تُعدّ الخيول الكُرديّة الأصيلة من أقدم وأجود سلالات الخيول في العالم، يعود تاريخ استخدامها في الحروب على نطاق واسع إلى عهد الميديين، أسلاف الكُرد، ما بين عامي 700 -550 قبل الميلاد.
تعود أصول الخيول الكُرديّة إلى جبال “زاغروس zagros” في كردستان، والتي انتشرت منها إلى جميع أنحاء العالم، وللخيول الكُردية الأصيلة ميزات عديدة تنفرد بها، فهي تتميّز بذكائها، وقوتها، وحجمها الكبير نسبيًّا، ورأسها الكبير وظهر طويل، بالإضافة إلى ذيل مرتفع، وحوافر قويّة.
يتم تربية الخيول الكُردية الأصيلة، والحفاظ على نسلها العريق في المدن والقرى الكُردية الواقعة في جبال زاغروس، وخاصةً في مناطق كرمانشان، سُنَه “سنندج”، مهاباد، أورمية، وخرم آباد.
عرفت الحضارات الكُرديّة القديمة الكثير عن الفروسية، واهتمت بها كثيرًا، ويعدّ أسلاف الكُرد الكاشيون “الكيشيون” والخوريون أول من أدخلوا استخدام الخيول، والعربات الحربية إلى جنوب ميزوبوتاميا -بلاد ما بين النهرين-وغرب آسيا في أوائل الألفية الثانية قبل الميلاد.
وفي عهد المملكة الخورية-الميتانية، تم تصدير الخيول من شمال ميزوبوتاميا إلى فراعنة مصر، أما أسلاف الكُرد الميديون، فقد ورثوا ثقافة الفروسية، وتقاليدها العريقة منذ عهد الكاشيين، حيث ظهرت الخيول الكُرديّة الأصيلة في عهدهم، فشكّلوا منها قوة قتالية متطورة، فكان سلاح الفرسان في جيشهم يشكّل القوة الضاربة.
يقول دياكونوف: “الخيول التي تمت تربيتها في أرض ميديا /”ماد/ تعدّ مشهورة جدًّا، والآشوريون كانوا يأخذون الخيول فقط بدلًا من الضرائب والجِزْية”.
لعبت الخيول الكُرديّة الأصيلة دورًا كبيرًا في انتصار الجيش الكُردي على القوة العسكرية الآشورية، التي اشتهرت في ذلك الوقت بشجاعتها، وضراوتها ومشاكستها، وبفضل سلاح الفرسان، انتصر الميديون، الذين تحالفوا مع البابليين على الإمبراطورية الآشورية سنة 612 ق.م.
أطلق الكُرد الساسانيون على خيولهم أسماء مميّزة، ويعدّ حصان الملك الكُردي الساساني “خسرو الثاني” من أشهر الخيول، التي ورد ذكرها في التاريخ، وكان اسمه ” شاو ديز: şev diz” أي سارق الليل باللغة الكُردية، وهناك نقش صخري في جبل طق بستان في محافظة كرمانشان، بروجهلات كُردستان يمثل الملك الساساني خسرو الثاني، وهو يمتطي صهوة جواده شاو ديز.
يقول الدكتور عبد الحميد زايد بشأن الفروسية عند الخوريين: (وقد تأثرت كثيرًا بالحضارة الخورية، فجيش الإمبراطورية الذي امتاز بسلاح المركبات، قد قام بتدريبه خوري اسمه كيكّولي- kikkoli). وكان الجواد الميدي مشهورًا باسم نِيسِياني نسبةً إلى سهل نِيسِيا أو نيسيان في ميديا بروجهلات كردستان “شرق كُردستان” فكانت تربّى في ذلك السهل أفضل أنواع الخيول، وتوصف بأنها مقدّسة، ربما لبياضها الناصع؛ لأن البياض هو لون النور الشديد الأهمية في الميثولوجيا الكُردية.
قال المؤرخ اليوناني الكبير، هيرودوت يصف موكب الملك الفارسي أحْشَوْيَرْش خلال زحفه من “سارديس” عاصمة مملكة ليديا، باتجاه مضيق الدردنيل؛ للعبور إلى أوروبا، وغزو بلاد اليونان عام 480 ق.م:
“يتقدمه ألف من الفرسان، وهم مختارون من أرجاء بلاد فارس كافة، وفي إثرهم ألف من حملة الرماح، رافعين سلاحهم مقلوبًا، ثم عشرة من الجياد المقدسة المعروفة بالنيسيانية، وهي في أجمل زينة، وقد عُرِفت هذه الخيول بالنيسيانية نسبةً إلى سهل نيسيان في بلاد الميديين، حيث تُربّى الخيول الضخمة، التي لا مثيل لها في العالم … ثم جاء موكب الملك، وهو في عربة تجرّها خيول نيسيانية”.[1]