رستم عبدو
تقع دارا أو داري ضمن مناطق طور عابدين, شمال ميزوبوتاميا, على بعد 30كم جنوب شرق مدينة ماردين بمحاذة بلدة عامودا ب 7 كم.بُنيت المدينة من قبل الفرس الأخمينيين حوالي القرن السادس ق.م, في عهد ملكها داريوس الأول (521-486) ق.م, ثم خضعت المدينة خلال القرون الأولى الميلاديّة للسيطرة الرومانيّة الذين قاموا بتحويلها إلى حصن متين, وذلك بسبب وقوعها على خط التماس مع الدولة البارثيّة – الفارسيّة.
عزّزت المدينة في القرن الخامس والسادس الميلاديّ في عهد الامبراطور البيزنطيّ أناستاسيوس Anastasius (491-518) م, الذي أمر بزيادة التحصينات فيها, بعد هزيمة قواته على يد القوات الساسانيّة- الفارسيّة وخسارتهم لمدينة نصيبين (نزيبيس- Nisibis) حيث بنى القلعة لتكون بمثابة القاعدة العسكريّة ونقطة المراقبة كونها كانت تبعد حينها حوالي 5كم عن الحدود الساسانيّة, كما أمر ببناء مستودعات ضخمة وصهاريج وخزانات للمياه.في عهد الامبراطور جستنيان الأول (527-565) م, أجريت ترميماتٌ واسعةٌ لهذه المدينة شملت بعض الجدران والأسوار إضاقة إلى تعزيز الأبراج الدفاعيّة وحفر خندق مائيّ بعد تغيّر مجرى النهر.
المدينة محاطة بسور يبلغ طوله 4كم, لها بوابتان شماليّة وجنوبيّة, يوجد بداخلها معبد وقصر وسوق ومخازن وساحة (آغورا) ومنازل منحوتة وقلعة واقعة في الجزء الشماليّ من المدينة وعلى ارتفاع 50 م, عثر بداخل المدينة على العديد من القبور.اعتبرت مدينة داري حينها ثاني أهم مدينة حدوديّة بعد مدينة نصيبين بسبب دورها التجاريّ الواقع على الخط التجاريّ القديم (طريق الحرير).[1]