حوار مع آن صوفي شوت حول كتابها “حشد الشتات الكردي في الدانمارك: دعم الصراع في سوريا”
أجرى الحوار: مدونة منشورات جامعة ادنبره
ترجمة: مصطفى إسماعيل
هل يمكنك أن تخبرينا قليلاً عن كتابك؟
يدور الكتاب حول كيف أن الشتات الكردي في الدنمارك قام بالتحشيد ودعم الكفاح الكردي في سوريا. كانت معركة كوباني عام 2014 حدثاً تعبوياً هائلاً، وكذلك الأمر التوغلات التركية في عفرين عام 2018 وشمال شرق سوريا عام 2019. أتابع في الكتاب الجماعات الكردية في الشوارع والساحات ومبنى البرلمان (الدانماركي)، حيث حاول النشطاء الكرد دفع السياسيين الدانماركيين إلى الردّ على الفظائع التي ارتكبت ضد الكرد. حضرت كذلك جلسات محاكمة وفعاليات تبرع وتحدثت إلى عدد من النشطاء الكرد حول عملهم السياسي والإنساني. لقد زوّد الشعور بالانتماء إلى مجتمعٍ كردي عابر للحدود الكردَ بصوت قوي على المسرح العالمي. لعلني أجد أيضاً أنه ورغم الاعتراف الذي حظيت به القضية الكردية على نطاق واسع، إلا أن عدداً محدوداً فقط من السياسيين الدانماركيين على استعداد لدعم ذلك بمبادرات عملية.
ما الذي ألهمك لإجراء بحثٍ عن الشتات الكردي في الدنمارك؟
لقد قمت لسنوات عديدة بتدريس ديناميات النزاع لضباط في وزارة الدفاع الدانماركية. حين قرر البرلمان الدانماركي نشر قوات في الشرق الأوسط للمشاركة في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش، شهدتُ مجموعات من الشتات الكردي تتظاهر أمام مبنى البرلمان، وبدأت أتساءل عما ستكون الخطوة التالية، وماذا ستكون نتيجة التفاعل بين السلطات الدانماركية والنشطاء الكرد الذين يقاتلون نفس العدو، تنظيم الدولة الإسلامية/ داعش، ويدعمون نفس القوات المحلية على الأرض، المقاتلين الكرد السوريين، لكن من خلال شروط مختلفة تماماً.
ما هو الأمر الذي أثار أكثر اهتمامك في هذا المشروع؟
كان أكثر ما أثار اهتمامي حول المشروع هو مقابلة جميع الأشخاص المخلصين الذين يكافحون مجازياً لاختراق الجدران كريستيانسبورغ (مبنى البرلمان الدانماركي) السميكة لمقابلة صناع القرار السياسي في مبنى البرلمان. بذل نشطاء منخرطون آخرون قدراً كبيراً من الجهد في جمع الملابس ولوازم أخرى من أجل إيصالها إلى الكرد الذين يعانون في الميدان. أخبرني البعض أنهم ينخرطون لأن التحرك يهدئ قلقهم. على كل حال، أنا معجبة بشدة بالتزامهم المستمر.
هل اكتشفت أي أمر غريب أو مفاجئ على نحو خاص؟
اعتمادي لنهج تفاعلي استراتيجي في الدراسة جعلني أكتشف الكيفية التي تم بها تشكيل استراتيجية كل لاعبٍ على الأرض من خلال ردود اللاعبين الآخرين في عملية متواصلة. اكتشفت بهذه الطريقة كيف يبدو أن النشطاء الكرد يتكيفون مع الاعتراف الغامض من قبل الساسة الدانماركيين من أجل مواصلة عملهم السياسي دونما قيود. بناء على ذلك، يبدو أن الكرد يتجنبون أي مواجهة مع السلطات الدانماركية. ثم أن هذه السلطات لم تجد أي داعٍ لتغيير استراتيجيتها. يفضي ذلك إلى تفاعل يكتنفه الغموض إلى حدّ ما.
اكتشفت أيضاً كيف ظهر التنافس المرير بين الحركتين الكرديتين الرئيسيتين، إحداهما تتبع إيديولوجية عبد الله أوجلان والأخرى تهدف إلى كردستان مستقلة. يتضمن ذلك محاولات متنافسة لكسب انتباه الرأي العام وعكسِ مهارات كل منهما في المجال العام. هذا ليس أمراً مفاجئاً للأشخاص المنخرطين في الشأن الكردي، لكن هذه العناصر الدقيقة للتفاعل داخل الشتات الكردي لم يتم تحديدها من قبل.
هل أخذك بحثك إلى أماكن غير متوقعة أو حالات غير اعتيادية؟
مكنتني العلاقات الجيدة من مقابلة عدد من الأشخاص البارزين الذين كسبت منهم معلومات مهمة جداً. لكن ما أدهشني أكثر خلال قيامي بالبحث الميداني هو أنني جئت لرؤية مدينتي كوبنهاغن من منظور جديد. لدي حياتي اليومية هنا، حيث أذهب إلى نفس الأماكن، ولدي قدر من الألفة مع المدينة. من خلال البحث الميداني اختبرت أماكن جديدة، والأماكن التي كنت أعرفها سابقاً اكتسبت معنى جديداً. نمت المدينة وأصبحت أكبر، مرتبطة بأماكن أخرى في العالم. من هذا المنطلق، اختبرت المدينة (كوبنهاغن) كمكان عابر للحدود.
هل غيّرَ بحثكِ في هذا المجال من الطريقة التي ترين بها العالم اليوم؟
كنت على علم مسبقاً بأن الروابط العابرة للحدود بين الكرد المقيمين في الخارج والكرد المقيمين في الوطن قوية، لكنني أدركت أن هذه الروابط مقيدة لأسباب مختلفة. ففي حين يحدد البعض انتمائهم في المقام الأول بالقرية المحددة التي انحدروا هم أو آباؤهم منها، فإن آخرين يتماهون مع أحد الكيانات السياسية الكردية في سوريا والعراق، والتي أتوا لدعمها من خلال التعبئة السياسية. بالنسبة لبعض الكرد، تتداخل الروابط العاطفية والسياسية، لكن بالنسبة للبعض الآخر فإن هذه الروابط مهشمة. أنا أسمي هذا تحديد الهوية الإقليمي المُعدَّل مع الوطن حيث يقوم الشخص بإزاحة هويته إلى جزء آخر من كردستان غير المنطقة الكردية الأصل التي ينحدر منها. ينطبق هذا على الكرد من تركيا الذين دعموا ثورة روجآفا، والكرد السوريين الذين ارتبطوا بالتطورات السياسية في كردستان العراق. إن التعبئة العابرة للحدود/ عبر الوطنية معقدة للغاية بالنسبة للأشخاص المتفرقين في جميع أنحاء العالم، حيث يتعين عليك أن تراعي جميع الأوضاع المحلية بالإضافة إلى التفاعل العابر للحدود/ عبر الوطني.
*آن صوفي شوت Anne Sofie Schøtt: أستاذة مساعدة في كلية الدفاع الملكية الدانماركية. قامت لسنوات بالتدريس في النزاعات والدراسات الاستراتيجية في الأكاديمية الملكية الدانماركية للقوى الجوية مركزة على التدخلات العسكرية الدانماركية الدولية. نالت في 2019 درجة الدكتوراة من جامعة كوبنهاغن عن أطروحتها حول حشد الشتات الكردي في الدانمارك.[1]