف بزعيم قبلي بصفته القائد الأعلى الوحيد لقبيلته أو الاتحاد القبلي مقابل وعود ب”الولاء”. فإذا ما اعترف السلطان العثماني (المقبول على نطاق واسع بصفته خليفة ) بزعيم قبلي فإن ذلك يكون نافذ المفعول. لكن اعتراف الدولة غالباً ما يتعزز بالهدايا المميزة وبالقوى المفروضة من قبل الزعيم القبلي المعترف به.
اعتباراً من العقود الأخيرة من القرن التاسع عشر فصاعداً، اعتقد الكثير من الزعماء القبليين بأنه من المفيد إجراء اتصالات مع روسيا و/أو بريطانيا بالإضافة إلى دول المنطقة. كان يُنظر إلى تلك القوى، رغم أنها محتَقرة [من قبل الزعماء القبليين]، على أنها أقوى (وبالتالي حلفاء مفيدين أكثر) من السلطان أو الشاه. يبدو أن البريطانيين لم يبدو استعدادهم حتى بداية الحرب الكبرى ولكن الروس قاموا بدعوة أكراد بارزين للقيام بجولات في القوقاس وجورجيا وقطعت لهم وعوداً ووزعت الكثير من المال والهدايا على الزعماء القبليين[17] مما عزز مكانتهم.
[1] A.C. Wratislaw, A Consul in the East (Blackwoods, Edinburgh and London, 1924), pp.213-214, 229-32. W.E.D. Allen and P. Mouratoff, Caucasian Battlefields: A History of the Wars and the Turco-Caucasian Border 1818-1921(Cambridge University Press, 1953. A. Kasravi, Tarikh-i hijdah saleh-yi Azarbayjan (Amir Kabir, Tehran, 4th impression, 1346-1968)
[2] إماراتان كرديتان تحت الحكم العثماني بتليس (حوالي 1650 ميلادي) وبابان (اعتبارا من 1820) موصوفتان بالتفصيل والتحليل في كتابي: الآغا والشيخ والدولة البنى السياسية والاجتماعية لكردستان (زيد بوكس، لندن، 1992) ص161-73.
[3] في حالة إمارة بابان هذا مشروح بشكل جيد في C.J. Rich’s diary, Narrative of a Residence in Koordistan (Duncan, London,, 1992) Vo.I, Passim. بعد زيارة ريتش في 18200 ببعض الوقت الحاكم غيّر مير محمد باشا، تابع كاره لبغداد، من ولاءه وعرضها على الوريث الإيراني المنتظر عباس ميرزا وبذلك عجّل وقوع الحرب بين الإمبراطوريتين.
[4] الملا مصطفى البرزاني ،الذي يعتبر من أحدث القادة الكرد الممثلين للوسط القبلي، كان على اتصال مع كلتا القوتين منذ 1946. قضى 11 عاماً (1947-19588) في المنفى بالاتحاد السوفييتي، وفي الحرب الكردية في العراق ورغم كل التقلبات بقي على تواصل مع ممثلي السوفييت وتلقى دعماً سوفييتياً حتى 1972 حين تلقى وعوداً قاطعة بتلقي دعم كبير من أمريكا. قبل ذلك التاريخ حاول البرزاني الحصول على دعم الأمريكان بل أبدى رغبته في الانضمام إلى الولايات المتحدة كالولاية الأمريكية رقم 51. منذ 1991 الحزبان الكرديان الرئيسيان في العراق يعتمدان بشكل كبير على الحماية الأمريكية من صدام حسين. أما حزب العمال الكردستاني PKK فقد اعتمد على الرعاية السورية له وتسابق – دون نجاح غالباً- للحصول على الدعم السوفييتي والروسي فيما بعد.
[5] على سبيل المثال اتحاد البلباسي في إمارة بدليس جاءت من مقاطعة هكاري قبل تأسيس الإمارة كما تقول شرفنامه. الأمير شرفخان البدليسي، شرفنامه، Tarirkh-i Mufassal-i Kurdistan, ed M. Abbasi (Ilmi, Tehran, 1343/1965)
[6] حاشية المترجم: أول النظراء primus inter pares مصطلح مأخوذ من اللاتينية ويعني الأول بين الأنداد. وهو لقب شرفي يستخدم لهؤلاء الذين رسمياً هم على نفس درجة الأعضاء الآخرين من المجموعة التي ينتمون إليها.
[7] لمزيد من الأحداث والموقف في بوطان بعد انهيار الإمارة، انظر فان برونسين: الآغا والشيخ والدولة ص177-182.النشاط التبشيري في وسط كردستان موصوف بشكل ممتاز في جوزيف النسطوريون وبشكل موسع أكثر في Hans-Lukas Kieser, Der verpasste Friede: Mission, Ethnie und Staat in den Osta=provinzen der Turkei 1839/1938 (Chronos, Zurich, 2000)
[8] Richard Tapper, “Introduction” in R. Tapper, ed. The Conflict of Tribe and State in Iran and Afghanistan(Croom Helm, London, 1983)
[9] يورد باسيل نيكيتين واستاذه الكردي محمد صديق، السكرتير السابق للشيخ المعني وصفاً مسل جداً، ولكنه صحيح، كيف أن شيخاً داهية استغل الخلاف بين زعيمين قبليين متنافسين وبذلك استولى على قسم من سلطتهما وممتلكاتهما. انظر باسيل نيكيتين و ي. ب. صون “حكاية سوتو وتاتو. النص الكردي مع الترجمة والملاحظات في نشرة المدرسة الشرقية للدراسات 3، 1 (1923) ص. 69-106 لمناقشة مستفيضة عن الدور السياسي للشيوخ في كردستان راجع فان برونسين الآغا… ص192-195 وأيضا م. فان برونسين Les Kurdes, Etats et tribus, Etudes Kurdes 1 (Paris, 2000) 9-31, esp.11-4
[10] انظر لمزيد من التحليل فان برونسين الآغا..ص192-5 وأيضاً M. van Bruinessen “Les Kurdes, Etats et tribus, Etudes Kurdes 1 (Paris, 2000), 9-31 esp.11-4
[11] B. Kodaman, Sultan II Abdulhamit devri Dogu Anadolu Politikasi (Ankara, Turk Kulturunu Arastirma Enstitutsu, 1987 pp 21-65; S. Duguid, ” The Politics of unityL Hamidian Policy in Eastern Anatolia” Middle Eastern Studies 9 (1973), 139-156; van Bruinessen Agha, pp.185-9
[12] بحسب آلان موراتوف Alan Muratoff في مؤلفه Caucasian Battlefields ص 296 فإن الكرد العثمانيين خلال السنة الأولى من الحرب كانوا منظمين في أربع فرق عسكرية من الفرسان وقد أثبتت عدم فعاليتها فتم تسريح اثنتين منها.
[13] F. Barth, the Principles of Social Organization in Southern Kurdistan (Jorgensen, Oslom 1953)
[14] حاشية المترجم: المَقْطَع وهو شخص يُقطعه السيد الإقطاعي أرضاً لقاء تعهده بتقديم المساعدة العسكريّة إليه
[15] عن هفيركان: مارتن فان برونسين، الآغا… ص. 101-105 Asiretler Raporu (Kaynak Yayinlari, Istanbul, 1998) pp.234-5
[16] أحد الزعماء القبليين الذين طبقوا هذه الأساليب بنجاح كبير هو حاجو زعيم الاتحاد الهفيركي (1920- 1930 تقريباً) موصوف ببعض التفصيل في فان برونسين الآغا..ص 101-1055.
[17] B. Nikitine, Irani ki man shinakhtam (Ma’rifat, Tehran, 1329/1951), p. 229; W. Eagleton, Jr, The Kurdish Republic of Mahabad of 1946 (Oxford University Press, 1963) نيكيتين كان القنصل الروسي في أورمية في ذلك الوقت، ولذلك فإن مذكراته مصدر رئيسي.[1]