حوار/ عبدالرحمن محمد .[1]
روناهي/ قامشلو في مدينة عامودا منبع للفنون والأدب، وكم من قامات شامخة في عوالم الثقافة تنتسب إلى عامودا، التي كان قدرها أن تُكنّى مِن قِبل البعض بمدينة الأدباء والفنانين والمجانين، وما مجانينها إلا عشاق للفن والأدب والحب، والممثل والمخرج الشاب حسن أحمد رمو واحد من أبناءها الذين عشقوا الفن والمسرح وساروا في طريق هذا الفن الخالد.
المسرح حياة وأساس بناء مجتمع واعي ومثقف، فالمسرح درب الحياة نحو مجتمع صحيح يمكننا من خلاله إرجاع الأمور إلى مسارها الصحيح، وبات المسرح اليوم في شمال شرق سوريا يشهد حِراكاً غير عادي، وأضحى المرح بوابة ثقافية لها ثقلها في الواقع اليومي. الممثل والمخرج المسرحي الفنان “حسن أحمد رمو”، يحدثنا عن المسرح وبعض من تفاصيل الواقع المسرحي من خلال تجربته عبر هذا الحوار:
لو نتحدث عن البدايات ومن الذي كان مُلهِمك ومُشجعك لُتبدع في هذا الفن؟
هواية التمثيل كانت الدافع الأول والأكبر لانضم لهذا الفن الراقي، ومنذ الصغر حين كنت في عمر العاشرة كنا نقوم بالتدريب في المدرسة بعد الانتهاء من الدرس، وكنا نقدم بعض العروض البسيطة بتشجيع ودعم من معلمينا، والصبر والإرادة نمت لدي الموهبة.
شجعني معلمي كثيراً على تنمية موهبتي وعند بلوغي الثانية عشرة انضممت إلى فرقة مسرحية تعمل لمسرح الشبيبة، تحت إشراف المخرج الراحل “جمال جمعة” الذي كان سبباً رئيساً في تنمية موهبة التمثيل لدي أكثر.
من خلال تجربتك خلال هذه السنوات ما أهم أعمالك ومشاركاتك حتى الآن؟
قدمت أول عمل مسرحي باسم المستنقع عام 1995 وشاركنا بالمهرجان القطري في حلب عام 1996 وأحرزنا المركز الأول على مستوى سوريا وحصلت على جائزة أفضل ممثل، في العام التالي أيضاً شاركنا بعمل السمكة الذهبية وحصلنا على المركز الأول في المهرجان القطري بالسويداء عام 1997، وحصلت على المركز الأول كأفضل ممثل، وتابعت مع المخرج جمال جمعه عدة أعمال أخرى، ثم كان لي شرف المشاركة مع المخرج وليد عمر الذي تعلمت منه الكثير وشاركت معه في عمل سليمان الحلبي الذي شارك في مهرجان الشباب بمصر وحصلنا على جائزة أفضل نص معاصر. وشاركت معه أيضاً في مسرحية “شخصيات معلقة” وأيضاً اللوحة المفيدة للأطفال الذي شاركنا به في مهرجان ليالي المسرح الحر في الأردن، كما شاركت معه بعمل العائلة توت.
كانت بداياتك كممثل مسرحي فما الذي شدك للإخراج؟
في عام 2012 بدأت العمل كمخرج مسرحي نتيجة افتقارنا إلى مخرج مسرحي في عامودا، وكي يبقى المسرح حياً هنا في عامودا نتيجة وجود مواهب عديدة وواعدة، قمت بإخراج عمل للأطفال باسم “صديقتي البيئة” بالإضافة إلى عدد من المسرحيات القصيرة، ربما صدق القول هنا إن الحاجة أم الاختراع.
التجربة المسرحية تجربة جديدة نوعاً ما في المنطقة، هل واكب الحِراك المسرحي منجزات الثورة ووصل لما يُتطلب منه؟
المسرح هنا في حالة تذبذب كحال الوضع الراهن لأننا لا نستطيع فصل الوضع الراهن عن حال المسرح، فالمسرح صورة الحال، ولكن لا نستطيع أيضاً أن ننكر أنه رغم كل الظروف هناك خطوات ملموسة من القائمين على هذا الفن من أجل دفعه إلى الأمام وخلق ظروف وبيئة مناسبة للعمل المسرحي، ولكن هناك العديد من الأمور الأساسية التي لابد العمل عليها مثلاً أغلب المدن التي تنشط فيها الحركة المسرحية ولديها فرق قوية وواعدة لا تملك خشبة للمسرح وكومين المسرح، وإن وجدت خشبة المسرح فهي غير مجهزة ولا تصلح للعرض المسرحي من حيث التقنيات والإضاءة.
المسرح أبو الفنون كما يُقال كيف تنظرون إلى الحِراك المسرحي في شمال وشرق سوريا بشكل عام؟
التجربة المسرحية نستطيع القول بأنها وليدة المرحلة، وما قُدم منذ ما يقارب الثمان سنوات حتى اليوم استطاع بشكل أو بآخر أن يتماشى مع الوضع الراهن وأن يكون صوتاً مسموعاً، لأن المسرح هو العين التي تصور الواقع المعاش على خشبته ولكن نتيجة الافتقار إلى الكاتب المسرحي هنا خلق مشكلة في تصور هذا الواقع إلى حدٍ ما، فأصبح الاتجاه أكثر إلى ترجمة النصوص العربية أو العالمية التي تحاكي واقعٍ يشبه واقعنا أو يتم أسقاطه على واقعنا.
لكَ مشاركات عِدة في المسرح السوري عموماً، فماذا عن تجربتك في شمال وشرق سوريا؟
بعد تجربة محدودة، وعمل دؤوب وإن كان محدوداً تم الإعلان في عام 2015 عن انطلاق المهرجان المسرحي الأول وكان لنا شرف المشاركة بعمل “إيدي بسه” والحصول على جائزة أفضل عرض مسرحي والعمل كان من تأليف الأستاذ بشير ملا نواف، ثم شاركنا بالمهرجان الثاني بعمل كماردانك (الحاوية)، وفي المهرجان الثالث شاركت بعملين “كورتاسيا جنكي ، موجز حرب” و “كيليكي ورن، هل تانون قليلا” وحصلنا على المركز الأول عن عمل كورتاسيا جنكي مناصفه مع عمل للمخرج محمد رسول وحصلت على جائزة أفضل ممثل مناصفه مع شيران ملا.
وفي المهرجان الرابع شاركت بعملين أيضاً عمل دونكيشوت ودستسركرن (الاستيلاء) مع فرقة سردم التابعة لواجب الدفاع الذاتي، وحصلت على جائزة أفضل ممثل مناصفة مع شيروان ملا.
كيف تبدو العلاقة بين المسرح والمجتمع من حيث جماهيريته والعمل فيه كممثل ومنتج وكاتب ومخرج؟
بالسنبة للعلاقة بين المسرح والمجتمع هي علاقة تكامل، لأن المسرح أساساً نشأ من أجل المجتمع وله دور كبير في بناء فكره وإظهار مكامن الخلل فيه وتصويره على الخشبة للنقاش، لذلك فالمسرح يستنبط موضوعاته من المجتمع، فالمجتمعات الإنسانية باختلافها في حاجة إلى التوجيه الفكري والعلمي والثقافي والسياسي وهذا يمكن من خلال المسرح، طبعاً لا أقول أن المسرح هو الوحيد الذي باستطاعته خلق هذا الشيء ولكن هو الأكثر قدرة بسبب المشاهدة المباشرة، فالعلاقة التواصلية بين المسرح وجمهوره علاقه إرسال واستقبال وما أن تنتهي المسرحية حتى يتحول المرسل إلى مستقبل والمستقبل إلى مرسل.
للعام الرابع يُقام مهرجان المسرح في روج آفا؟ ماذا قدّمَ المهرجان للحِراك المسرحي والمجتمع حتى الآن؟
استطاع المهرجان أن يخلق حالة من التواصل وخلق رؤى إبداعية، من خلال المهرجان الرابع الأخير والكثير من الفرق أثبتت أن هناك أُناس يعملون من أجل الدفع بهذا الفن الفتي إلى الأمام وخلق صور جمالية وإبداعية وتجلى ذلك من خلال العروض التي نالت الإعجاب بكل المقاييس.
كانت لكم تجربة ومشاركة في مهرجان المسرح الرابع ماذا تُحدثنا عنها؟
بالنسبة لمشاركتي في المهرجان الأخير في عملين دونكيشوت الذي يحارب الفساد الذي تعشش في المجتمع، وأصبح كالأخطبوط في مناحي الحياة، والدفاع عن المبدأ الإنساني من أجل تحقيق العدالة المرجوة بعيداً عن ال “أنا”، وبعيداً عن المصالح الشخصية، والعمل الثاني كان بعنوان “دستسركرن” التابع لقوات واجب الدفاع الذاتي “فرقة سردم الخاصة” للإناث، ويطرح أفكار الأنظمة الرأسمالية وهدفها الاستيلاء والهيمنة على الشعوب والتلاعب بها من خلال فكرة التحرر والديمقراطية التي لا تحقق منها شيئاً سوى الوصول إلى أهدافها ومخططاتها.
هل من كلمة أخيرة في الختام؟
المسرح والعديد من الفنون الأخرى ربما تم تغييبها قسراً عن المنطقة، والعديد من الفنون الأخرى هي فنون جديدة نوعاً ما، لكننا نشهد بدايات وتأسيس للكثير منها، والتجربة والإصرار والإمكانات لا شك ستلعب الدور الأبرز في تقدم وتطور هذه الفنون، وأخيراً الشكر لكم ولكل من يعمل بحب لتطوير هذا الفن.