لدكتور نوري ديرسمي
ولد الدكتور محمد نوري ديرسمي في اذار 1894 في قرية آخزونيك التابعة لولاية ديرسم، أبوه إبراهيم، وأمه زليخة، ينتمي إلی عشيرة ملان، فقد أمه وهو صغيراً، ڕباه عمه بعد ذلك، درس الابتدائية في بلدة خوزات، ثم هاجر مع والده إلی خاربوط وتابع دراسته الإعدادية في مدارسها، بدأ بممارسة السياسة وهو شاباً، حيث قام بتأسيس إتحاد طلبة كوردستان مع بعض زملائه واستمرت حتی المرحلة الثانوية.
دخل كلية الطب البيطري عام 1911 حينما هاجر مع والده الی اسطنبول، طور من علاقاته مع العمال والفنانين واستمر بالعمل السياسي، انتسب الی جمعية هيفي وأصبح عضواً ناشطاً فيها، وأسس مع مجموعة من ڕفاقه جمعية ” عاشقي كردستان”، وبعد الحرب العالمية الأولی 1914 ارسلته الدولة التركية الی اذربيجان كمسؤول عسكري، لكن الدولة التركية عزلته نتيجة تواصله مع الشعب الكوردي، وبعدها نفته الی منطقة” كيره سون” علی البحر الاسود، وفي عام 1921 اصدرت الدولة التركية حكم الاعدام بحقه، فلجأ الی ديرسم، وقام برفقة علي شير بتنظيم والتحضيرلانتفاضة كوجكيري والتي بدأت في 6-آذار-1921
اذ كان احد قادة اول انتفاضة كوردية عام 1921 ضد ظلم وطغيان الدولة التركية الحديثة التي كانت تتشكل آنذاك والمعروفة بثورة (قوجكيري)، كما كان له بصمات واضحة في ثورة ديرسم التي قادها السيد ڕضا عام 1937، وهو الشاهد علی مجازر الاتراك بحق ابناء الشعب الكوردي والتي فقد فيها ابناءه واخوته في تلك الثورة، فالمجازر التي اقترفت بحق الشعب الكوردي هناك تعتبر بمثابة وصمة عار علی جبين الانسانية نظراً للوحشية التي مورست علی الشعب الكوردي آنذاك وانتهت بمجازر مروعة، وبعدها كلفه سيد ڕضا بتوحيد العشائر الكوردية وتوعية الشعب تحضيراً للانتفاضة، بالاضافة الی تكليفه بمهمة عقد العلاقات مع القوی الخارجية، اصدرت الدولة التركية عفواً باستثناء سيد ڕضا ونوري ديرسمي، فأضطر ديرسمي للفرار الی سوريا وبعدها الی اردن ومن ثم عاد الی مدينة حلب من جديد وسكن في حي “محطة بغداد” عام 1940.
قام نوري ديرسمي في منفاه بمدينة حلب السورية بتأليف كتاب عن تلك الثورة سماها (ديرسم في تاريخ كوردستان)، ووثق كل تلك الجرائم والويلات والممارسات التي اتبعت في قمع انتفاضة ديرسم والتي انتهت بإعدام قائدها سيد ڕضا، يتطلب معرفة نوري ديرسمي عن كثب وكذلك معرفة مدی التضحية التي قدمها لابناء شعبه، حيث ضحی بالغالي والنفيس في سبيل تحرير شعبه من الظلم، ومحاولاته الحثيثة في سبيل توحيد الصف الكوردي واقناع العشائر والقبائل الكوردية آنذلك في سبيل الانضمام الی انتفاضة ديرسم، ولا سيما اليوم نحن علی ابواب انعقاد المؤتمر القومي الكوردي والذي من المقرر ان يعقد في عاصمة اقليم كوردستان في ال15 من شهر ايلول هذا العام.
فقد كانت محاولات ديرسمي من اجل الوحدة القومية الكوردية، بعد التجزئة والتفرقة التي حلت بالامة الكوردية جغرافياً اثر اتفاقيات دولية علی تقسيم كوردستان واهمها اتفاقية سايكس بيكو عام 1916، وهو احد القادة الكورد الذين كتبوا التاريخ الكوردي وعمل في الصفوف الاولی وناضل وافنی حياته من اجل شعبه في شمال كوردستان، مثل الشيخ سعيد بيران (1925) قائد ثورة دياربكر، احسان نوري باشا(1930) في آكري، و سيد ڕضا(1937) في ديرسم…الخ.
في حلب لم يتوقف عن النضال وواظب علی الكتابة والتأليف وكتب مذكراته في كتاب سماه (ديرسم في تاريخ كوردستان)وطبع في حلب عام 1952 واصبح عضواً قيادياً في الحزب الديمقراطي الكوردي السوري عندما تأسس عام 1957 كأول حزب سياسي كوردي يتأسس في سوريا، واستمر بالكفاح والنضال واصبح منزله مقراً للمثقفون والادباء الكورد حتی قرروا هناك “تأسيس جمعية المعرفة والتعاون الكوردي” وذلك عام 1956 واعضائها المؤسسين هم الدكتور محمد نوري الديرسمي، وروشن بدرخان، حسن هشيار، عثمان افندي، حيدر حيدر ومن اهداف الجمعية تطوير اللغة وأداب وتاريخ الكورد وتعريفها بالعالم، ومع هذا فانها قدمت جهودا مميزة في مجال الثقافة والادب الكورديين وقامت بطبع عدة كتب فضلا عن نشر المقالات والبحوث عن تاريخ الكورد وكوردستان في الصحف الناطقة باللغة العربية، في يوم 22-آب-1973 و عن عمر يناهز 81 عاما ڕحل دون ان يری منطقته التي طالما حالما بالعودة اليها ديرسم، وقد اوصی بأن يدفن في مقبرة زيارة حنان القريبة من عفرين في قبر أعده بنفسه له ولزوجته منذ عام 1963 وكذلك اوصی بان (يضعوا كتابه مع حفنة من تراب بلدة الديرسم تحت ڕاسه في قبره) وكذلك اوصی بأن يمر موكب جنازته من أمام القنصلية التركية بحلب، وأن يدون علی شاهدة قبره الأبيات التالية.
انا ايضاً سرت علی ذلك الطريق الصعب
وصرخت وناديت
من اجلكم ايضاَ
حتی يصبح الدنيا كالربيع[1]
من صفحة : محمد شريف أحمد