حاوره / قاسم عباس ابراهيم
الشاعر ابراهيم رشو من مواليد 1930م تعلم القراءة والكتابة على يد علماء الدين في قرية (سي سدي) في شمال شرق مقاطعة الحسكة، على عادة أهل زمانه ومنهم «ملا أوصمان أومري وملا محمد بيرتي» ثم دخل مدرسة القرية ودرس فيها حتى الصف الخامس، ترك الدراسة وانتقل إلى مدينة الحسكة وسكن في حي تل حجر الشعبيّ، لتبدأ رحلة الصراع مع الحياة حيث الأعمال الحرة المضنية والشاقة.
نظّم ابراهيم رشو الشعر في أوقات فراغه، رغم مشاغل الدنيا ولم يهدر وقته، وتميّز بين أقرانه بسرعة البداهة والذكاء الحاد الذي مكَّنه من حفظ الكثير من الشعر عن ظهر قلب، فذكريات الطفولة والشباب حاضرة في ذهنه بأصغر دقائقها وتفاصيلها، ورغم أنّه على فراش المرض إثر حادث سير تعرَّض له إلا أنّه رحّب بنا لإجراء هذا الحوار لنتعرف من خلاله على جوانب من شعره وحياته.
– متى بدأت تفكر بنظم الشعر للمرة الأولى ؟ وكيف كانت البداية ؟
عشقت الشعر عندما كنت في الصف الرابع فقد طلب منا أستاذنا أحمد خالد عمايري وهو فلسطيني الأصل ،أن نحفظ نشيد بلاد العرب أوطاني، وفي اليوم الثاني سأل الاستاذ من حفظ منكم النشيد؟ فرفعت يدي؛ وقمت لأنشد النشيد امام التلاميذ بصوت عالٍ وانفعال وهيجان، واستنفار لكامل أحاسيسي ومشاعري؛ وكانت البداية بمقطع: «بلاد الكرد أوطاني» إلى آخر النشيد، ووقتها اعترض الأستاذ و»بتهكم» على هذا التغيير في النشيد وكانت صحوتي وبدايتي، وحكايتي مع كتابة الشعر.
متى ترى حاجتك لكتابة القصيدة وكيف ؟
القصيدة تطاردني وتتدفق كالجداول، تلحن نفسها بنفسها، ما علي إلا أن أصبّها وأسكبها على دفاتر أشعاري، إنّها رفيقة الشاعر وخليلته ورفيقته المخلصة في كل وقت، أؤكد لك أنّها كانت معي حتى في غرفة العناية المركّزة، عندما تعرّضت لحادث سير، وألقيت قصيدة على الأطباء وزواري عندما استطعت الكلام وسمحوا لي بذلك، وكان بعض الشعراء من أصدقائي حاضرين أيضاً.
عرفنا عنك غزارة الشعر وتنوعه وفي أكثر من اتجاه ومناسبة، ماذا عن أعمالك المنشورة؟
أغلب شعري ارتجالي و يحضرني في مواقف معينة، ولم أكتب الكثير منه ولم أدونه، لكنني كتبت بعضاً منه في مجموعة خاصة، أسميتها «روناهي» وهي قصائد متنوعة باللغة الكرديّة وفي طريقها للطبع والنشر قريباً، وستكون ديواني الأول، وسأعمل على جمع وكتابة ما أحفظه ولم أكتبه بعد وأنا من الذين يحفظون الشعر كثيراً، كما سأضيف لها بالتأكيد قصائد جديدة آمل أن ترى النور.
ماهي المواضيع التي تتناولها في قصائدك وبم يخبرنا ديوانك؟
يخبركم ديواني عن مأساة حلبجة والأنفال والقائد والمفكر عبد الله أوجلان وملا مصطفى البرزاني وكوباني وشنكال وعفرين مقاومة العصر، ويمجد شهداءَنا وبطولاتهم وانتصاراتهم، ويلعن الأمير الداعشي الجديد أردوغان، بالإضافة لقصائد في الغزل والحب من الشعر الوجدانيّ وقصائد في حبّ الأرض والوطن، إلى جانب قصائد نقديّة اجتماعيّة هادفة.
الشاعر ابراهيم رشو معروف في الوسط الثقافي والساحة الشعريّة؛ كيف ذلك ولم يصدر لك أي أعمال منشورة بعد؟
أسباب شهرتي رغم أنني لا أحب الشهرة؛ أنَّني لا أفوّت أيّ مناسبة «كرديّة» إلا وأكتب عنها ويكون لي فيها قول ومساهمة، إنَّها مسألة انتماء وشعور، فالشعر من الشعور، والمعاناة والإحساس بمن حولك وفي المجالات كافة، كما أنَّني شغوف بحضور معظم الملتَقيات والمناسبات الأدبية التي تقام على امتداد مساحة إدارتنا الذاتية، وكذلك تفاعل الناس مع أشعاري لأنها بسيطة وواضحة ومعبرة عن واقع وطموحات شعبي الكردي، لأنه بعيد عن التصنع والزيف الدعائي.
هناك من يقول: إنَّ شعرك تقليدي وبدون إيقاع وقافية كيف ترد ؟
هذا غير صحيح؛ أحيانا أضحي بالقافية واللفظ من أجل توافق وانسجام قصيدتي مع الواقع، ولن أتخلى أبداّ عن الحرارة والجرس والوضوح والبساطة في القصيدة، فما فائدة الإيقاع والقافية في ظل غياب الجرس والحرارة والوضوح في القصيدة، وربما تكون هذه الفجوة والجفوة بيني وبين بعض الشعراء، والقصيدة أراها تشرح نفسها بنفسها في ظل طابع من السهل الممتنع وأرى أن تبقى بعيدة عن التسطُّح وكذلك عن التعقيد والتظليل المتعمد.
بمَن من الشعراء الكرد تأثرت؟
الشاعر الخالد جكر خوين وسيداي تيريز وصالح حيدو، هؤلاء أراهم من نوابغ الشعر الكرديّ، وغيرهم، أحترم وأقدّر كلّ الشعراء الملتزمين بقضايا أمتهم وتراثها وثقافتها الغنيّة.
كلمة أخيرة لك فيها خيار القول والتوجيه.
أشكر صحيفة روناهي على اهتمامها ومتابعتها للشعراء والأدباء، وما يخصّ الواقع الثقافيّ والاجتماعيّ، وكلّ المستجدات، أنا شاعر مجبول من ذؤابة رأسي حتى أخمص قدمي بهموم شعبي، وقضاياه وواثق أنّ شعبنا قادر على تحقيق وجوده الذاتيّ، والقوميّ، وتجربة الإدارة الذاتيّة الديمقراطيّة ماثلة أمامنا وهي طريقنا إلى تحقيق كلّ أهدافنا وتطلعاتنا وطموحاتنا، نحو مجتمعٍ متفتح الذهن متنور الفكر عالي الثقافة، جديرٌ بأن يكون له اسمه وبصمته وتاريخه وثقافته الخاصة في مجتمع الإنسانيّة المتقدمة دائماً والمتطلعة إلى الخير والسلام والمحبة.[1]