إعداد/ غاندي إسكندر –[1]
تعد ملحمة جلجامش، إحدى أقدم ملاحم بلاد ميزوبوتاميا المعروفة باسم ميزويوتاميا، والتي تدين لها الثقافة الإنسانية بمضامين أدبية، وفكرية وفلسفية، حيث عالجت قضايا إنسانية مركزية كمشكلة الموت، والخلود، والصراع بين الحياة والموت، وهي ملحمة سومرية شعرية مكتوبة بالخط المسماري على اثني عشر لوحاً طينياً اكتشفت لأول مرة في العام 1853 في موقع أثري اكتُشفَ بالصدفة، وعرف فيما بعد أنه كان المكتبة الشخصية للملك الآشوري آشور بانيبال في نينوى، ويُحتفظ بالألواح الطينية التي كُتبت عليها الملحمة حالياً في المتحف البريطاني.
رحلة البحث عن الخلود
كان جلجامش ملك أورك وقد كانت والدته إله خالداً ووالده بشرا، وبسبب الجزء الفاني منه يبدأ جلجامش بإدراك حقيقة أنه لن يكون خالداً، وقد بنى جلجامش سوراً ضخما حول مملة أورك، وقد سبب هذا السور له سخط سكان أورك الذين كانوا يرون أن جلجامش يسخرهم في أعمال البناء المجهدة.
وقد كان لدى جلجامش صديقاً وفياً اسمه أنكيدو يرافقه في جميع رحلاته، وقد تمكنا مع بعضهما في قتل ملك غابة الأرز خومبابا الوحش المخيف الذي كان يثير الرعب في أرجاء مملكة أورك، وبعد فترة من مقتل خومبابا توفي أنكيدو الصديق الحميم لجلجامش، هذا الموت أصاب جلجامش بحزن شديد، ولم يكن يريد جلجامش تصديق موت أنكيدو؛ لذلك رفض أن يقوم أحد بدفنه لمدة أسبوع إلى أن بدأت الديدان تخرج من جثته فقام بدفنه بنفسه، وبعد حادثة الموت هام جلجامش على وجهه بالبرية، وقد تخلى عن ثيابه الفاخرة وارتدى جلود الحيوانات، وكونه كان نصف بشري فقد كان الخوف من الموت مسيطراً عليه لذلك بدأ رحلة البحث عن الخلود والحياة الأبدية، ولكي يجد جلجامش سر الخلود عليه أن يجد الإنسان الوحيد الذي وصل إلى تحقيق الخلود، وكان اسمه أوتنابشتم، وأثناء بحث جلجامش عن أوتنابشتم يلتقي بإحدى الآلهات، واسمها سيدوري وقد كانت آلهة النبيذ التي قدمت له النصيحة أن يشبع غرائزه بدلاً من رحلة البحث عن الخلود لكنها بسبب إصرار جلجامش على الوصول إلى أوتنابشتم لمعرفة سر الخلود فقد أرشدته إلى كيفية قطع بحر الأموات ليصل إلى أوتنابشتم الإنسان الوحيد الذي استطاع بلوغ الخلود وعندما وجد حلجامش أوتنابشتم قام الأخير بسرد قصة الطوفان العظيم الذي حدث بأمر الآلهة وعندما نجا من الطوفان أوتنابشتم وزوجته قررت الآلهة منحهما الخلود، وبعد أن لاحظ أوتنابشتم إصرار جلجامش في سعيه نحو الخلود قام بعرض فرصة له ليصبح خالداً، وذلك إذا تمكن جلجامش من البقاء مستيقظاً دون أن يغلبه النوم لمدة ستة أيام وسبع ليالٍ فأنه بذلك سيصبح خالدا لكن جلجامش فشل في الاختبار، وطلب فرصة أخرى فمنحته زوجة أوتنابشم بعد أن شفقت عليه فرصة أخرى تتمثل في حصول جلجامش على عشبة سحرية ستعيده شاباً وهي موجودة في أعماق بحر أرض الخلود دلمون وبعد تمكن جلجامش من الحصول على العشب السحري الذي يعيد نضارة الشباب قرر أن يعود إلى أورك ليجربه على رجل طاعن في السن قبل أن يقوم هو بتناولها، ولكن في طريق عودته وعندما كان يغتسل في النهر سرقت إحدى الأفاعي العشب وتناولته فرجع جلجامش إلى أورك خالي اليدين وفي طريق العودة يشاهد السور العظيم الذي بناه حول أورك فيفكر في قرارة نفسه أن عملاً ضخماً كهذا السور هو أفضل طريقة ليُخلّد اسمه.