تقرير/ هايستان أحمد
للغة قيمة جوهرية كبرى في حياة كل أمة، فهي الأداة التي تحمل الأفكار وتنقل المفاهيم، فتقيم بذلك روابط الاتصال بين أبناء الأمة الواحدة، وهي هوية الفرد القومية ومسرح تفكيره ومجال وجدانه، كما أنها تحظى بأهمية لا حدود لها عند الأمة الواحدة، لأنها إرث حضاري وتاريخي وعنصر أساسي من مقومات تكوينها، فالأمة تتكون من ثلاثة أركان هي “اللغة، الأرض، التاريخ” ولا يمكن فصل ركن عن الآخر لأنها حقيقة عامة وثابتة. لأن الإنسان لا يُعرف أبداً من خلال شكله، أو بشرته، أو شعره، ولكنه يعرف من خلال لغته التي تكشف عن أفكاره وخصائصه وبيئته، إن اللغة هي التي تعبّر عن هوية الإنسان وعواطفه وآرائه، وهي كما قال “جلادت بدرخان”: شرط الوجود الأول …أفلا يحق لنا أن نحاسب أنفسنا قليلاً، إلى أي مدى نحن موجودون بلغتنا يا ترى؟ إلى أي مدى نحن ملمون بتاريخنا بهويتنا، وبخصائصنا، وبثقافتنا، بلغتنا، اللغة هي أساس التاريخ والحضارة وأجمل شيء يملكه الإنسان ويجب المحافظة عليها بكل قوتنا لكي لا تندثر وتنسى”.
اللغة الكردية ولهجاتها
اللغة الكردية من مجموعة اللغات الآرية وليست كما يقول البعض انها ضمن مجموعة اللغات الهندو أوروبية، لذا فهي تمت بصلة القرابة إلى الفروع الشرقية للغات الهندو أوروبية، مثل الفارسية والهندية. وإلى الفروع الغربية من العائلة كاللغات الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والكلام انها من اللغات الهندو أوربية غير صائب لأن اللغة الكردية من أقدم اللغات وتبلغ آلاف السنين، وهذا الكلام قيل لتضليل الحقيقة وجعل لغاتهم المصادر والأساس، وتنقسم اللغة الكردية إلى لهجتين رئيسيتين هي الكرمانجية والبهلوانية، ويتفرع منها العديد من اللهجات المحلية تصل الآن إلى 18 لهجة مختلفة، إذ تنقسم الكرمانجية إلى الكرمانجية الشمالية أو البهدينانية و الكرمانجية الجنوبية أو السورانية، وتنقسم البهدينانية إلى الكوراني(الجوراني) و الزازا، أو الديميلي. وتتنوع هذه اللهجات الأربع الأخيرة عشرات اللهجات التي تسود كل منها في منطقة أو قبيلة أو قرية.
اللغة هوية ووجود
واجهت لغتنا الكردية مصاعب وأعداء في مجمل أرجاء كردستان، وفي شمال شرق سوريا عدّت الدولة السورية الكرد من الأقليات وطمست ثقافتهم وحاربت لغتهم الأم، ولم تتوافر كتب ولا مجلات ولا صحف بغير اللغة العربية، ولم تأخذ اللغة الكردية أبسط حقوقها ولم يستطع الكرد التعلم بلغتهم الأم وحرموا منها كما حرموا الكثير من حقوقهم. وإن كانت بعض الطوائف المسيحية قد حصلت على بعض الحقوق فيما يتعلق بتعلم اللغة السريانية إلا أنها بقيت في إطار ضيق ومحدود، ولكن الشعب الكردي شعب مناضل لا يتراجع عن أهدافه ولا ينسى ويتناسى ثقافته وهويته ولغته التي تبلغ آلاف السنين، وناضل وصمد من أجل المحافظة على إرث الكرد وتاريخه العريق، ولا ننسى كل من واجه الصعوبات وشارك في هذه المقاومة والإصرار على إشراقة شمس جديدة تنير على الشعب الكردي وتعطيه حقه من النور كما يأخذه الآخرون.
رغم عدم توافر أقل مستلزمات التعليم مثابرون
وكان هنالك من الكرد أبناء غيورين على تاريخهم كرّسوا حياتهم من أجل هذه القضية، فقد كانت تعلم اللغة الكردية بشكل سري تام ضمن خوف شديد وقلق من معرفة أي أحد الأماكن التي تدرس فيها اللغة الكردية وكانت أغلب الأماكن غير مهيأة للتعليم، فكانت في البيوت أحياناً أو في أقبية، وعدم توافر مستلزمات التعليم وتأخير مراحل التدريس بسبب التشديد من قبل النظام، فقد كانت تأخذ مرحلة تعلم الحروف مدة شهور، ولم يكن هنالك مناهج باللغة الكردية ولا أساتذة متمكنين، كانت أساليب التعليم بسيطة للغاية، ولكن بهمّة ودافع قومي قوي وكبير، الآن تأخذ لغتنا الكردية حقها في جوانب الحياة كلها ويستطيع الكرد التكلم بلغتهم بدون خوف ولا حواجز، إلى جانب أخوتهم من باقي الشعوب والمكونات وبخاصة بعد إدخال المناهج الجديدة في التعليم وباللغات الثلاث الرسمية في شمال شرق سوريا وهي اللغات العربية والكردية والسريانية، وأخيراً لابد لنا أن ندرك أهمية اللغة وضرورة المحافظة عليها بكل إصرار وثبات لأن اللغة حياة ووجود.[1]