يعتبر عباس محمود العقاد أحد عمالقة الأدب المصري خصوصاً والعربي عمومًا، ويعد من أبرز المفكرين كذلك، وهو المفكر والناقد والشاعر والصحفي والسياسي، ترك بصمة واضحة في ذاكرة الأجيال العربية.
من هو عباس محمود العقاد؟
ولد عباس محمود العقاد في مدينة أسوان التابعة للصعيد المصري، في 28 حزيران 1889. والده كان يعمل أمينًا للمخطوطات في أسوان ووالدته ابنة آغا عمر كردي وهو واحد من قادة محمد علي باشا.
يعتبر العقاد واحداً من أشهر القامات الأدبية وأهم الشخصيات المؤثرة في الأدب والفكر المصري والعالمي، وبرغم حياته البسيطة وعدم تمكنه من إكمال دراسته بعد المرحلة الابتدائية إلا أن شغفه بالقراءة والاطلاع جعله يدخل عالم الأدب والصحافة من أوسع أبوابه. فكان سياسياً وناقداً وصحفياً وشاعراً، وتلك صفات قلما تجتمع في شخص واحد، لم يحب يومًا الوظائف الحكومية واعتبرها قيدًا له ولم يلتزم بأي منها، بل تفرغ للكتابة والأعمال الأدبية.
قدم العقاد الكثير من المؤلفات النقدية والسياسية والإسلامية ودواوين الشعر، وقد تجاوز عدد مؤلفاته المئة مؤلف، إلى جانب مجموعة ضخمة من المقالات الصحفية التي يصعب حصرها برقم.
نشأ العقاد في أسوان والتحق بمدرسة أسوان الأميرية وحصل منها على الشهادة الابتدائية عام 1903. لم يتابع تعليمه المدرسي بعد ذلك ولكنه كان يرافق والده إلى مجلس الشيخ أحمد الجداوي الذي كان أحد أبرز علماء الأزهر، فكان ينهل منه مختلف العلوم والأدب، مما دفعه إلى الاهتمام بالقراءة وكثرة الاطلاع.
وفي مجلس الشيخ أحمد الجداوي التقى العقاد بالعديد من الشخصيات الهامة التي تركت أثرها في حياته الأدبية، ومنهم الشيخ محمد عبده، وجورجي زيدان، وعبد الحليم المصري، وإبراهيم عبد القادر المازني، وغيرهم كثيرون.
إنجازاته
بعد إنهاء عباس محمود العقاد الدراسة الابتدائية وحصوله على شهادتها لم تسمح له ظروف حياته بإتمام دراسته، فالتحق بوظيفة حكومية في مدينة قنا عام 1905، وتم نقله بعد عامين إلى منطقة الزقازيق حيث عمل في قسم المالية بمدينة الشرقية.
في عام 1907 توفي والده فترك وظيفته وانتقل إلى القاهرة واستقر فيها. وفي نفس العام دخل العقاد عالم الصحافة حيث انضم للعمل في جريدة الدستور اليومية مع العلامة محمد فريد شوقي. وتولى العقاد مسؤولية التحرير والتصحيح والترجمة فيها ابتداءً من عددها الأول وحتى الأخير.
استمر العقاد في جريدة الدستور حتى توقفت عن الصدور عام 1912، مما اضطره للعودة إلى العمل الحكومي ولكنه لم يبق فيه سوى فترة قصيرة فالتحق بجريدة المؤيد مع الشيخ علي يوسف ولكن تعارض سياسة الجريدة مع أفكاره جعله يتخلى عن العمل فيها.
عمل بعدها لفترة من الزمن في التدريس مع الكاتب إبراهيم عبد القادر المازني واستمر حتى عام 1917. عمل بعدها في جريدة الأهالي الصادرة في الإسكندرية. وفي عام 1919 انضم للعمل مع جريدة الأهرام وانضم بنفس الفترة للحركة الوطنية التي نشأت بعد ثورة 1919 في مصر وأصبح العقاد واحدًا من أهم كتاب الحركة ووجه الكثير من الانتقادات لمفاوضات سعد زغلول مع الإنكليز بعد ثورة 1919.
عمل العقاد عام 1923 في جريدة البلاغ وأصبح يكتب فيها وفي ملحقها الأسبوعي بشكل دائم على مدار عدة سنوات. أكسبه ذلك شهرة كبيرة وتم انتخابه كعضو لمجلس الشعب واستمر في منصبه حتى عام 1930.
كان ناشطًا في حزب الوفد المصري وبقي منتميًا له حتى عام 1935، حينها قرر الانفصال عنه بسبب تعارضه مع توجهات الحزب بقيادة مصطفى النحاس.
عام 1935 بدأ نشاط العقاد الصحفي بالتراجع فبقي يكتب بعض المقالات لصالح عدد من الصحف مثل صحيفة روز اليوسف، وصحيفة الهلال، وصحيفة أخبار اليوم، ومجلة الأزهر وغيرها. وبدأ بالتفرغ تدريجيًا للكتابة والعمل الأدبي.
تنوعت الموضوعات التي ألف العقاد كتبه عنها، فمنها ما كان حول الأدب والتاريخ والاجتماع ككتاب “مطالعات في الكتب والحياة”، وكتاب “مراجعات في الأدب والفنون”، وكتاب “ساعات بين الكتب”، وكتاب “جحا الضاحك المضحك”، وغيرها.
أما في مجال النقد واللغة فللعقاد العديد من المؤلفات وأبرزها: “الديوان في الأدب والنقد” بالاشتراك مع المازني، وكتاب “ابن الرومي حياته من شعره”، وكتاب “رجعة أبي العلاء”، وكتاب “اللغة الشاعرية”، وغيرها.
كما كتب العقاد العديد من الكتب ذات التوجه السياسي، ومن أهمها: كتاب “هتلر في الميزان”، وكتاب “أفيون الشعوب”، وكتاب “النازية والأديان”، وكتاب “لا شيوعية لا استعمار”، وغيرها.
للعقاد أيضًا إسهام هام في مجال ترجمة العديد من المؤلفات للعربية، فقد شارك في الترجمة من الإنكليزية للعربية في كتاب “ألوان من القصة القصيرة في الأدب الأمريكي” وكتب أخرى.
لم يغفل العقاد عن الاهتمام بالكتابة عن الدين الإسلامي، وبلغت مؤلفاته التي تتناول ذلك حوالي 40 كتاباً، ومن أهمها: كتاب “عبقرية محمد”، وكتاب “عبقرية عمر”، وكتاب “عبقرية علي”، وكتاب “داعي السماء بلال”، وكتاب “ذو النورين عثمان”، وكتاب “الصديقة بنت الصديق”، وغيرها.
ومن مؤلفاته التي دحض فيها الاتهامات الموجهة للإسلام كان: كتاب “حقائق الإسلام وأباطيل خصومه”، وكتاب “التفكير فريضة إسلامية”، وكتاب “الديمقراطية في الإسلام” وغيرها.
بلغ عدد الدواوين الشعرية التي ألفها العقاد خلال حياته عشرة دواوين، وكان من أشهرها: “يقظة الصباح”، “وهج الظهيرة”، “أشباح الأصيل”، هدية الكروان”، وغيرها.
في عام 1956 تم تعيين العقاد في مجمع اللغة العربية في القاهرة، وحصل عام 1960 على جائزة الدولة التقديرية. وما زالت مؤلفات العقاد تعد من أهم المراجع إلى يومنا الحالي ويدرس العديد منها في المدارس والجامعات.
عاش عباس محمود العقاد عَزَباً ولم يتزوج، ولكنه عاش علاقتي حب كبيرتين. وفي المرة الأولى أحب فتاة اسمها سارة والتي ألف لها رواية أسماها على اسمها. في المرة الثانية أحب الممثلة الشهيرة مديحة يسري ولكنه أنهى علاقته بها بسبب طبيعة عملها في التمثيل.
وفاة عباس محمود العقاد
توفي عباس محمود العقاد في مدينة القاهرة في 13 آذار 1964 عن عمر يناهز 74 عامًا. نُقل جثمانه من القاهرة إلى مسقط رأسه في أسوان في نفس يوم وفاته ودفن في إحدى مقابرها.[1]