خمسة وثمانون عاما مرّ على مجزرة ديرسم، التي استخدمت فيها الدولة التركية أنواعاً عديدة من الأسلحة المحظورة في ذلك الهجوم، ففي ديرسم تم استخدام أسلحة كيماوية لأول مرة ضد الكرد، ونتيجة لذلك، قُتل عشرات الآلاف من الكرد وتم تهجير الآلاف قسراً.
أُسِّست الدولة التركية المحتلة منذ بداية وجودها على أساس إبادة، وإنكار الشعب الكردي، وكان أول رئيس للدولة التركية كمال أتاتورك، الذي قال: “لا توجد أمة أخرى غير الأمة التركية، تعيش على هذه الأرض، إما أن تصبحوا أتراكاً، أو تصبحون خدماً للأتراك”.
المجزرة، التي لم يتم نسيانها خلال انتفاضة آرارات، شنت هذه المرة الدولة التركية المحتلة مرة أخرى هجوماً وحشيا على الكرد العلويين في ديرسم، وسالت دماء الكرد كالأنهر، وارتبكت مجزرة كبرى بحقهم، وزادت هذه المجزرة من غضب الشعب الكردي، وأدت إلى انتفاضة ديرسم بقيادة سيد رضا.
التغيير الديموغرافي والإنكار
أصدر أتاتورك قانوناً في عام 1937 يسمى “إعادة التوطين”. تم تصميم هذا القانون خصيصاً لإضفاء الشرعية على تهجير الكرد، والقوميات الأخرى، والتغيير الديموغرافي في تركيا.
بدأت الدولة التركية في عام 1935 بتهجير الكرد بشكل قسري من أراضيهم، ومن منازلهم قبل نقلهم إلى غرب تركيا، واستبدال الكرد بالأتراك، كان الهدف من هذا الفعل إنهاء وجود الكرد، بعد التهجير غيرت الدولة التركية اسم ديرسم إلى تونجلي، وبدأت في تنفيذ هذه الخطة، تسمى هذه السياسة بالسياسة التركية، وتعدّ جريمة إبادة جماعية بموجب القانون الدولي.
أرسل كرد ديرسم في عام 1937 رسالة احتجاج إلى حاكم المنطقة، لكن بدلاً من الرد، بدأ في اعتقال المشتبه بهم، وإطلاق النار عليهم، هذا النهج للدولة جعل انتفاضة ديرسم تتحول إلى انتفاضة مسلحة بقيادة سيد رضا، ثم دعا السيد رضا زعماء القبائل إلى التوحد، والانتفاضة ضد الدولة التركية.
وبدأت الانتفاضة الشعبية، وكانت هناك حروب وصراعات ضد الدولة التركية في أماكن كثيرة، مع استمرار القتال، جمع الجيش التركي 25 ألف جندي مسلح في ديرسم، وأمرهم بقمع الانتفاضة، وظهرت المقاومة في كل مكان، حيث دمرت الدبابات والمدفعية، والطائرات القرى والبلدات، وقتلت أبناء المنطقة.
ضحايا مجزرة ديرسم
وحسب المصادر، فقد نفذت المجازر بحق أكثر من 14 ألف شخص، وتقول بعض المصادر: إن أكثر من 35 ألف شخص، استشهدوا جراء المجازر، وتم تهجير ما يصل إلى 12000 شخص قسرا، واعتقل سيد رضا، وعشرة من رفاقه، تم شنقهم في العزيزة في 15 تشرين الثاني 1937، ولا يزال قبره مجهولاً.
بدأت مجزرة ديرسم في الرابع من أيار 1937، على الرغم من إعلان الدولة في عام 1938 أنها وضعت حدا للانتفاضة، ولكن استمرت سرا حتى عام 1939، بعد الانتفاضة، قاد الجنرال التركي عبد الله ألب دوغان محاور ديرسم.
واستُخدمت جميع أنواع الأسلحة في هذه المجزرة، وإنها كانت المرة الأولى، التي اُستُخدمت فيها الأسلحة الكيماوية ضد الكرد كانت في ديرسم، ما أدى إلى استشهاد 13800 شخص.
وبمرور 85 سنة على مجزرة ديرسم، وما زالت الدولة التركية ترتكب مجازر بحق الكرد، حيث تستخدم الأسلحة الكيماوية ضد مقاتلي حرية التحرر الكردستانية في باشور كردستان “جنوب كردستان”.[1]