إعداد/ دجوار أحمد آغا_
لا تختلف حياة معظم عظمائنا من فنانين، وكتاب، وأدباء، ومبدعين عن بعضها البعض، فهي تتشابه الى حدٍ كبير، وأحمد كايا لم يكن استثناءً، فهو كما يلماز غوني، ترك الدراسة، وهو لا يزال صغيراً؛ ليساعد والده الذي هاجر من موطنه، ومسقط رأسه في أديمان إلى أسطنبول؛ بحثاً عن لقمة العيش لعائلته.
عمل والد أحمد كايا في مصنع للنسيج، بينما عمل أحمد، وهو أصغر إخوته، في بيع أشرطة الأغاني /الكاسيت/ والصحف والمنشورات، وقد دخل السجن لأول مرة وهو في الثالثة عشرة من عمره، بتهمة توزيعه لمنشورات مناهضة لقادة انقلاب 1960 في تركيا.
كان كايا يعشق الغناء، خاصة وهو يمتلك حنجرة ذهبية وصوتاً مذهلاً، يدخل القلوب، والعقول على حدٍ سواء. أول انطلاقة غنائية له كانت في مناسبة عيد العمال العالمي، في الأول من أيار إلى جانب عشقه لآلة الطنبور، حيث كان يعزف عليها بريشة معاكسة (باغلما) في الأحياء الشعبية، ما أكسبه شهرة واسعة، وأصبح المغني الشعبي المميز.
ارتبط كايا بوالدته كثيراً، تلك المرأة القادمة من أرزروم، لتلتقي بوالده القادم من أديمان، وينجبان كايا في ملاطية سنة 1957؛ لذا كان أول البوم صدر له عام 1985 تحت عنوان “بكاء طفل” أهداه لأمه. وفي العام نفسه أصدر البومه الثاني بعنوان “الألم”، وتوالت بعدها الإصدارات حتى وصلت الى 30 ألبوماً.
قرر كايا في عام 1999 وعلى الهواء مباشرة، أن يُعلن للعالم أجمع عن انتمائه الكردي الأصيل، رغم غنائه بالتركية وذلك خلال مهرجان، يُنقل على الهواء مباشرة، ما أحدث ضجة كبيرة في الأوساط الشوفينية التركية، حيث تهجمت عليه وحتى حاولت الاعتداء عليه، وتم اعتقاله من جانب البوليس التركي حيث أُدع السجن.
بينما أحدث هذا الاعتراف ارتياحاً كبيراً جداً في أوساط الشعب الكردي، في سائر أجزاء كردستان. بقي كايا لمدة أربعة أشهر في السجن، ولكن لكونه متعاقداً مع جهة فرنسية؛ لإقامة حفلة غنائية، اضطرت السلطات التركية الإفراج المؤقت عنه شريطة، أن يعود للسجن بعد انتهاء الحفل الفني في باريس.
لدى خروجه من السجن، قرر كايا أن يبقى على قيد الحياة، بعيداً عن السجن، وظروف الاعتقال السيئة الصيت، حيث اختار مُكرهاً المنفى، فقدم اللجوء السياسي لفرنسا، التي وافقت على طلبه فوراً، وغنى بعدها العديد من الأغاني الكردية منها Kanî Di Herikîn التي لاقت صدى واسعاً واستحساناً كبيراً لدى الشعب الكردي.
الملايين رددت مقولة كايا الشهيرة: “سأترك عصافيري وأوراقي.. وأرحل” ولكنه في الحقية لم يرحل، بل كتب اسمه في قلوب محبيه في سائر كردستان، والعالم، ولم ترحل عصافيره، ولم ترحل ذكراه عن قلوب وفكر كل عاشق للحرية.
بقي كايا في فرنسا التي احتضنته وهو حيّ، وكذلك احتضنت جثمانه بعد وفاته في السادس عشر من تشرين الثاني سنة 2000، حيث أُقيمت له مراسم تليق به، وتم دفن جثمانه في مقبرة العظماء “لانشيز” بباريس الى جوار يلماز غوناي والدكتور عبد الرحمن قاسملو.[1]