حاورها / مصطفى الخليل –[1]
الإبداع والفن شكل من أشكال المقاومة ورفض الاحتلال، بل إن الفن والثقافة تغدو سلاحاً قوياً في وجه المحتل الذي يحاول أن يطمس ثقافة المنطقة التي يحتلها، ويحاول طمس الهوية الأساسية للمجتمع، وفي هذه الحالة يكون الفنان في صف المواجهة ضد المحتل.
وتؤكد الممثلة بيريفان دودخ أن المقاومة تعني الإصرار على تحقيق النصر، وأنها عملت في عفرين على توثيق جرائم المحتل التركي من خلال الأعمال المسرحية والسينمائية وإنتاج الأغاني التي تحث على المقاومة.
كان هناك كثير من الفنانين والمثقفين الذي كان يعملون على إحياء الثقافة المشتركة في عفرين وتنمية تلك الثقافة وإحيائها عند الشعوب التي تعيش في منطقة عفرين، ولكن بعد الاحتلال التركي أصبحوا خارج مدينتهم وبات على عاتقهم المشاركة في المقاومة ورد المحتل ولكن ليس بالسلاح فقط، بل بالقلم والإبداع وإحياء التراث والمحافظة على ثقافة عفرين وهويتها الأصلية التي يحاول المحتل التركي في كل مناسبة على تغيرها من خلال سياسة التتريك أو سياسة تغيير التركيبة السكانية.
للمقاومة والنضال معان وأشكال جمَّة في حياة الفنان والمثقف، وطرقٌ شتى لرد العدوان نحاول الحديث عنها في هذا الحوار مع الفنانة والشاعرة بيريفان دودخ ابنة مدينة عفرين وعاشقتها:
مدينة عفرين أمست اليوم أيقونة المقاومة…ما هو تعريف المقاومة لدى الفنان بتصوركِ؟
نحن كشعوب الشرق الأوسط عامة والكرد بشكل خاص الكرد معروفين بالمقاومة على مر التاريخ، والتاريخ خير شاهد على ذلك, فلولا المقاومة لم يكن لنا وجود في الوقت الحالي وبهذه القوة, وأنا كامرأة كردية أظن المقاومة صفة ملازمة للكردي بسبب واقعه المؤلم وأيضاً هو دليل على قوة إرادته وإصراره على النصر أو النصر، ومقاومة العصر مقاومة عفرين أمام أكبر قوى حلف الناتو هو خير دليل على ذلك.
وأنا كفنانة أعمل في أكثر من مجالات الفن، أرى بأن المقاومة هي الإصرار على الهدف والنصر مهما كانت الظروف والعوائق, الفنان هو المسلح بفنه وثقافته, اذاً فإن العبء الأكبر لحماية الوطن يقع على عاتق الفنان والمثقف, فكما نعلم أن المحتل يستهدف ثقافة الوطن وتاريخه وتراثه وكل ما يتعلق بذلك عند احتلاله، ومن ثم يحتل أرضه, فإن احتل فكره وثقافته وتاريخه يستطيع وبكل سهولة السيطرة على الإنسان, ونحن في عفرين شاهدنا ذلك وعشناه فالمحتل التركي في بداية حربه استهدف الأماكن الأثرية ليمحو ثقافة وتاريخ المنطقة لكننا وقفنا في وجه هذا الانحلال الثقافي وكان عملنا في هذه الأثناء على أن نحمي ثقافة وفنون عفرين وأن نوثق المقاومة العصرية بكل أشكالها ونوصل صوت أهالي عفرين لكل العالم لتبقى هذه المقاومة الخالدة رمزاً لكل مقاوم في العالم.
أعمال عديدة ومتنوعة قدمتها عن مقاومة العصر، كيف للفنان أن يقاوم الاحتلال؟
كما ذكرت من قبل أنني عملت في أكثر من مجال من مجالات الفن وفي أثناء الحرب في عفرين، حيث كنت أعمل في “كومين سينما آفرين” ونحن كسينمائيين رأينا بأنه يجب علينا أن نكون مثالاً لشعبنا في المقاومة وأن نكون معهم في كل الخطوات، ونساندهم ونقوم بتوعيتهم بعدم الهجرة خارج الوطن بل يجب المقاومة لآخر رمق حتى النصر, إلى جانب ذلك قمنا بتوثيق المقاومة بكل جوانبها العسكرية, الاجتماعية, الفنية, الطبية، لتصبح فيما بعد أفلام وثائقية ودرامية أبطالها شعب عفرين وأهالينا الذين جاؤوا من كل أرجاء الشمال السوري دعماً لتلك المقاومة في ذلك الوقت, وهذه الأفلام أصبحت الآن صوت لمقاومة العصر في عفرين, إلى جانب ذلك كنا نقوم بتسجيل أغاني مقاومة عفرين وتصويرها على شكل كليبات تدعم المقاومة رغم الظروف الصعبة والطائرات الحربية آنذاك.
كفنانة وكابنة عفرين كيف تنظرين لاستمرار التهديدات التركية لمناطق شمال وشرق سوريا؟
الغريق يتعلق بقشة مثل ينطبق على الدولة التركية فهي تغرق نفسها بالمشاكل ولعدم وصولها لمبتغاها في عفرين، فهي على يقين بأنها غير باقية في عفرين، لذلك تحاول أن تصل لأهدافها في أماكن أخرى في الشمال والشرق السوري لكنني على يقين بأنه سيلقى أكثر ما لاقاه في عفرين وستكون نهايته في مناطق شمال وشرق سوريا.
تعملين في جوانب عدة من الفن والشعر والرسم، أين كان التأثير الأكبر وفي أي الأعمال؟
الأعمال التي قمنا بها كثيرة وكل الأعمال تؤيد وتوثّق مقاومة العصر في عفرين, كما أنها تظهر الأعمال الوحشية التي قامت بها الدولة الفاشية التركية خلال العدوان على المدينة, ومن هذه الأعمال فلم زيتون أحمر, خالقوا الأمل والتي استكملت في مناطق الشهباء وأيضاً فلم ومضة, وهذه الأفلام كان لها تأثير كبير جداً على المشاهدين لأنها مثلت مقاومتهم ووجعهم في آن واحد وكانت هذه الأفلام هو صورة حقيقية عن ما جرى في عفرين.
كيف يمكن الحفاظ على كل هذا الفن والتراث العفريني والإبقاء عليه كشكل من أشكال المقاومة؟
أنا كامرأة عفرينية سأبقى مُحافظة على التراث والثقافة العفرينية مهما كانت الظروف، وسأبقى أنشرها رغم نزوحي والواقع الأليم الذي نعيشه لأننا تعلمنا من عفرين واحد من خيارين أما الألم أو المقاومة ونحن اخترنا المقاومة وسنقاوم لآخر رمق، فثقافة وتراث عفرين أمانة في قلوبنا وضميرنا سنجعلها خالدة في كل أغنية وكل مسرحية وكل لوحة رقص وكل فيلم سينمائي وكل لوحة رسم إلى أن نعود إلى عفرين ونعيد إليها كل ألوانها.
كما عرفنا أنكِ متعددة المواهب والإبداع…ما أكثر موهبة تشدك وتجدينها أكثر تأثيراً وأين تجدين ذاتك؟؟
الفن بكل أقسامه له تأثير كبير على الإنسان أحببت السينما لأنها تجمع كل أقسام الفن في فن واحد وهذا ما جذبني إليها بأنني رويت عطشي للفن في السينما, وكما أحب الأغاني والموسيقى جداً لأنها مترجمة للأحاسيس والمشاعر وهي لغة القلوب التي توصل رسائل لا يمكن قولها بل الشعور بها من خلال الأغاني والموسيقى، وأظنها الأكثر تأثيراً على المجتمع وكما يقال الثورة الكردية بدأت بأغنية …
رغم أنني عملت في كل مجالات الفن, إلا أنني أرى نفسي أكثر بمجال تأليف الأغاني لأنني استطيع عن طريق الأغاني والموسيقى أن أوصل ما أود إيصاله بشكله الصحيح، دون جهد بليغ وأستطيع فيه الإبداع أكثر.
المرأة تشارك في جميع مجالات الحياة…ما هو دور المرأة بالثقافة والفن والإبداع؟؟
للمرأة دور كبير في كل المجالات فهي المجتمع بأكمله فإن كانت مثقفة, وفنانة ومبدعة فستنشئ مجتمعاً حراً مثقفاً وواعياً وإن كانت غير ذلك فستنشئ جيلاً فاشلاً, الإبداع من سمات المرأة الا أنها مرت في عصور من الظلم والاستبداد جعلت منها ضعيفة لا تستطيع فعل شيء, إلا أن الثورة في مناطق شمال وشرق سوريا أعادت للمرأة المبدعة مكانها الأصلي وأصبحت من جديد رمزاً للثقافة والإبداع, ولذا علينا الاستفادة من هذه الفرصة التاريخية وأن نكون ردأً لكل سياسة تجعل من المرأة عبدة أو ضعيفة وأن نكون عوناً لكل نساء العالم ونقوم بتوعيتهن.
الممثلة بيريفان ماذا تخطط لأعمال وإبداعات في قادم الأيام؟؟
أنا الآن أعمل في مركز الثقافة والفن في مدينة الطبقة وهو مجال عملي, وهمي الوحيد أن أكون حامية لمفهوم الثقافة والفن بشكله الصحيح بعيداً عن المصلحة الشخصية ومفهوم الاستغلال والاحتكار والشهرة وسأحارب هذه المفاهيم بقدر ما استطيع, أرى بأن تطوير الثقافة والفن من مهماتي في الفترة القادمة وسأعمل بكل جهد لأطور الأعمال هنا وأقدم المساعدة لكل الأقسام, أتمنى أن أكون فنانة ثورية تليق بالثورة.