ولد الشيخ محمد عيسى سيدا في قرية “قره كوه” من قضاء (Varto) التابعة لولاية “موش” في باكور كردستان عام 1924 م، وهو من أوائل مؤسسي البارتي عام 1957، والده الشيخ محمود القره كوي، وهما من شيوخ سلسلة الطريقة النقشبندية، ووالدته داغستانية الأصل من قرية “زرنكي”.
حياته
اعتقل الشيخ محمد عيسى سيدا مع والدته من قبل الجندرمة التركية وعمره سنتان، وكان ذلك بعد اندلاع ثورة الشيخ سعيد بيران عام 1925 إثر محاولة اعتقال والده الشيخ محمود، واختفائه عن الأنظار، أُطلِق سراحه مع والدته بواسطة ضابط داغستاني، كان له علاقة قرابة مع والدته، وبعد فترة قصيرة من إطلاق سراحهما هاجرت أسرته إلى ولاية ماردين، حيث أقامت في قراها لمدة ست سنوات وفي حوالي عام 1931 م، نزلت الأسرة إلى روج آفا، واستقرت في قرية (تل أيلول) ناحية الدرباسية في الحسكة سوريا.
وبدأ الشعور القومي لدى الشيخ عيسى بالنمو إثر وصول دفعات من رجالات ثورة الشيخ، سعيد بيران، الذين كتب لهم الخلاص من تنكيل اتاتورك، حيث كانوا يروون بشاعة التعذيب، والظلم الذي كان يتعرض له الكرد في ظل النظام الأتاتوركي، تعلم القراءة والكتابة باللغة الكردية، وهو بعد طفلٌ، في مرحلة شبابه الأولى احتك بالشخصيات الوطنية الكردية المختلفة من أمثال: جلادت بدرخان بك، وملا حسن كرد، وعبد الرحمن علي يونس الذي قاد ثورة ساسون.
إنجازاته وأعماله
في السابعة عشرة من عمره، انتسب إلى جمعية “خويبون” الكردية، والتقى بالمناضل أوصمان صبري واستفاد من خبرته السياسية والنضالية، حيث كان يكبره بعشرين سنة، وراح يبحث معه في كيفية نيل الحقوق المشروعة للشعب الكردي، وتوصلا لفكرة إنشاء أول حزب سياسي كردي في سوريا، ولأنه كان ينتمي إلى أسرة نقشبندية فقد زاول نشاطه الديني، وبنى مدرسة دينية في قرية (كركوند) وبذلك ازداد تأثيره، ونفوذه بين قطاعات كبيرة من الكرد، واستطاع أن يخرج دفعات من الطلبة مشبعة بالروح القومية النضالية، كان في مصر في أثناء العدوان الثلاثي عليها في عام 1956م والتقي مع أبناء الأسرة البدرخانية في مصر؛ للتباحث معهم حول تأسيس تنظيم كردي في سوريا.
في عام 1957م تم تأسيس الحزب الديمقراطي الكردي في سوريا (البارتي)، وكان له الدور البارز والأكبر في ذلك، حين سخر إمكاناته المادية الكبيرة، وتأثيره اللامتناهي على قطاعات واسعة من أجل ذلك، وفي عام 1958 م أوفد في أول مهمة خارجية هامة إلى العراق؛ للقاء الزعيم الكردي العائد، في ذلك الوقت من الاتحاد السوفيتي الملا مصطفى البارزاني، وللتباحث مع قيادة الحزب الديمقراطي الكردستاني العراقي حول الأمور، التي تهم الحركة الكردية، فنشأت علاقة حميمة بينه وبين البارزاني، نظراً “لتشابه مواقفهما في الكثير من الأمور الدينية والوطنية”.
في عام 1961م عين مرشحاً “للانتخابات النيابية مع الدكتور نور الدين ظاظا، من قبل البارتي وفي عام 1963م، وإثر ظهور بوادر الانشقاق في الحزب، تقدم باستقالته من الحزب، وفي أواخر العام نفسه حكم بالسجن لمدة سنتين، فانتقل إلى لبنان، وبقي هناك سنتين قبل أن يعود إلى سورية على إثر صدور العفو العام.
في عام 1970 م، وبعد صدور بيان الحادي عشر من آذار سافر إلى إقليم كردستان بناءً على دعوة مصطفى البارزاني له أثناء ملاحقته من الأمن السوري، وهناك قام بدور فعال لتوحيد قواعد الحزب بجناحه، وانتخب عضواً في اللجنة المركزية للقيادة المرحلية للبارتي.
في عام 1973م وخلال انعقاد المؤتمر الحزبي الأول، تقدم بطلب استقالته من البارتي، فرُفض طلبه، وعُين عضواً فخرياً في البارتي مدى حياته.
انقطعت نشاطاته السياسية، وتركزت جهوده على النواحي العلمية، وخاصة الدينية منها، بعد ذلك، أيد ودعم حركة التحرر الكردستانية في باكور كردستان بقيادة (حزب العمال الكردستاني) خلال الثمانينات والتسعينيات من نهاية القرن الماضي.
وفاته
توفي الشيخ محمد عيسى سيدا في 31 أيار 2001 م بمدينة الحسكة إثر مرض أقعده الفراش، لمدة سنة تقريباً، ودفن بجوار والده الشيخ محمود القره كوي، بمقبرة مولانا الشيخ خالد في مدينة دمشق،، [1]