تقرير/ شيار كرزيلي
ولد الفنان حسن حنان عمر الملقب “بافي هوكر” عام 1962 في قرية الباسوطة في أحضان جبل ليلون بشيراوا عفرين. وقرية الباسوطة المتميزة بجمال طبيعتها الخلابة تعتبر من أجمل القرى السياحية في عفرين وسوريا، التي تحيط بها بساتين من الأشجار المثمرة، والمعروفة برمانها على صعيد سوريا، كما فيها العديد من الينابيع التي تنتشر بين بساتينها، ومن أهمها النبع الكبير المعروف بنبع الباسوطة الذي يمر من بين بساتين القرية ويقوم المزارعين الاستفادة من مياهها في ري بساتينهم، وهنالك منطقة في القرية تُعرف باسم كعنوكا (kenoka) المملوءة بالينابيع ذات المياه الباردة جداً وتعرف ب kani sarik)).
من تاريخ ونضال الباسوطة:
التراث العريق والأصالة هي سمة من سمات قرية الباسوطة كما هو حال أغلب القرى التابعة لجبل ليلون التي تمتاز بالتراث الكردي الأصيل الذي حافظ على نقائه إلى يومنا هذا، لوجود الفنانين الشعبيين الذين كانوا يمثلون الثقافة الشعبية الشفوية وخاصةُ الملاحم الغنائية الكردية مثل درويش عبدي (دلال) وأغنية جبلي (جمبلي) وممي آلان وأغنية زينو زينبي، التي تعود لتراث عفرين، وللفنانين الشعبيين دور أساسي في الحفاظ على هذا التراث العريق، كذلك ففي الباسوطة قلعة شهيرة عرفت مها بطولة حاميها بطال آغا الذي قارع العثمانيين ردحاً من الزمن. ولم يفلح العثمانيين في القضاء عليه إلا بعد مؤامرة وضيعة تمكنوا بعدها من القبض عليه وإعدامه مع عائلته، ومازال سكان الباسوطة يفتخرون ببطولاته، ويغنون ويتغنون بتفانيه وشجاعته.
حب الفن والتراث متوارث في العائلة:
ينحدر أصل الفنان من عائلة وطنية مهتمة بالفن فجده لأمه محمد خليل (مامد خليل) كان معروفاً بغنائه التراثي، الذي كان قد توارثه من آبائه. كما كان خال الفنان “حسن مامد” ورث الغناء من والده، ولا ننسى والد الفنان حسن حنان أحمد شاهين (حنان عمر) كان يمتلك صوتاً جميلاً وتلك البيئة الفنية أثرت في تشكيل شخصيته.
شقيقة الفنان عزيمة حنان عمر تحدثت عن طفولة أخيها الفنان قائلةُ: “كان أخي حسن أصغر أخوتي الشباب وكنا نحبه كثيراً ففي صغره كنا نأخذه إلى الحقل وبستان والدي في كعنوكا (kenoka) وأحياناً كان والدي يأخذه معه، فتعلم أخي الأغاني الفلكلورية منذ نعومة أظفاره، لأن والدي كان يجالسه في المجالس الفنية التي كانت تقام في مضافة والدي، وكان والدي يحب صوته ويشجعه على الغناء”.
مجالس الغناء ساهمت في صقل شخصيته الفنية:
في كل مساء كان يجتمع أهل القرية وضيوفهم في منزل حنان عمر أو أخيه محمد عمر في المضافة، ويقومون بغناء الأغاني التراثية التي تتحدث عن قصص العشق أو تسطر ملاحم البطولة أو يقصون إحدى القصص وبهذا أخذ الفنان حسن الكثير من الأغاني والقصص كما تأثر بالعديد من الفنانين أمثال جميل هورو وتحسين طه وأومر جملو (عمر) وكان يغني الأغاني التراثية من صغره، أما على صعيد دراسته فقد درس الفنان المرحلة الابتدائية والإعدادية في القرية ولم يكمل تعليمه بل استمر بمتابعة مشواره الفني.
وقالت السيدة “صديقة” زوجة الفنان حسن: “لم أكن أعرف حسن إلا بعد أن قام بخطبتي عام 1987وقد كان زفافنا بنفس العام في 15آب، وقد أنجبنا ستة أولاد توفي اثنان بسبب المرض ولي الآن أربعة أولاد وهم هوكر خمكين مصطفى عبدالله، وكان حسن يعامل أولاده كأصدقائه ويشجعهم على حب الفن وتعلمه فولده، خمكين كان أحد أعضاء فرقة الشهيد ديار للرقص، ومصطفى كان يشارك في الغناء وله مشاركة في كليب “لسنا عشاق الدمار” مع والده. كما قام بتعليم عبد الله الصغير على عزف آلة الطنبور.
حبه للتراث جعله يتمسك بوطنيته:
أما الرئيسة المشتركة لهيئة الثقافة والفن سابقاً هديات عمر فتحدثت: “تأثر الفنان حسن حنان بفكر حركة تحرر كردستان منذ بداية انتشاره في عفرين في أواسط الثمانينات 1985 حين تعرفه على الرفاق أمثال سليم وغيرهم، وهذا الشيء جعله يهتم بالثورة والأغنية الثورية وكان من مُحبي أسلوب الفنان خليل خمكين، وجعله يفكر مع رفاقه من فناني جبل ليلون بتشكيل فرقة فنية، وقد قاموا بتأسيس” فرقة سرهلدان” للفن والموسيقى عام 1989 التابعة لجبل ليلون، التي كانت تشارك في جميع المناسبات الثورية وخاصةُ أعياد نوروز، وألف العديد من الأغاني الثورية التي تمجد الثورة ولم تسجل منها إلا البعض مثل “آي دل” عام1997 وكما شارك في العديد من الكليبات الجماعية مثل أغنية “كينا أم كينا” و”لسنا عشاق الدمار” و”كوباني شنكال”، وتابعت هديات عثمان: “كان الفنان تربطه علاقة قوية بآلة الطنبور، وكان محبوباً بين أعضاء الفرقة، ومع أنه كان يغني الغناء الثوري إلا إنه كان يفضل الأغنية التراثية”.
وعلى صعيد شخصيته قالت هديات كانت شخصية الفنان حسن بطابعها القروي البسيط، يحب العمل في الزراعة، وكان محبوباً من قِبل أهالي القرية ومعروف بانتمائه الوطني وعلى الرغم من امتلاكه الحكمة والمنطق السياسي إلا إنه كان شخص معروفاً بتواضعه.
رغم رحيله ترك بصمة جميلة:
أُصيب الفنان حنان في أواخر عام 2016 بمرض القلب ولم يعش طويلاً بعد المرض فقد غادر الحياة في صراعه مع المرض وقد وافته المنية في 4/1/2017، وعلى الرغم من قصر عمره إلا إنه ترك بصمة بين أهالي عفرين بغنائه ونضاله الوطني.[1]