روناهي/ آزاد كردي
لا تكاد تمر احتفالية في منبج إلا ويكون الرقص الشعبي حاضراً فيها، إلى جانب نشأة عدة فرق للرقص بعد تحريرها من رجس داعش. وتستعرض هذه الفرق التراث الشعبي المتنوع لكافة الشعوب انطلاقاً من فكرة الحفاظ على الهوية والأرض والحلم والذكريات.
الرقص الشعبي تجسيد للتنوع والتعايش
وترتبط فكرة الرقصات الشعبية بأناشيد وأهازيج من الفلكلور والموروث الشعبي وتجسد فكرة التنوع والتعايش المشترك والارتباط بالأصالة التي افتقدتها بعض الشعوب جراء حرمانها من التعبير عن موروثها الثري والمتنوع، فيما تعود جذور “الدبكة” الشعبية إلى أصول قديمة غارقة في القدم.
عمل مركز الثقافة والفن بعد تحرير منبج من مرتزقة داعش على تأسيس فرق للرقص الشعبي رغبة منه في الحفاظ على الموروث والذاكرة الشعبية. ويزخر هذا الموروث بالعادات والتقاليد والفلكلور، والإرث العريق أتاح تأسيس فرقتين إحداهما للكردية والأخرى للتركمانية للإناث فقط سرعان ما انضمت إليهما العديد من المتدربات اللاتي شغفن بهذا الفن الفريد.
في هذا السياق، قالت المتدربة في الفرقة الشعبية التركمانية، لارا علو: “إن مشاركتي في الفرقة الشعبية التركمانية نشأ بسبب حبي لهذا اللون المتفرد من الفنون. وأحاول مع زميلاتي بالفرقة أن نحيي التراث المهمش من خلال استعراضنا للزي والرقص التركماني الأصيل”.
وأضافت: “برغم أن مجتمعنا يتردد ولا يتقبل نسبياً الرقص الشعبي خاصة بظهور الفتيات لأدائه على المسرح لكن أهلي لم يمانعوا أن أمارس هوايتي المفضلة مما يدفعني أكثر أن أطور أدائي الفني واكتساب المزيد من الخبرات”.
الرقص كتعبير عن طقوس شعبية
ولا شك أن فكرة الرقص الشعبي ارتبطت قديماً بأشكال المعونة /المساعدة/ التي كانت في عرف الناس آنذاك، فمثلاً، كان الفلاحون حين ينتهون من حراثة الأرض وبذرها مع بعضهم البعض يؤدون الرقص ابتهاجاً واعتقاداً أن هذا يعجّل بقدوم المطر وتزامناً مع ذلك يرددون الأهازيج والأغاني حتى تحولت رويداً رويداً إلى طقوس شعبية. وبقيت فكرة الرقصة الشعبية محفوظة عبر الأجيال إلى أن وصلت إلى قيمتها الحالية وباتت من خلالها شكلاً مميزاً للتراث وطريقة للتعبير عن حياة الشعوب في منبج وتطلعاته في التعبير عن معتقداته وإرثه.
فرقتان للدبك الشعبي؛ كردية وتركمانية
ولمعرفة المزيد، التقت صحيفتنا “روناهي” بمدربة فرق الدبك الشعبي في مركز الثقافة والفن بمنبج وريفها؛ أليسار بركل، التي تقول: “إن فرق الرقص الشعبي في منبج وريفها نشأت فور تأسيس مركز الثقافة والفن الذي يتبع للجنة الثقافة والفن وتحديداً منذ أربع سنوات لخلق فضاءات فنية زاخرة. ويأتي ذلك ضمن سياق إعادة إحياء التراث والحفاظ على الموروث لكل شعب على حدة وبكل أشكال تجلياتها التي كانت جزءاً منها”.
وأردفت: “تعتبر فرق الرقص الشعبي التي أنشأها مركز الثقافة والفن، هي الفرق الوحيدة التي يلقى على عاتقها إحياء الموروث الشعبي المتنوع ومقتصرة حالياً على الرقص الشعبي الكردي والتركماني إلى جانب أنها تضم عدداً من العضوات بأعمار من 13-16 عاماً حيث يتدربن أربعة أيام في الأسبوع”.
وتضيف: “إن الرقص الشعبي يتميز بتفاصيل كثيرة تتشابه قليلاً فيما بين الفرقتين الكردية والتركمانية لكن ثمة اختلاف بالحركات، ولكن في كل أشكال الرقص، هناك حركات أساسية متشابهة ويبقى الاختلاف بالإيقاع وعدد الحركات خاصة أننا نعمل الآن على تطوير الأداء في الرقص الشعبي بالشكل الذي يتوافق مع روح الفلكلور والتراث عموماً”.
طموح من خضم العقبات
واختتمت مدربة فرق الرقص الشعبي بمركز الثقافة والفن في منبج وريفها؛ أليسار بركل حديثها بالقول: “لا شك أن هناك عقبات عديدة تواجه إقناع أهالي العضوات بالرقص الشعبي على اعتبار تمثيله للهوية الثقافية إلى جانب ضرورة الحفاظ عليه بكل السبل الممكنة. ونأمل في الفترة القادمة أن نضع حجر الأساس لتشكيل نواة متكاملة للفرق الشعبية من الذكور والإناث وبكافة المستويات حتى نتمكن من تمثيل منبج في المحافل الثقافية لكافة شعوبها”. [1]