غاندي إسكندر_
فاطمة عيسى فنانة كردية، ولدت في قرية (أرزكين) التابعة لجمهورية أذربيجان في عام 1934، وفي السنة الثالثة من عمرها، نُفيت أسرتها مع باقي العائلات الكردية إلى قرية (همزالي) في أرمينيا، فتزوجت فاطمة، وهي في الرابعة عشرة من عمرها، حيث كان تُزويج البنات في سنٍ مبكرة عادة منتشرة آنذاك بكثرة، كانت تمتلك فاطمة صوتاً عذباً مميزاً ولديها رغبة في الغناء علناً، ولكن الموانع المولودة من جحر ما يسمى العادات والتقاليد، حالت دون ذلك، لذلك قررت ممارسة هوايتها في الغناء على نطاق ضيق مع الحفلات، والمجالس الغنائية، التي تقيمها النساء عادة، وكانت هذه المحاولة، بحد ذاتها تحدياً لمحيطها المغلق، وبداية نصر لموهبتها، التي أبت أن تضمرها وتميتها.
من يريفان كانت الانطلاقة
لقد كانت ولادتها الفنية الحقيقية في عام 1972حيث جابهت العادات، والتقاليد البالية، ولم تستسلم لمحيطها المنزوي على نفسه، والذي يضع مئات الخطوط الحمراء في وجه المرأة، ولا سيما نساء الكرد السنة، تمكنت فاطمة من إيصال صوتها الندي إلى ملايين الكرد، عندما سنحت لها الفرصة عبر أثير إذاعة يريفان، وذلك عندما قرر الإداريون فيها البحث عن أصوات نسائية كردية جديدة، فاتصلت بهم، وتقدمت إليهم بطلبها، داعية فيها الاستماع إليها، وقبولها في الإذاعة، تقول فاطمة عيسى في أحد حواراتها: “كانت النساء الكرديّات، اللواتي يغنين في تلك الفترة أمثال (سوسكا سمو وزادينه شكر) وغيرهن من الكرد الإيزيديين، لم يكن بينهن نساء من الكرد السنة، لذلك ولأجل أن يتم التعريف بأصوات النساء من الكرد السنة، صاروا يبحثون عنهن في المدن والقرى، وعندها أخذت فرصتي في الظهور العلني”. في إذاعة يريفان، التقت بمسؤول القسم الكردي (خليل مرادوف) الذي أعجب بصوتها كثيراً، وكان له الدور في تسجيلها لعدة أغاني كردية منها (درويش عفدي، وكدي ميرزو، وده محو/ ودينا مينو).
وقد لاقت هذه الأغاني القبول من المستمعين الكرد في تلك الحقبة، لقد كانت تلك الأغاني جواز مرورها إلى قلوب الملايين من الكرد، في أنحاء كردستان، ولا سيما أغنية (ده محو)، التي دخلت القلوب قبل الأسماع بسلاسة ويسر، وكانت الأغنية الأبرز لها لسنوات طويلة، وتدور قصتها التي حولتها فاطمة إلى أغنية خالدة، حول قصة حب بين فتاة تدعى (تيلي) وهي ابنة أحد الأمراء الكرد، وبين شاب فقير اسمه (محو)، في هذه الأغنية تروي هذه الفتاة قصة حبها لمحو بكلمات منظمة، وقد تطرقت فاطمة عيسى إلى حالة الحب، هذه من خلال إظهار عدم المساواة الاجتماعية في ذاك الزمن، وقد غنت فاطمة هذه الأغنية مرة واحدة فقط، وتم تسجيلها، وقد كان كافياً لتُصنَّف أغانيها ضمن الفن الكردي الأصيل، لقد كانت فاطمة عيسى، كغيرها من النساء اللواتي تحدين القدر، وواجهن العادات والموانع، وأثبتت أن إرادة الإنسان فوق الممنوعات كلها، توفيت فاطمة عيسى عام 2010وتركت وراءها إرثاً فنياً مجيداً، أغنت به المكتبة الغنائية الكردية. [1]