إعداد/ هايستان أحمد –[1]
عين دارة مدينة أثرية تقع غربي قرية عين دارا الحالية بمسافة / 1 / كم، وعلى مسافة / 5/ كم، جنوبي مدينة عفرين في سوريا. تحيط بها سهول خصبة من ثلاث جهات، ويحدها نهر عفرين من الغرب على بعد بضع مئات من الأمتار منها. كما يخترق الموقع جدول ماء نبع عين دارة، الذي يأخذ مجراه من بحيرتها الصغيرة، ليصب في نهر عفرين غربي التل.
وهي آبدة تاريخية أثرية أخاذة تقع على الطريق الواصل من حلب إلى إعزاز وعفرين، وتعود المدينة إلى العصر الآرامي ما بين 1200 740 قبل الميلاد.
تتكون المدينة حالياً من آثار ومعبد يضم تماثيل مختلفة تمثل حيوانات مجنحة وتماثيل لأبو الهول ونقوش وآثار كثيرة وعثر في الموقع على لوحة بازلتية تمثل الإلهة عشتار.
يتألف هذا الموقع الأثري الهام من قسمين: جنوبي صغير وقديم، وشمالي كبير.
القسم الجنوبي: وهو مرتفع صغير من الأرض، تبلغ مساحته نحو دونم واحد. يقول الأثريون عنه: بأنه عبارة عن قرية زراعية من العصر الحجري الحديث، سكنها الإنسان منذ حوالي عشرة آلاف عام. إلا أنه لم تجرِ فيها أعمال تنقيب واسعة، سوى عملية سبر بسيطة أظهرت بعض الأدوات الصوانية، وأحجار بناء، تعود للعصر الحجري الحديث.
القسم الشمالي: يتألف هذا القسم من جزأين، شمالي: وهو أرض منبسطة بمساحة /4600/ متراً مربعاً ويطلق عليها المدينة التحتانية
وهناك أيضاً تل عين دارا المعروف، وتبلغ مساحة سطحه 7500 متراً مربعاً، ويسميه الأثريون (المدينة الفوقانية) وأبرز ما يميز هذا الجزء عن غيره، هو معبده الأثري المشهور في الجهة الشمالية.
في أواخر يناير 2018، تعرضت المعبد لأضرار بالغة من جانب الطائرات النفاثة التابعة للاحتلال التركي خلال هجومها في عفرين. تشير التقارير إلى أن نسبة 60 في المائة على الأقل من المعبد تم تحويلها إلى أنقاض.
تمثال أسد ضخم من البازلت وجِدَ في عام 1955م:
وتختلف الآراء حول تاريخ بناء هذا المعبد. المصادر الرسمية تربطه بالفترة الآرامية، لولا أن معظم الباحثين يرجحون بدايات حيثية وهورية للمعبد، حيث يقول إن المعبد مقام على طراز هيلاني، وهو نمط بناء هوري – ميتاني، وقد ساد هذا الشكل من البناء في الشمالية بين الفترة /1200-700/ ق.م، وقد برهنت حفريات عين دارا على الصلة الحضارية الوثيقة التي ربطت مناطقها بالحضارة الحيثية. وقد
عثر المنقبون في المعبد على كسرات لكتابات هيروغليفية حثية من الألف الأول ق.م. والمعبد حثي ويعود إلى الآلف الأول ق.م. كما عثر في حفريات المعبد على لوحة للآلة عشتار بالحجم الطبيعي، ولكن كما يقول الباحثون إن الزائر للمعبد يتوق إلى معرفة الرب الذي شيد له هذا المعبد وكرس لعبادته، ولكن لم يُعثر على وثائق كتابية بهذا الخصوص. إلا أنه من المؤكد، أن وجود تماثيل الأسود في مدخل المعبد، وعلى البوابة، وفي كل محيط المعبد تقريباً، يفتح مجالاً للشك بأنها على نمط بناء الشعوب الجبلية في هذه البقعة من شمال كما يقول الباحث مورتكارت ، “هؤلاء الذين كانوا يجهزون أبوابهم ومبانيهم بممرات مزدانة بأسود من الجانبين وحيوانات خرافية، هدفها حماية هذه الأبواب بطريقة سحرية يؤمنون بها. وهذا ما يربط بناء المعبد بفترة ما قبل عام 1200 ق.م، أي فترة وجود الإمبراطورية الحيثية على الأقل. فالمعبد الرئيسي في آلالاخ، تم تزيينه في مرحلته الأخيرة بتماثيل على شكل الأسود، نحتت من البازلت، وهي تعود إلى سوية بناء الفترة من 1347 1283 ق.م. وأن أقدم نموذج لمثل هذه التماثيل، هي التي كانت قائمة على أبواب قرقميش.
أما تاريخ استقرار الإنسان في القسم الشمالي من تل عين دارا بجزأيه الشمالي والجنوبي، فإنه يعود إلى الألف الرابعة ق.م، واستمر ذلك حتى العهد العثماني مع فترات انقطاع.
عين دارة في العصر الأموي:
عادت الحياة إلى هذا الموقع من جديد، واشتغل أهلها بالزراعة، واستخدموا النورج والمحراث الخشبي ذو النصل الحديدية، مثلما كان عليه الحال في جبل ليلون قبل ثلاثة عقود فقط، ثم اختفت تلك الوسائل الزراعية بحلول الوسائل الحديدية. واستمر ازدهار المدينة بعد خضوعها ثانية للبيزنطيين عام969م، (أيام الدولة الحمدانية في شمال سورية)، حيث وجدت فيها مبان جيدة، ومنشآت عامة، ومعاصر للزيتون، وأفران لصناعة الخبز وصهر الحديد. وعثر في الموقع، على آثار كنيسة القرية وعلى العديد من الصلبان البرونزية في الكنيسة، وفي البيوت وعلى الكثير من أدوات الفلاحة، كالمحاريث والمناجل والمقصات الحديدية وغيرها. ومن أهم اللقى الأثرية كمية من النقود الذهبية في المنازل المحترقة، تعود إلى قياصرة بيزنطيين. وفي هذا العصر كان السور الدفاعي للقرية منيعاً ذا أبراج قوية، وقد أنشئ حصن في الزاوية الجنوبية من التل.