للكاتب صالح كوباني[1]
كتب الباحث الموسيقي بشير بوتاني مقالاً باللغة الكردية عن الفنان الراحل آلان بوتان، نشره في موقع أفستا الالكتروني، تناول فيه حياة الملحن آلان بوتان ( شاهين محسن درويش ) وتجربته في مجالي التلحين والغناء كما تناول في مقاله اللقاء الذي أجرته الصحفية السويدية أوللا كاترين مع الراحل آلان بوتان ، ويعود ل بشير بوتاني الفضل في تذكير الجمهور بهذا اللقاء الصحفي الهام الذي تحدث فيه آلان بوتان عن جوانب من حياته الفنية وتجربته في صفوف البيشمركه في كردستان.
و في تصريح خاص لموقع مدارات كرد قال الفنان بشير بوتاني: أن العديد من كبار الفنانين الكرد والترك يغنون من الحان آلان بوتان، لكن مما يؤسف له، أن الجمهور لا يعرف الكثير عن هذا الفنان المبدع الذي غيّبه الموت مبكراً، و لو قيض له العيش لقدّم الكثير للموسيقى الكردية، كما حثّ بشير بوتاني الموسيقيين الكرد والباحثين في مجال تأريخ الموسيقى الكردية ، على الاهتمام بتراث آلان بوتان الموسيقي و الغنائي.
نقدم لمتابعي (مدارات كرد) ترجمة اللقاء الذي أجرته الصحفية السويدية مع الراحل آلان بوتان عام 1995م.
الترجمة عن السويدية: صالح كوباني.
التعريف بكردستان
كردستان: منطقة جبلية عند منابع دجلة و الفرات، طولها من الشمال للجنوب 700 كم ومن الشرق للغرب 600 كم
الموارد الرئيسية هي الزراعة وتربية المواشي
تقع كردستان بين كل من تركيا، والعراق وإيران، و هناك أقليات كردية في كل من سوريا وجورجيا و ارمينيا و اذربيجان.
يناضل الكرد لأجل كردستان حرة، و الدول ذات العلاقة تعمل ضد هذا الحلم.
الإسلام هو الدين الرئيسي.
هذه المعلومات مقتبسة من كتاب برا بوككرس ليكسيكون Bra Bökers lexikom
حوار مع الفنان آلان بوتان، أجرته اوللا كارين سوندين Ulla Karin Sundin لصحيفة نينيس هامنس
بوست Nynäshamns posten العدد 44 الصادر في 23.06.1995.
1 of 2
حوار الفنان آلان بوتان لصحيفة نينيس هامنس بوست Nynäshamns posten العدد 44 الصادر في 23-06-1995 - مصدر الصورة: صالح كوباني
حوار الفنان آلان بوتان لصحيفة نينيس هامنس بوست Nynäshamns posten العدد 44 الصادر في 23-06-1995 - مصدر الصورة: صالح كوباني
يبدو و كأنه على وجهه وعينيه بعضا من الآثار. لكن الأمر ليس كذلك. آلان بوتان، فنان كردي شهير، و مؤلف موسيقي، ذو خلفية فدائية ( بيشمركه – المترجم ) أنه شاهد وعايش ما لا يمكن تصّوره.
ناضل آلان في سبيل ان يتمتع هو وشعبه بحق التحدث و القراءة و الكتابة و كذلك الغناء بلغته.
أثناء سنواته السبع في صفوف المقاومة المسلحة كان لديه إحساس دائم أن يومه قد يكون آخر يوم في حياته، لكن ايمانه بعدالة قضيته جعله يواجه الموت مرات و مرات.
سأموت الآن و ليس غداً، كنت واثقاً من ذلك، يقول آلان.
كنا متعودين ان نقول لبعضنا وداعاً كل يوم.
بوتان هي تلك القرية الواقعة في كردستان تركيا والتي ولد فيها آلان، الغالبية العظمى من أقربائه فروا من بوتان عندما كان عمر آلان ثلاث سنين، ومنذ ذلك الحين لم تعد أسرة آلان إلى القرية البتة.
بهذه الطريقة يتعرف المرء على الأسماء الكردية، اسمنا من اسم قريتنا، يقول آلان! لذا لا أعتقد بأنني سآصبح سويدياً حقيقياً يوماً ما، اسمي يدل على كرديتي.
يريد العودة
فرت أسرته الى العراق عندما كان عمره ست سنين، عندما بلغ التاسعة انتقلوا الى سوريا. عائلة آلان متناثرة في كل تلك البلدان وتلك التضاريس الجبلية الصعبة التي تتشكل منها كردستان.
والدا آلان متوفيان منذ زمن طويل، له ثلاثة أخوة، آلان لايعرف شيئا عن اثنين منهم، أما ثالثهم فالحزب الديمقراطي الكردستاني لم يعط جوابا شافيا حول مصيره. آلان يعتقد أن الثلاثة لم يعودوا أحياء.
كلما أقرأ او أسمع شيئا عن وطني، تغمرني رغبة بالعودة….سأعود يوماً ما يقول آلان.
أنه ممتنٌ و شاكر
يقول آلان أنه يشعر بالذنب لأن الكثيرين ممن اضطروا على مغادرة ديارهم، لايستطيعون العودة.
كان هدفنا كردستان حرة! لكن يبدو لي أن نضالنا سيستمر إلى مالانهاية.
1986 قدم آلان الى السويد لاجئا، إنه شريك في ملكية مطعم مولين روج(Moulin Rouge) في بلدة ني نس هامن (Nynäshamn) ويعمل في تحضير البيتزا في نفس المطعم.
لقد تلقيت الكثير من المساعدة والدعم، وإمكانية تعلم اللغة، إنني شكور، وأريد ان أعيد لهذا المجتمع ما قدمه لي، لم اتقاعس عن العمل ولم اكن في إجازة مرضية يوما واحداً منذ وصولي إلى السويد .
عمله في المطعم لم يخفف من مشاكله الصحية، أنه على موعد تنظير المعدة في مشفى سوفيا هيمميت (بستوكهولم)، سيأخذون خزعة من معدته.
يقول الطبيب بأنه قد لا يحتاج الأمر لإجراء عملية جراحية و عليه تناول الأدوية. لكن الذي لفت انتباه الطبيب أن ثمة آثار لشق قبيح في بطنه.
تعرض لعملية جراحية في الجبل
لقد تعرضت لمشاكل صحية طارئة مما اضطررت لإجراء عملية جراحية في بطني على يد أحد طلبة الطب البريطانيين في المناطق الجبلية شمال العراق.( كردستان العراق – المترجم )
عندما سألته عما اذا تم تخديره قبل العملية، كان ابتسم آلان وهزّ برأسه (نافيا). لقد تلقى ضربة قوية على رأسه كي ليفقد وعيه ، لكنه عاد لوعيه أثناء إجراء العملية
كان الاثني عشري قد انفطر فخيطوه، وأثناء ذلك قاموا باستئصال الزائدة الدودية أيضا. أكد الطبيب ان آلان يعاني من قرحة معدية دامية.
لولا العملية لكنت قد متت!!
بوتان عائلة كردية معروفة ضمن حركة المقاومة الكردية، يقول آلان انه ولد كي يكون مقاتلاً ثائراً، وكل أخوته كانوا مناضلين لأجل كردستان حرة.
رأس مقطوع
جدة آلان من جهة الام دخلت السجن لفترة، وهذا كان أحد الأسباب التي دفعت العائلة إلى الفرار. أحد أخواله تعرض للاعتقال مرات عديدة ، وفي آخر مرة بقي في السجن ثماني سنين.
لقد كتبت ثلاث أغان عن جدتي يقول آلان.
إنهم هشموا الرأس المفصول لأصغر أبنائها بالمجنزرات أمام عينيها كي يزيدوها عذاباً. حصل هذا بعد أن قام ابناؤها الثلاثة الآخرون بتحريرها. حينها أختارت العائلة خيار الفرار. حدث ذلك قبل ثلاثين سنة.
الجميع يكن الاحترام و الحب للمقاتلين الفدائيين، و المرء الفدائي ( البيشمركه – المترجم ) مرحب به أينما حل بين أبناء شعبه، لكنه مضطر للحركة والتنقل دائما، فقط كي يتجنب التصادم مع مختلف تشكيلات القوات الحكومية.
نحن نناضل ضد كل معتد، وفي مقدمتهم القوات العراقية.
قصف جوي على القرية
كل الذي رآه بأم عينيه، خلق لديه مشاهد تطفو على سطح الذاكرة باستمرار، أنه يحلم في المنام واليقظة!
تساعدني الموسيقى على التعامل مع كل ماتعرضت له، شاهدته وعايشته. تصبح الموسيقى توثيقا لما مررت به.
من بين أفراد عائلته يعتبر آلان حمّال التاريخ…هكذا هي الموسيقى الكردية، أنها توثيق للحياة المعاشة.
لكل أغنية قصة تسرد!
اغانيه الخاصة
يتحدث آلان عن قرية كردية مؤلفة من ثلاثين منزلاً، تعرضت للقصف من الطيران العراقي، كل شئ كان مدمراً، عندما مرت مجموعتنا من هناك، كان قد نجى شخص واحد فقط . كلهم ماتوا، رجالاً، نساءاً، اطفالا و مسنين. حتى ذاك الذي نجا من القصف قد توفي لاحقا!
يخرج آلة موسيقية من سبعة أوتار، إنها آلة الساز. إنها هدية من أشهر فناني الكرد شڤان، قدمها له عربون شكرعلى بعض الأغاني التي كتبها له .
آلان سيوزع اول سي دي له هذا الخريف، لكنه يعتقد انه ثمة خمس و عشرين أغنية من أغانيه تقريباً، هي ما تردده الناس في مناطقهم.
هناك مغنون اتراك يغنون اغانيّ! لكنهم يكتبون، كلمات و الحان: غير معروف.
مات سليمان
آلان يمسك بالساز و يبدأ بالعزف والغناء عن سليمان.
كان عمر سليمان 18 عاما، كان فنانا موسيقيا، يوجد في كل عائلة فنان ينقل التقاليد للأجيال الاخرى، كان في طريقه من دمشق السورية الى مكان الحفل في جزء آخر من كردستان للاحتفال برأس السنة الكردية.
نحن نشعل النار في اليوم الذي يسبق رأس السنة، أي في العشرين من آذار، في اليوم التالي يجتمع الناس للرقص و الغناء و تقاسم الفرح بقدوم العام الجديد.
الجنود السوريون اوقفوا قافلة الباصات المتجهة الى مكان الحفل و أمروا بالعودة، ولسبب ما فتحوا النار على القافلة، فكان سليمان احد الضحايا.