إعداد /غاندي إسكندر
الأغاني الحورية هي مجموعة من الموسيقا المنقوشة باستخدام الكتابة المسمارية على ألواح الصلصال التي عُثر عليها في مدينة أوغاريت العمورية الكنعانية القديمة في سوريا.
تُعد الأغاني الحورية “أقدم أغاني في التاريخ” تعود لأكثر من 3500عام نُقشت بالكتابة المسمارية على ألواح طينية أثرية عُثر عليها في أوغاريت “رأس شمرا” العمورية الكنعانية في مدينة اللاذقية شمالي سوريا وقد احتوى أحد الألواح الصلصالية المكتشفة على كامل كلمات ترنيمة الحورية التي تُمجد الآلهة “نيغال” آلهة البساتين ما جعل منها أقدم عمل موسيقي.
في عام 1957 اكتُشف في أوغاريت 36 رقيماً طينياً تحمل رموزاً تشير إلى أقدم تنويط موسيقي، وقام بفك رموز بعض هذه الرقم العالم السوري “راؤول فيتالي”، والذي قام بتحديد درجات السلم الموسيقي، حيث أطلق المنقبون على هذه المجموعة “ح” إشارة إلى اللغة الحورية التي كُتبت بها هذه الرُقم مكسرة باستثناء الرقيم”ح-6″ وقد أشار عالم الآثار الأمريكي هانس غوتربوك إلى أن الكلمات الأكادية المكتوبة تحت النص الحوري هي نفس أسماء الأبعاد الموسيقية المذكورة في رُقُم بلاد الرافدين، وقد حملت هذه التدوينات الموسيقية العائدة لعام 1400 قبل الميلاد تضرعاً وابتهالا للآلهة “نيغال” آلهة البساتين والتي تسمى السيدة العظمى المثمرة، وقد وجِدت بشكلٍ شبه كامل مما يجعلها بحسب المختصين أقرب مثال للتدوين الموسيقي في العالم، وقد تابع فيتالي ترجمته للنص الموسيقي نصاً كتابياً يحمل إرشادات لعازف آلة “الهارب” وكيفية عزف الترنيمة موسيقياً، وقد استطاع الموسيقار السوري مالك جندلي أن يضع الإيقاع والهارموني، ويعيد التوزيع الموسيقي، بعد أن حوّله إلى عمل فريد بعنوان” أصداء أوغاريت” ثم قدم مقطوعاتها برفقة الأوكسترا الفلهارمونية الروسية، وذلك في عام 2008، حيث تدور فكرة النص الموسيقي، حول ابتهال يتحدث عبر أنشودة حزينة عن زواج إله القمر “يرخ” من الآلهة “نيغال” والذي لم يسفر عن إنجاب، فشعرت نيغال أنها ارتكبت إثماً في حياتها تُعاقب بسببه، فراحت تتضرع إلى الآلهة وتقول كلماتها المدونة بأسلوب السلم السباعي الموسيقي:
سأرمي عند قدمي الحق “أو قدمي عرشك المقدس” خاتم رصاص سوف أتطهر؟ وأتغير من بعد الخطيئة/ لم تعد الخطايا تغطيها ولا حاجة أكثر إلى تغييرها/ قلبي مطمئن بعد أن أوفيتُ نذري/ سوف تعزني مولاتي/ ستجعلني عزيزاً على قلبها/ فنذري سيغطي ذنوبي/ وسيحل زيت السمسم بدلاً مني/ في حضرتك اسمحي لي/ إنك تجعلين العاقر خصيبة، والحبوب تعلو صعوداً/ إنها الزوجة التي ستحمل الأطفال إلى أبيهم… هي التي إلى حد الآن لم تُعطِ أطفالاً تحمِلهم/.
وقد أثارت هذه التدوينات الموسيقية موجة كبيرة من الاهتمام لدى الموسيقيين وحظيت بترجمات عديدة منها للأستاذ ديفيد ولستان ومارسيل دوشين جيومان وآن كيلمر، يُذكر أن هذا الاهتمام بالترجمات الموسيقية لأنغام مرت عليها آلاف السنين، يؤكد خلود الفن ورسالته.[1]