إعداد عبد الرحمن محمد
على سفوح هضبة عالية في مدينة عفرين، تتنفس «موباتا» الصعداء وتشرف على بيوت متناثرة كاللؤلؤ على الجبل والسهل، وعلى مسارين كأنهما ذراعا أم حانية تمتد بيوتها نحو الشرق والغرب، لتضم أبنائه في كل حين بكل حنان وود، وهي مثال التآلف المجتمعي، والتنوع الثقافي والاثني، لتكتب للأجيال قصة الحب الأبدية للإنسانية.
يرجح أغلب سكان «موباتا» سبب التسمية الى كلمة «مالبات» الكردية التي تعني العائلة ولان غالبية السكان من الطائفة العلوية، في اشارة الى «أهل البيت»، وهم مكون اساسي في البلدة والمذهب العلوي هو السائد فيها.
الموقع والأهمية
إلى الغرب من عفرين بحوالي 15كم فيما تبعد عن حلب ما يقارب الثمانين كيلو متراً، وعلى هضبة كلسية متماوجة متطاولة ترتفع زهاء 650 متراً تقع البلدة، وتنحدر هضبتها بشدة من جهات الشمال والشرق والغرب، حيث تجاور وتتصل بقرى قطرانية وقنطرة. وتتبع للبلدة حوالي40 قرية وخمسة عشر مزرعة ،فيما تجاورها منطقة راجو من الشمال، ومنطقة جندريسة من الجنوب، وناحية شران من الشرق ومن الغرب ناحية شيّة. وبمساحة 250 كم2 تقريباً.
النشاط السكاني والاقتصادي
تمتاز موباتا كما جلَّ مناطق عفرين بالتضاريس الجبلي والسهلي المتنوع وانتشار المساحات الخضراء وزراعة الاشجار المثمرة وبخاصة الزيتون والرمان والتين والكرز وغيرها، وكذلك زراعة كافة الخضار لوفرة الماء فيها وحب السكان للزراعة كاقتصاد رئيسي الى جانب تربية الحيوان، فيما يكتسب الزيتون العفرينيّ عامة مكانة بارزة من حيث الجودة للاستهلاك كمحصول وغذاء اساسي اضافة الى جودة وكمية الزيت التي تحتل المراتب الاولى من حيث النوعية في العالم، لذلك تكثر معاصر الزيتون والمعامل الصغيرة كمعمل صناعة الصابون وغيرها، اضافة للورش والمحلات الصناعية التي تصنع الآلات والادوات الزراعية، ووش تصليح السيارات.
موباتا والآثار
لأهمية موباتا وطبيعتها وتوسطها مناطق عفرين اتخذها الفرنسيون كمركز اداري لقضاء لعفرين وكانت فيها مقرات قياده ومؤسسات عديدة، ومنها المدرسة التي لا تزال قائمة والتي بنيت عام 1925م. كما انها تحوي العديد من المناطق الأثرية الهامة في كل من: «تل دريميه – كوركان فوقاني، تل بئر خازيان – خازيان تحتاني، تل بربعوش، قنطرة « وغيرها.
وتحوي كذلك العديد من المزارات والأضرحة ذات الطابع الديني وبخاصة العلوية منها والتي يرتبط بها السكان المحليون وتحتل في فكرهم ومعتقداتهم التقدير الأبرز والمكانة الموقرة.
تعرضت موباتا للكثير من التخريب والقصف بشتى انواع الاسلحة والاساليب الوحشية ابان الاحتلال التركي لعفرين ودفع العيد من ابنائها دمائهم في سبيل حمايتها، وقاوموا وما زالوا يقاومون الفاشية التركية التي عمدت الى استخدام مئات العائلات من الداخل السوري ومن مرتزقة الغوطة بالتحديد واسكنتهم بيوت السكان الاصليين ومنحتهم املاكهم وأزالت كل ما يمت لهويتها الكردية المتفردة، غير ان ابناء «موباتا» وسائر ابناء عفرين لم ولن يستكينوا حتى تعود كل زيتونة الى احضان زارعها وعاشقها. [1]