دجوار أحمد آغا
العم أوصمان صبري الشخصية الوطنية الكردية بامتياز، كانت نشأته في ربوع باكور كردستان قرية نارنجه بولاية سمسور “أديمان” ومنها انتقل إلى كوباني في روج آفا وصولاً إلى دمشق العاصمة السوريّة، ليُكرّس سنوات عمره في النضال والكفاح، السجن والهجرة، التغريبة الكردية في المنفى إلى أن رحل عنّا في الحادي عشر من شهر تشرين الأول عام 1993 في دمشق وشُيّع جثمانه الطاهر إلى روج آفا حيث جرى دفنه في مزار الشهيد رستم جودي في قرية بركفري بالدرباسية.
في قرية نارنجه بمنطقة كخته من ولاية سمسور “أديمان” وبتاريخ الخامس من تشرين الأول من عام 1905 ولد لزعيم عشيرة مرديسا صبري آغا طفل فرح به الآغا كثيراً وأطلق عليه اسم أوصمان، في سن السابعة دخل المدرسة الرشيدية حتى الصف التاسع حيث ترك الدراسة سنة 1920 وعاد إلى قريته نتيجة لوفاة والده المبكرة، وكان حينها عمه شكري يترأس العشيرة. في عام 1925 شارك مع عميه شكري ونوري في ثورة الشيخ سعيد بيران حيث بعد فشل الثورة عام 1926 تم اعتقالهم وتم إعدام عميه وحُكم عليه بالسجن حيث بقي لمدة سنتين ثم أُفرج عنه بعد عفو عام، لكنه اعتُقل مرة أخرى سنة 1928 وبقي في السجن لمدة سبعة أشهر. نتيجة لنضاله الوطني وخاصةً بعد خروجه من السجن بات يتعرض للملاحقة بشكلٍ مستمر من جانب السلطات التركية المحتلة لكردستان مما دفع به إلى اجتياز الحدود المصطنعة بين باكور وروج آفا والدخول إلى مدينة كوباني في 26 /12/1929 وحل ضيفاً على آل شاهين بك البرازي.
لم يطل به المقام في كوباني إذ ذهب إلى العراق وتم اعتقاله مرتين هناك خلال 1930 1931 وذهب بعدها إلى لبنان، حيث شارك في أعمال ونشاطات جمعية خويبون التي تأسست في عام 1927 من جانب البدرخانيين ومعهم نخبة من المثقفين والوطنيين الكرد منهم: ممدوح سليم بك من وان وقدري جميل باشا من آمد، ومصطفى بوزان شاهين بك من كوباني، وغيرهم من الزعماء الكرد الوطنيين. كما ساهم بشكلٍ فعال في عملية التنسيق بين خويبون وقادة ثورة آكري 1930، ومع صدور مجلة “هاوار” عام 1932 في دمشق كتب لها العديد من المقالات والقصائد إلى جانب قدري جان وجكرخوين.
شارك العم أوصمان صبري وبفعالية في تأسيس أول حزب سياسي في روج آفا تحت اسم الحزب الديمقراطي الكردستاني في عام 1957 إلى جانب كلاً من الدكتور نور الدين زازا والشاعر الكبير جكرخوين ورشيد حمو – حميد حاج درويش – محمد علي خوجه – شوكت حنان خليل محمد – الشيخ محمد عيسى – حمزة نويران. ناضل العم أوصمان وبكل روح ثورية وتفاني في سبيل تقوية وتنمية الروح الوطنية الكردية في نفوس الشباب الكرد ومن أجل ذلك قام بالعديد من النشاطات من أهمها تأسيسه لنادي صلاح الدين الثقافي والرياضي للشباب في “حي الأكراد” بدمشق والذي يُعرف الآن باسم ركن الدين في عام 1938 – نادي كوردستان عام 1942 – نادي هنانو في عام 1949 كما أسهم في تأسيس نادي الجزيرة في عام 1954 بدمشق. مارس من خلال هذه النوادي الثقافية والرياضية دوراً متميزاً في تدعيم تعليم اللغة الكردية بالأحرف اللاتينية التي أوجدها الأمير جلادت بدرخان، حيث كان يقوم بتدريسها وتعليمها قراءةً وكتابةً لشباب الحي الكردي.
ألّف العم أوصمان صبري العديد من المؤلفات والتي في معظمها تتحدث عن معاناة وآلام شعبه نذكر منها:
العاصفة – دمشق1956
آلامنا – دمشق 1957 3
أبجدية كوردية لاتينية – دمشق 1955
الأبطال الأربعة – دمشق 1984
أشعار آبو (مجموعة شعرية صدرت في ألمانيا عام 1981).
بعد أن ترك العمل السياسي سنة 1969 تفرغ بشكلٍ كلي للعمل الثقافي، حيث اهتم بمجال تنمية الجيل الناشئ على حب الوطن وحب اللغة الأم كما أنه كان من أشد المعجبين بثورة حركة الحرية في باكور كردستان وقد زاره قائد الثورة المناضل عبد الله أوجلان أكثر من مرة في منزله وتباحثا معاً في الكثير من الأمور التي تهم الشعب الكردي وكان القائد آبو يخاطبه بالعم أوصمان.
رغم مرور 28 عاماً على رحيله، لكن إرثه النضالي وسنوات العمل الشاق والسجن والاعتقال والنفي كلها لا زالت باقية في ذاكرة الكرد؛ فأمثال العم أوصمان صبري خالدون بما قدموه من أجل وطنهم وشعبهم.[1]