حوار/ قاسم إبراهيم
روناهي/ قامشلو عامودا…اسم كان وما يزال يداعب ذاكرة كل كردي وربما ذاكرة الكثيرين من سوريا كلها، فأهل عامودا كأزهار ملونة في حديقة المجتمع السوري، يتمتعون كما أهالي حمص بروح الدعابة والنكتة والدعابة، ولا شك أنهم سريعو البديهة والفطنة، مخترعون عباقرة في مجالات شتى، معروفون بهوسهم بالفن والأدب.
ومن أبناء عامودا الذين نهلوا من نبع ثقافتها وتشبعت روحه المرحة بأناقة التعبير ورشاقة التعامل في الحديث والكتابة الشاعر مروان شيخي الذي نحاول في هذا الحوار أن نتعرف على جوانب من أعماله وحياته:
بداية لو نُعرّف ببطاقتك الأدبية، وأسباب اهتمامك بالشعر أكثر من بقية الأجناس الأدبية؟
مروان شيخي، ابن عامودا، نائب رئيس اتحاد كتاب الكرد– سوريا، عضو اتحاد مثقفي الجزيرة، معلم متفرغ لتنمية المواهب، بالإضافة إلى عملي الحالي كمُعِد ومُقدم برنامج “قناديل” على قناة روج آفا، لدي ديوانين مطبوعين الأول بعنوان (جسد لا يحتمل أعضاءه) صدر عن “رابطة كاوا للمثقفين الكرد”، والثاني “أقود بك الغربة” صدر عن اتحاد كتاب الكرد – سوريا، بالإضافة لمجموعة مخطوطات بانتظار أن ترى النور.
أما حكايتي مع الشعر واهتمامي به دون سواه، فقد وجدت نفسي في الشعر أكثر من بقية الأجناس الأدبية الأخرى وحاولت على مدى ثلاثين عاماً أن أتفرد بخصوصيتي في الكتابة وأظن إنني وصلت لما أريد، وأذكر أني كتبت أول قصيدة عام 1986 ونشرتها في إحدى الصحف السورية، وبعدها بدأت بنشر نصوصي في العديد من الصحف والمجلات العربية والمحلية والكردية أيضاً.
متى يجد مروان شيخي نفسه مدفوعاً إلى الكتابة، وما الذي يحفزه عليها؟
الشاعر لسان حال مجتمعه والمحيطين به، وأنا أجد نفسي مدفوعاً للكتابة في كل حادثة أو حِراك يلامس المجتمع وجدانياً أو عملياً، وأحاول أن أكون لسان حال من حولي ممن قد يعجزون عن الإفصاح بما في دواخلهم، وأحاول قدر الاستطاعة أن أكون لسان الآخر الذي يصرخ بصمت، وباعتباري أكتب الومضة الشعرية فقد أُقفلها بالصراخ حيناً والهدوء أحياناً.
مَنْ من الشعراء الكُرد أو العرب؛ يُعدُّ مُرشدك وأستاذك؟
تابعت وقرأت لأغلب الشعراء العرب ومن المبدعين على الساحة العربية والعالمية كما قرأت للشعراء الكُرد ولا زلت اعتز بأستاذي الشاعر جميل داري المرشد الذي شجع كل الشعراء الذين كانوا من جيلي في عامودا.
كشاعر وشخصية قريبة من الإعلام أي دور يمكن للشاعر أن يلعبه الآن في ظل التطور الإعلامي؟
فيما يخص دور الشعراء لا أظن أنه ما يزال ذلك الدور الذي كان يلعبه سابقاً، باعتبار الأجهزة الإعلامية لم تكن كما عليها الحال لذا كان الشاعر لسان حال الشعب، وكان لكلمته دوراً بارزاً في تحريك الشعور بمختلف حالاته القومية والوطنية والإنسانية، أما الآن فالشاعر بات دوره مقتصراً على تحريك الروح البشرية وسقيها بماء الكتابة كي لا تجف في زمن الضياع البشري والأهوال التي تتهاطل فوق رأسه، وقد يساعده الإعلام على إيصال ما يُريده أكثر.
برنامج “قناديل” على فضائية روج آفا من إعدادك وتقديمك والآراء متعددة حوله، ماذا تحدثنا عنه؟
حاولت من خلال برنامجي هذا تسليط الضوء قدرِ الاستطاعة على “قناديل” لازالت تتوهج بحروفها وستبقى، والتعريف الكامل للقنديل الذي أحاول تسليط الضوء على مجمل حياته، كوننا نقرأ لكُتّاب كثيرين دون أن نعرف حياتهم ومن خلال هذا البرنامج المكثف أحاول التطرق لكل شاردة في تطور حياتهم الاجتماعية والثقافية.
أما بشأن أنني مُقصر في طرح و”إبراز” القناديل الكردية لا أظنُّ بأني مقصر في ذلك كوني أعرض ثلاث حلقات في الأسبوع وأتناول فيها كاتب كردي وعربي وعالمي كي لا أجحف في حق أية قومية قدر الإمكان.
ما مكانة المرأة في قصائدك وبرنامجك قناديل؟
بالنسبة للمرأة التي أتصورها دائماً شجرة دائمة الخُضرة، يستظل بها كل العابرين بحنانها، والوردة التي تبث الجمال والعطر في حديقة الحياة، وأحب أن أنوه أيضاً أنني أتناول كاتبة في كل أسبوع من الحلقات التي أُعِدها وبمختلف القوميات والطوائف. كي لا أبخس المرأة حقها وبخاصة في ظل ما توصلت إليه من تقدم وَرُقي.
الأدب مقاومة، عندما يفرض علينا العدو الاحتلال والإبادة وطمس هويتنا؛ لماذا لا نجد الشجاعة الكافية لدى بعض الكُتّاب والشعراء والمثقفين في فضح تلك الاعتداءات ؟
أوافقك الرأي بأن الأدب مقاومة، ولكن ليس كتلك المقاومة التي نفهمها – كلفظ – إنما مقاومة من نوع آخر كمقاومة الدفاع عن النفس، في ظل الكم الهائل من الكتابات التي باتت على صفحات التواصل والمواقع الإلكترونية؛ التي باتت ساحة لكل من هبّ ودبْ، لدرجة أن المُشرفين عليها يجهلون أبسط قوانين الإلمام بالثقافة، وما يحزنني أكثر الكتابات التي تصف نفسها ب “شعر المقاومة” والتي هي عبارة عن رصف كلمات لا تمت للشعر بصلة، وأقصد هنا الشعر الكردي والعربي على حد سواء.
ولكثرة الكتّاب والشعراء الذين باتوا متطفلين على موائد الشعر والكتابة والتاريخ، لابد من غربلة كل هؤلاء لأنه في كل عصر كان يظهر أمثال هؤلاء ولم يصل إلينا غير الأسماء التي تعبت وجاهدت في تطوير الذات الأدبية وأدوات الكتابة والتجديد الذي أحدثوه.
الشاعر مروان شيخي أراق دم العمر كله في الأدب، فما هو حصاد كِفاحه الأدبي المنشور وغير المنشور؟
تعبتُ جداً، فلأكثر من ثلاثين سنة وأنا أهتمُّ كثيراً بالشعر وأنشر بشكل يومي، وما حصدته خلال كل هذا العمر ديوانَي شعر والكثير من المخطوطات التي تنام مِلئ الأدراج. أما عجينتي دائماً فهي الشعر ولا أتطرق لبقية الأجناس حتى أوفي الشعر حقه ولا أضيع في الزحمة.
قدمت عامودا الكثير من الشعراء، ما رأيك بما قدموه مقارنة بما يقدمه جيل الشباب منهم الآن؟
صدقني ليس مجاملة إن قلت عامودا هي التي كانت تنزف الشعر والشعراء الذين سطعوا في عالمه، بكل معنى الكلمة وليس مدحاً حينما يقولون عامودا بلد الشعراء، أما الشعراء والأدباء الشباب فأقول لهم لا تتعجلوا وعليكم بالتمكن والمطالعة والتعمّق بالثقافة عندها لا شك ستكون نِتاجاتكم مميزة.
هل من كلمة أخيرة وماذا تقول فيها؟
أتمنى على الإعلام وخاصةٍ الصُحف أن تولي الجانب الثقافي الاهتمام وأن تتوخى الدقة فيما يخص الأدب والشعر المنشور عبر صفحاتها، حتى يصل للقارئ ما يستحق القراءة من الشعر والأدب وشكراً لكم.[1]