يختلف اللباس الكردي في كل منطقة من مناطق روج آفا عن الأخرى بنوعيته وتصاميمه، والتي تتألف من ثلاثة أو أربع قطع أو أكثر، وغالباً يتم التعرف على البعض عن طريق لباسهم الشعبي. وترى المرأة الكردية إن الحفاظ على الزي الكردي انما هو جانب من جوانب مقاومة الصهر والانحلال الثقافي.
في حي الشيخ مقصود الواقع وسط مدينة حلب بالرغم من تطور منشآت الألبسة الحديثة وتنوعها بين المستورد والماركات، إلا أن العديد من النساء وخاصة المسنات منهن يحرصن على الاحتفاظ بزيهن الكردي التقليدي. العديد من عوائل مدينة كوباني بإقليم الفرات، انتقلوا للعيش بمدينة حلب منذ أعوام عديدة وذلك لتأمين فرص العمل، تلك العوائل ما تزال تحتفظ بتراثهم وعاداتهم وتقاليدهم دون التأثير بالبيئة المحيطة لهم والخروج عن ثقافتهم.
رفضت الحداثة وتمسكت بزيها التقليدي
المواطنة المسنة هدلة مشو جمعة، تبلغ من العمر 77عاماً، كوبانية الأصل، أم لثمانية أبناء أربعة منهم فتيات، ووالدة شهيد، بعد زواجها بعدة سنوات توجهت مع عائلتها للعيش في الشيخ مقصود نظراً لتوافر فرص العمل. وتقيم في حي الشيخ مقصود منذ 44 عاماً، وخلال هذه الأعوام لم تتأثر الأم هدلة بالبيئة التي تعيش فيها وتغير من العادات التي كبرت عليها في مدينة كوباني، وتقيدت بارتدائها لزيها الفلكلوري.
واجهت الأم هدلة خلال حياتها بمدينة حلب انتقادات عديدة، لكونها ماتزال ترتدي زيّها الفلكلوري، إلا أنها لم تتخلَ عن ثقافتها وكانت ترد عليهم قائلةً “لباسي الفلكلوري هو ثقافتي ولن اتخلى عن ثقافة كبرت عليها”. وتقول هدلة “ربيت بناتي على التمسك بزيهم التقليدي والحفاظ عليه، وعدم التأثر بالبيئة المحيطة”.
ورثت الزي الكردي من آباءها وأجدادها.. وورّثتهُ لبناتها
أما المواطنة أمينة حبش البالغة من العمر 65 سنة، أم لإثني عشر ولداً منهم أربع فتيات، تقطن بمدينة حلب منذ قرابة 46 عاماً، عاشت بعيداً عن مسقط رأسها بعد سنوات من زواجها وكانت حريصة على عدم التخلي عن ملابسها، إيماناً منها بقداسة الفلكلور الذي ورثته من آباءها وأجدادها ولا بد لها من الحفاظ عليه، حتى تورثه لبناتها.
تعلمت المواطنة أمينة تفصيل وخياطة الملابس من أحد أقربائها وهي لم تبلغ من العمر عشرين عاماً، وبدأت تخيط ثوبها بذاتها دون عناء البحث عن خياط يتقن حياكة الملابس التقليدية للزي الفلكلوري في حلب، وكانت أيضاً تخيط لأقربائها كنوع من المساعدة لهم. أمينة أكدت في حديثها بأن الزي الفلكلوري هو السمة التي تميز كل مجتمع عن غيره ويمكن أن يستدل على تراث وثقافة المرء.
ولا يختلف حال المواطنة إسلام أحمد البالغة من العمر 75 عاماً، عن كل من هدلة وأمينة، فهي والدة لثمانية أبناء، من بينهم ثلاث فتيات، تعيش مع عائلتها منذ قرابة 35 عاماً في حي الشيخ مقصود بحلب.
تشير إسلام بأنها لم تفكر يوماً التخلي عن زيها الفلكلوري بعد توجهها إلى مدينة حلب حيث كان يعد عبق هويتهم الوطنية.[1]