إعداد/ آرين شنكالي
يُعتبر المطرب والمغني الكردي أحمد كايا من أبرز القامات الفنية في باكور كردستان وتركيا، لما كان لشخصيته وصوته من حضور فني والتزام مبدأي، حتى إن البعض يعتبره من أبرز الفنانين الكرد وكتّاب الأغنية التركية في القرن العشرين رغم أنه لم يتجاوز الثالثة والأربعين من عمره عند رحيله.
ولد أحمد كايا في 28 تشرين الأول 1957 في مدينة ملاطية لعائلة فقيرة تتكون من أم تركية وأب كردي من منطقة آديمان في باكور، وكان الأخ الخامس في عائلته.
انتقلت عائلته إلى إسطنبول عام 1972م. ولم يُكمِل تعليمه بسبب الفقر وعمل في مهن وأعمال شاقة، لكنه كان دائماً فطناً ذكياً متفتح الذهن والبصيرة، وانخرط باكراً في السياسة حتى إنه سجن وهو ابن عشر سنوات بتهمة توزيع منشورات سياسية.
عُرِف عن كايا تأثره الشديد بأجواء السياسة المتقلبة، والأحداث المتزامنة معها وتأثيراتها الاجتماعية، وصراع الطبقات والفقر والعوز الذي كانت تُعانيه الطبقات الدنيا من الشعب وبخاصة في الريف، وتعرّف في تلك الفترة على أجواء الغناء الوطني عبر المطرب “روحي سو” والذي راجت أغانيه بين الطلبة في الجامعات، وكان دائماً وكلما سنحت الفرصة يشير الى إعتزازه بكرديته مما أثار حفيظة الكثيرين من الشوفينيين.
عمل كايا في بيع الأشرطة الموسيقية وكسائق لسيارة أجرة، ثم ولج إلى عالم الحفلات الغنائية وأبدع في ألبوماته، ونال شهرة واسعة في تركيا وفي الخارج وبدأ يتلقى الدعوات لإقامة حفلات في الخارج، وأهدى ألبومه الغنائي الأول إلى أمه وكان بعنوان “بكاء الطفل” عام 1985، وزادت مبيعات الألبوم عن نصف مليون نسخة، وفي ذات العام أصدر ألبومه الثاني تحت اسم “الألم”، ونال جائزة مؤسسة الصحافة التركية عام 1985، ثم توالت مشاركاته في الغناء في الحفلات وفي إصدار المجموعات الغنائية في أشرطة الكاسيت والعديد من الألبومات الغنائية.
في عام 1999 كانت العلامة الفارقة في حياة أحمد كايا، إذ فاز بجائزة موسيقار العام، التي تمنحها “مجلة الموسيقى” في إسطنبول، وبعد أن بدأ الحفل ووزِعت الجوائز تحدث أحمد كايا إلى جمهوره بالقول: “لأنني من أصلٍ كردي سأقدم أغنية كردية في ألبومي القادم، سأصور فيديو كليب لهذه الأغنية، أعلم أن هناك الكثير من محطات التلفزيون الجريئة، سأرسل إليها هذا الفيديو ولكن إن لم تقم ببث الكليب لا أعلم كيف ستُبرئ نفسها أمام الرأي العام التركي”.
وصعد كايا المسرح وغنى بالكردية، عندها ظهرت شوفينية الكثيرين في أبشع صورها، وانتفض العديد من الحاضرين ووجهوا الشتائم والشوك وغير ذلك الى كايا فقط لأنه ذكر إنه كردي، أدى هذا الحادث إلى ملاحقة أحمد كايا قضائياً فقد أُتهم بالخيانة، ومثَّلَ أمام محكمة البداية.
تقول زوجة أحمد كايا “كولتان كايا” في مقابلة لشبكةBBC :”كانت مُلصقات أحمد كايا تُمزَق والشوفينيين كانوا يسحقون إسطواناته، ولم تعد ألبوماته تُعرض للبيع، كان الأمر بمثابة عملية مسحٍ من الخارطة، بل حتى أننا كنا نتلقى رسائل وفاكسات تهدد حياته، كانت إحدى تلك الرسائل التي بقيت في صندوقنا البريدي تقول: أي أشكال الموت تفضل؟ أن تُخنق بسلسلة أم ثمة شيء آخر؟” ومُنِعت أغانيه في تركيا من التداول، بعد ذلك توجّه إلى فرنسا لإقامة حفلات غنائية هناك كان قد تعاقد عليها، توفي أحمد كايا يوم 16 تشرين الثاني عام2000 م. إثر نوبة قلبية في فرنسا، ودُفِن في مقبرة العظماء بباريس.
صدرت لكايا بعد وفاته عدة أغنيات كان قد ألّفها قبل وفاته مثل “وداعاً عيوني” في عام 2000، و”ابكِ قليلاً” عام 2003، و”سأبقى على حالي” عام 2005، و”ألف عام عمر عيوني” عام 2006.[1]