كلناز يوسف
مع اختفاء الحضارة الحلفية نتيجة غزو من سكان جنوب الرافدين كما يرى أغلب الباحثين ،انتشرت حضارة أخرى هي الحضارة العبيدية، وسميت بذلك نسبة إلى تل العبيد الواقع على بعد ثمان كيلومترات تقريباً غرب مدينة أور – المقبر – أو تل المقبر في جنوب العراق التي كانت عاصمة السومريين عام 2100 ق.م
كان نشوء هذه الحضارة في جنوب الرافدين، ومن ثم انتشرت لتشمل منطقة ممتدة من عربستان شرقاً إلى سواحل البحر الأبيض المتوسط غرباً، ومن زاغروس شمالاً وحتى الخليج العربي وشبه الجزيرة العربية جنوباً، وامتدت من مطلع الألف الخامس حتى منتصف الألف الرابع ق.م.
كان تأثر الحلفيين في الحضارة واضحة في الشمال، ورغم ذلك وجدت تطورات هامة في مجالات مختلفة في الزراعة والفخار وفن العمارة وكذلك المعتقدات الدينية، ففي مجال الزراعة تطورت تقنيات الري وعرف العبيديون كيف يستخدمون الأرض الرطبة وكيف يكافحون ملوحة وجفاف التربة وما يخص العبيديون الشماليون فإنهم اعتمدوا على الزراعة البعلية، ودجنوا الماعز والغنم؛ بعكس الجنوبيين الذين دجنوا البقر، وقد بنى العبيديون الشماليون بيوتهم من الحجارة وصنعوا الأختام المسطحة وقد حملت هذه الأختام أشكالا هندسية مختلفة، وخلال العصر العبيدي الثالث المؤرخ بمنتصف الألف الخامس ق.م. وحتى بداية الألف الرابع ق.م. تطورت العمارة حيث بلغت درجة عالية من الذوق كما في منطقة حمرين – عمرين – في العراق و من الفرات الاوسط في سوريا، وخلال العصر العبيدي الرابع المؤرخ بحدود النصف الأول من الألف الرابع ق.م ثم استخدام الدولاب السريع في صنع الآنية الفخارية حيث كثر الإنتاج، ولكن على حساب النوعية بحيث أصبحت بسيطة الجودة والزخرفة والألوان، وتطورت صناعة الأختام، وكذلك العمارة الدينية، والجديد أن العبيديون بدأوا يدفنون موتاهم خارج منازلهم في مقابر خاصة ومستقلة وتم العثور في قبورهم على أواني وتماثيل وأشكال تمثل سفن وغيرها.[1]