إعداد/ برادوست ميتاني
تقع قرية آلة قمش في باكور كردستان, قرابة /5 كم/ على حدود روج آفا, مقابل قرية ديرونا آغي الواقعة شمال غرب حقل رميلان, وآلة قمش ذات نهر ونبع, تجاورها قرى بانح وسوسنا وسركاني وزيوك, تشمل القرية على مساحة /70000 دونم/ من الأرض الزراعية, وكان يبلغ عدد بيوتها قرابة 200 بيت, من وجهاء القرية حينذاك إسماعيل ومراد وهما الآن في قبريهما قطع رأساهما على يد الجنود الأتراك, وتم إعادة اعمار القرية من قبل السيد خليل أوصمان بعد أن خرج من السجن, والآن كبير القرية هو السيد إحسان صبري أحمد أوصمان, القرية كانت تابعة لولاية ماردين, والعائلة من عشيرة قولنك وشمخالكا وهي فرع من عشيرة عربيا الكردية (ملحوظة: عشيرة عربيا ليست من القومية العربية بل كان اسم جدهم الأول عربو).
الأسباب:
لعل كل الأسباب تتشابه في مجازر تركيا التي لا تكترث بحقوق أو مبادئ إنسانية، ولعلنا نستطيع ذكر بعض أسباب هذه المجزرة:
1- طبيعة الأنظمة التركية القائمة على البطش والعنف والقتل.2- استغلال الظروف السياسية مع السوفييت والفرنسيين والإنكليز المتجاوبة مع سياسة أتاتورك بغض الطرف عن جرائمه. 3- الانتقام من الكرد وترعيبهم بعد ثورة الشيخ سعيد بيران 1925 م.4- تعرض الجنود والضباط الترك لأعراض الأهالي وخاصة على نبع القرية, الأمر الذي جعل الأهالي يضيقون ذرعاً بانتهاكاتهم, فكانوا يمسكون بهم, وينتقمون من أفعالهم الشنيعة بالضرب والأسر (كيرا ستريا). 5- وجود علاقات مصاهرة بين العائلة وبين أمراء جزيرة بوتان البدرخانيين، فقد كانت العائلة في حسها القومي السياسي تبتعد عن النظام التركي, وهذا ما كان يغضب النظام عليهم. 6- كان السبب الآني المباشر هو لجوء كبير الهفيركان السيد حاجو آغا إليهم, هرباً من الجيش التركي, الذي كان يرافقه أحد أقارب حاجو آغا المدعو جمو الذي كان في خلاف معه, وكان حاجو آغا حينها يتوجه نحو بنخت (روج آفا) ولكنه اضطر أن يكون دخيلاً في آلة قمش عند آل المختار خليل اوسمان، وقد طوق الجنود الترك القرية طلباً لحاجو آغا, ولكن كبار رجال القرية اعتبروا أخذ حاجو إهانة لهم, لذا وبعد مشاورات بينهم قرروا إشغال قادة الجند بوليمة ضخمة, ثم تكليف أحد الرجال بوضع المسدس على رأس حليف الترك المدعو جمو حتى يتمكن حاجو آغا من مغادرة “أودة- المضافة” وفعلاً نجح الأهل في ذلك, وانتقل حينها حاجو آغا مع 15 رجلاً من أنصاره إلى بنخت, ولكن آلة قمش دفعت الضريبة على موقفها المشرف, حيث اعتقل آغا آلة قمش السيد خليل اوسمان بدلاً من حاجو آغا وسجن في ميردين، وبسبب اعتداءات الأتراك انتقل معظم رجال القرية هرباً إلى قرى روج آفا مثل قرية ماشوق- معشوق وما حولها.
أحداث المذبحة:
بعد ثورة شيخ سعيد بيران اصدر أتاتورك عفواً للسياسيين الكرد, فأمل بعض الكرد العودة إلى ديارهم, منهم أهل آلة قمش, حيث راح كل من قاسم حسن عم المعتقل خليل أوصمان ورمو إلى قاسم شيخ عبدالحليم من بانح ليتوسط لهم عند كبير الجندرمة, فوعدهم هذا بالعفو عن الأهالي الهاربين الذين عادوا إلى ديارهم, ولكن ذلك كان فخاً ومكيدة لهم, حيث أصدر مصطفى كمال أتاتورك فرماناً بالمذبحة المشينة التي ارتكبها النظام التركي في 14-2- 1926 (بعض الآراء تقول2-2-1923م) وتم جمع النساء والأطفال في حوش والرجال في حوش آخر ورميهم جميعاً بالرصاص كما لاحقوا من تبقى بالقتل في الأزقة والبيوت والأكواخ أحياناً بالرصاص وأحياناً بحراب البنادق, ثم جمعت الجثث فوق بعضها ولكي يتأكدوا من استشهادهم يغرسون الحربة في كومة الجثث نحو الأسفل. بلغ عدد الشهداء قرابة 900 تسعمئة شهيد, بالرغم من ذلك نجح بعض الأهالي المصابين الجرحى في النجاة, ولكنهم كانوا قلة يعدون على الأصابع, كما نجا من الأهالي من كان حينها خارج القرية.
لقد كانت (ومازالت) وحشية الجنود الترك فظيعة تقشعر لها الأبدان, منها: الإعدامات وفتح جيوب في جسد الأحياء, ورهان جنديين قبل أن يضربا بالحربة بطن إمرأة كردية حامل (حبلى) إذا كان الجنين ذكراً أم أنثى, والذي يخسر في الرهان سيعطي للآخر علبة دخان, كما أن أحد الجنود أصيب بهلوسة عندما غرس حربة بندقيته في بطن طفل وهو يبتسم داخل المهد (دركوش), فأخذ يركض ويقول جوجوك جوجوك (أي طفل طفل في اللغة التركية).
بعد ذلك جمع الجنود القش والخرنوب اليابس على الجثث وأحرقوها جميعاً, ثم وضعوها في حفرتين كبيرتين منفصلتين بدون قبور, واحدة للرجال في شمال القرية, وأخرى للنساء في جنوب القرية.
لتكون آلة قمش صفحة سوداء أخرى في سجل تركيا الدموي ودليل خزي كلما نادت بحقوق الإنسان وادعت أنها حريصة على الحريات والحقوق.[1]