إعداد/ غاندي إسكندر
فنانة كردية معروفة، ولدت لعائلة كردية، من كرد قفقاسيا في عام 1925، ولدت ضمن حدود لا يجوز للنساء تجاوزها، لئلا تلحقها لعنة العادات، والأعراف الكردية، التي كانت متعبة على المرأة آنذاك، وكعادة بعض نساء تلك الفترة، قررت “سوسكا” التمرد على الحدود، وتجاوزها بجرأة وصلابة، واضعة نصب عينها سهام المجتمع الفتاكة، التي قد تفتك بها، وبسمعتها كامرأة متمردة خارجة عن الأعراف والعادات، حين ولوجها إلى عالم الفن، تعرفت على شاب أرمني كان رياضيا، وقد نشأت بينهما علاقة حب فتزوجا، وبزواجها من رجل غير قوميتها، وغير دينها، أوقعت نفسها في عزلة بين جماهيرها الكردية، الذين نظروا إليها نظرة المرأة المتمردة على شرائع دينها، وقيل أن سبب عزلتها هو دخولها إلى عالم الفن والغناء، وهو المجال الذي ما زال محفوفا بالمخاطر، لدى شريحة واسعة من المجتمع الكردي إلى يومنا هذا.
مسيرتُها الفنيّةُ المميّزةُ
تعد “سوسكا سمو” أول فتاة كردية، تعتلي خشبة المسرح، وتغني بلغتها الكردية على مسارح الاتحاد السوفيتي السابق، كان ذلك في عام 1946حين اعتلت مسرح ” فلارمونيا” في أرمينيا وأدت عليها، وضمن حفل فني، العديد من الأغنيات الكردية، وهذا المسرح كان مخصصا للأقليات، في تلك الجمهوريات؛ لكي يعرضوا فنونهم وتراثهم عليه، حيث كانت الحكومة المركزية ترفض أن تفعل الأقليات ذلك قبل تاريخ “1946” ولم يكن يحضر ذلك المسرح أبناء الأقليات فقط، بل كان يتوافد إليه الناس من جمهوريات أخرى؛ ليتعرفوا على فلكلور وفنون الأقليات، وقد شكلت “سوسكا” مع زوجها الأرمني “كوليا نفتالينا” الذي كان يرافقها في حفلاتها الغنائية جميعها، ويشاركها خشبة المسرح، أفضل ثنائي غنائي في تلك الحقبة، لم تقتصر شهرتها على يريفان فقط، بل شملت جمهوريات الاتحاد السوفيتي كلها، ويقال :”إن الجماهير كانت تتدافع لقطع تذاكر حفلاتها، قبل بدئها بأيام، وكانت تنتظر في طوابير، وإن لم تتمكن من ذلك، كانت تكتفي بالاستماع إليها، والاستمتاع بصوتها من الصالون الملحق بخشبة المسرح”.
سوسكا ومنذ دخولها في عالم الغناء، أرادت النهل من التراث الغنائي الكردي، الذي لم يبخل عليها بالعطاء، بالإضافة إلى الأغاني الخاصة بها، ولكن أشهر أغنية، ترددها كثيرا في حفلاتها هي أغنية: (لولو محو)، وعُدَّتْ هذه الأغنية مفتاح شهرتها، وعلى الرغم من تقديمها للعديد من الأغاني، التي تركت أثرا بين محبيها من عشاق الفن، غير أنها لم تتمكن من إصدار أي كاسيت غنائي في حياتها، وذلك بسبب ظروفها المادية الصعبة.
لم تكتفِ “سوسكا سمو” بالغناء بلغتها الكردية فقط، بل اعتادت أن تلبس الثياب الملونة بألوان العلم الكردي” الأخضر، والأحمر، والأصفر” وتزين رأسها بكوفية كردية زاهية الألوان، وهو ما يدل على صدق مشاعرها، وصفاء أحاسيسها تجاه قومها، وشعبها، ولغتها، وقضيتها.
رحلت- رحمها الله- فنانة المسرح في عام 1977، وهي في عنفوان شبابها وعطائها، بعد أن أثرَتْ الفن والغناء الكردي الألق والضياء إلى الأبد.[1]