أجرى الحوار محررو الموقع الإلكتروني E- International Relations
ترجمة: مصطفى إسماعيل[1]
فلاديمير فان ويلغنبرغ محلل سياسي وصحفي، وهو المؤلف المشارك لكتاب “كرد شمال سوريا“. يكتب حالياً لموقع كردستان 24 وقد كتب أيضاً للصحيفة اليومية روداو، المونيتور، ميدل إيست آي، وفي مجموعة متنوعة من منشورات مراكز الأبحاث والدراسات مثل معهد واشنطن، ومؤسسة جيمس تاون، ومعهد كارنيجي، ومجلس الأطلنطي وغيرها. أمضى زمناً في إقليم كردستان العراق، وقد أجرى أيضاً أبحاثاً ميدانية في شمال سوريا. أنجز فان ويلغنبرغ درجة الماجستير في الدراسات الكردية في جامعة إكستر وكان قد حصل قبلها على درجة الماجستير في دراسة النزاعات من جامعة أوتريخت.
أين ترى أكثر البحوث/ النقاشات إثارة في مجال اهتمامك؟
البحث الأكثر إثارة في مجال الصحافة بالنسبة إلي شخصياً هو القائم على البحث الميداني المتعلق بالكورد. بين الفينة والأخرى، هناك بعض التقارير المستندة إلى مقابلات ميدانية منشورة من قبل مراكز الرأي أو الصحفيين، ولكن للأسف يتم نشر العديد من الأوراق البحثية والأبحاث الأكاديمية بدون هكذا مقابلات. غالباً ما يكون ذلك نتيجة لمنع الجامعات أو المؤسسات الأخرى طلابها أو الباحثين من القيام بالعمل الميداني بسبب القيود الأمنية والمشكلات الأخرى المتعلقة بالوصول إلى مناطق ما. رغم ذلك هناك بعض الاستثناءات. على سبيل المثال، يقدم مركز معلومات روجآفا منذ عام 2019 الكثير من المعلومات من الميدان للصحفيين والباحثين. تناول أحد أحدث تقاريرهم النتائج السياسية والإنسانية والأمنية المترتبة على غزو تركيا لشمال شرق سوريا في أكتوبر 2019. يوفر برنامج اتجاهات الشرق الأوسط Middle East Directions Programme أبحاثاً متعددة التخصصات حول الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، وقد نشروا تقارير جيدة للغاية عن الوضع في عفرين ودير الزور وشمال شرق سوريا منذ الغزو التركي. كما كان هناك تقارير أخرى مثل المسح الميداني الذي أجرته د. آمي هولمز عن مقاتلي قوات سوريا الديمقراطية، وتقرير عن مخيم الهول بواسطة إليزابيث تسوركوف. نشرت مجموعة الأزمات الدولية تقارير مختلفة عن شمال سوريا، كما ينشر مكتب المفتش العام لوزارة الدفاع (الأمريكية) تقارير فصلية جيدة جداً حول عملية العزم الصلب لمحاربة داعش، وتلخص الأحداث الرئيسية في كل من العراق وسوريا. ولقد أصدر أيضاً مركز د. آن سبيكارد الدولي لدراسة التطرف العنيف مواد كثيرة حول المقاتلين الأجانب في صفوف داعش وعائلاتهم في سوريا. هذه فقط بعض الأمثلة، لكن الآن مع فيروس كوفيد– 19 والقيود المفروضة على السفر، سوف نرى تقارير بحثية ميدانية أقل وتركيزاً إعلامياً أقل على شمال شرق سوريا والكرد بشكل عام.
كيف تغيرت الطريقة التي تفهم بها العالم مع مرور الوقت، وما (أو من) الذي حضَّ على أهم التحولات في تفكيرك؟
من الصعوبة بمكان رؤية التطورات على الأرض عندما لا تكون قد زرت بلداً ما. الوضع ميدانياً في العراق وسوريا أكثر تعقيداً وخطورة من وقت لآخر مقارنة بالجلوس والكتابة عن الكورد من هولندا. زرت إقليم كردستان العراق أول مرة في 2009 وزرت شمال سوريا (روجآفا) في 2013. كنت أكتب بالفعل ومنذ سن صغيرة عن الكورد، بما في ذلك الكرد السوريين قبل الحرب الأهلية السورية. أعيش الآن في أربيل، في إقليم كردستان العراق، لذلك تغيرت طريقة تفكيري كثيراً عنها حين كنت طالباً صغيراً، حينها كانت المعلومات التي تلقيتها إما من كرد يعيشون في هولندا أو من الإنترنت. خلال الحرب ضد داعش منذ 2014، بدأت القضية الكردية تحظى باهتمام أكبر في وسائل الإعلام، حيث لعب الكرد دوراً كبيراً في محاربة داعش في المنطقة. لم يغير هذا تفكيري، لكن أسفر عنه الكثير من التغييرات في عملي بسبب الاهتمام المتزايد بالكرد بشكل عام. لعب الكرد (والأحزاب السياسية) في العراق وسوريا وإيران وتركيا أدواراً مهمة ضد داعش.
إلى أي مدى قادر أنت على تطبيق المعرفة والمهارات التي قمت بتطويرها خلال دراساتك العليا في دورك الحالي كصحفي؟ هل ساعدتك المجالات التي اخترتها (الدراسات الكردية ودراسة النزاعات) على التقدم في حياتك المهنية؟
كتبت لأول مرة عن الكرد لمشروع ختامي في مادة التاريخ خلال المرحلة الثانوية. لم يكن لدي الكثير من المعرفة الأكاديمية عن الشرق الأوسط. لا شك أن دراسات النزاع ساعدت كثيراً في تعلم كيفية فهم النزاعات والنظريات المختلفة حول حل النزاعات والتحول في النزاعات وبشكل خاص أسباب النزاع. مع دراسات النزاعات، تتعلم الكثير عن النزاعات المختلفة في العالم، وتتلقى أيضًا فهماً نظرياً أعمق للنزاع ما يساعد بالتأكيد ويتعمق أكثر بكثير من الصحافة التي غالباً ما تكون وصفية أكثر وتركز فقط على الأحداث الجارية. لقد تعمقت معرفتي كثيراً حقاً عندما أجريت بحثاً ميدانياً لأطروحتي في ماجستير دراسات النزاع في كركوك حول المنافسة بين الفاعلين السياسيين العرب والكرد والتعبئة السياسية.
حين بدأت برنامج ماجستير الدراسات الكردية، كنت أعرف بالفعل الكثير عن التاريخ والسياسات والأديان والثقافة الكردية، لكني قررت الانخراط في البرنامج لتعلم اللهجات الكردية (السورانية والكرمانجية). لا أزال غير راض عن مهاراتي في اللغة الكردية، ولكن يمكنني التحدث بالكردية أكثر من ذي قبل. أعتقدُ بالتأكيد أن برنامج الدراسات الكردية يوفر خلفية جيدة للأشخاص الذين يرغبون في معرفة الكرد ويريدون العمل على الأبحاث عن الكرد إما كصحفيين أو أكاديميين. ليس هناك الكثير من الباحثين غير الكرد العاملين في الشرق الأوسط ويعرفون اللغة الكردية، لذلك ينصب تركيزهم على اللغة العربية أو التركية أو الفارسية.
كمراسل لكردستان 24، أنت تساهم بمقالات تغطي طائفة متنوعة من المواضيع بما في ذلك النزاع في شمال شرق سوريا. يتميز النزاع في هذه المنطقة بمجموعة من السرديات المتعارضة ومشاركة أطراف فاعلة متعددة. ما الصعوبات التي تواجهها في التحقق من المعلومات في مثل هذه البيئة المعقدة والسريعة التغير؟
التحدي الأكبر هو التحقق من معلومات من مناطق سورية محتلة من قبل تركيا، مثل عفرين ورأس العين وتل أبيض، حيث يكاد يكون من المستحيل زيارة تلك المناطق. أعداد الصحفيين الذين يسافرون إلى هذه المناطق محدودة للغاية، ولكن ليس هذا هو الحال بالنسبة للمراسلين الذين يسافرون إلى مناطق في شمال شرق سوريا تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية بقيادة كردية. الكرد الذين يعيشون في عفرين أو غيرهم من المدنيين الذين يعيشون في مناطق محتلة من قبل تركيا غالباً ما يخشون التحدث إلى وسائل الإعلام خوفاً من العواقب. حتى أن عائلات كردية غادرت عفرين تخشى التحدث إلى أقاربها في عفرين عبر الواتسآب عن السياسة، وغالباً ما يتجنبون أي حديث سياسي. في سوريا نفسها أيضاً يخشى العديد من المدنيين التحدث خوفاً من العواقب، بغض النظر عما إذا كانوا يعيشون في كوباني أو الرقة. يسافر العديد من المدنيين أيضاً عبر مناطق مختلفة من سوريا وهذه المناطق تكون إما تحت سيطرة قوات سوريا الديمقراطية أو النظام أو الجماعات المدعومة من تركيا. إنهم يفضلون عدم التحدث إلى وسائل الإعلام كلياً لتجنب الوقوع في مشاكل مع أي من الفصائل المختلفة. أنا أغطي إعلامياً الكرد في سوريا، لكني أيضاً أغطي إعلامياً كرد تركيا وإيران. من الصعوبة بمكان تغطية هذه المناطق، لأنه ليس هناك تقريباً حرية سياسية للكرد في إيران، وفي تركيا كانت هناك مساحة سياسية أكبر في الماضي، ولكن هناك الآن الآلاف من الكرد سجناء في تركيا. في كل من تركيا وإيران يخشى الكرد التحدث إلى وسائل الإعلام، وهناك العديد من حالات الرقابة أو الضغط من قبل سلطات الدولة. في إيران مثلاً يتم إعدام السجناء السياسيين الكرد بين الحين والآخر.
سبق أن ناقشتَ الصعوبات التي يواجهها الصحفيون الذين يغطون الشؤون الكردية بما في ذلك حظر السفر إلى دول معينة. هل من الممكن للصحفيين تحقيق توازن بين إعداد تقارير موضوعية (مع خطر قدرة أقل للوصول إلى المعلومات والمناطق) أو إعداد تقارير بطريقة مناسبة أكثر للسلطات (ولكن مع إمكانية أكبر للوصول)؟
أعتقد أن التغطية الموضوعية للقضية الكردية في تركيا أو في إيران مع عدم فقدان الوصول تكاد تكون مستحيلة في بعض الحالات. في تركيا، أصبح من الصعب كتابة التقارير عن القضية الكردية بعد فشل عملية السلام الكردية– التركية في يوليو 2015 وبعد الانقلاب العسكري التركي الفاشل في 2016. خلال عملية السلام في تركيا، كان إعداد التقارير أسهل قليلاً، بل لقد كان بإمكانك رؤية بعض المراسلين لوسائل الإعلام التركية الرسمية يغطون مؤتمراً صحفياً لحزب العمال الكردستاني في جبال إقليم كردستان العراق حول عملية السلام. بعد انهيار عملية السلام وبعد محاولة الانقلاب، أصبح كل ما يتعلق بالكرد قضية أمنية مرة أخرى. نتيجة لذلك، مُنع العديد من الصحفيين من دخول تركيا أو تعرضوا للترحيل بسبب تقاريرهم حول موضوعات كردية، مثل رود نوردلاند من نيويورك تايمز أو جيار غول من ال بي بي سي. تم نقل صحفيين آخرين إلى أماكن أخرى قبل أن يتم ترحيلهم أو منعهم. لا تزال هناك من حين لآخر بعض التقارير حول القضية الكردية مثل تغطية مقتل باريش تشاكان، وهو كردي، في أنقرة.
لا يمكنك تقريباً رؤية أي تقارير في الصحافة الدولية عن الكرد في إيران. لم يكن هناك الكثير من التغطية الإعلامية عندما ضربت الصواريخ الإيرانية مواقع أحزاب المعارضة الكردية الإيرانية في إقليم كردستان العراق في سبتمبر 2018، على النقيض من ذلك كانت هناك تغطية واسعة عندما استهدفت الصواريخ الإيرانية بعد ذلك بعامين القوات الأمريكية (في العراق). رغم ذلك، هناك عدد من منظمات حقوق الإنسان الكردية تتحدث عن انتهاكات حقوق الإنسان (في إيران). لكن ورغم أن إدارة ترامب معادية للغاية للحكومة الإيرانية، لم يكن هناك اهتمام كبير من قبل وسائل الإعلام الأمريكية أو حتى من قبل الإدارة الأمريكية بالكرد في إيران. بشكل عام، فإن التقارير الواردة من وسائل الإعلام المحلية تتعلق في الأغلب بإعدام سجناء كرد سياسيين أو عاديين، وقتل الحمّالين الكرد (المعروفين باسم كولبار) واعتقال واحتجاز الكرد. أشار د. مارتن فان بروينسن– أحد أشهر الخبراء الأكاديميين فيما يتعلق بالكرد– في مراجعة حديثة لكتاب كتبه د. مايكل غونتر إلى أنه “بسبب صعوبة الوصول إلى المعلومات والمنطقة، لم تكن هناك أبحاث ميدانية حديثة في كردستان التركية أو الإيرانية، في حين أن إقليم كردستان العراق وبدرجة أقل روجآفا (سوريا) أتاحا للباحثين حرية الحركة“.
اكتسبت منطقة روجآفا في شمال شرق سوريا استقلالية كبيرة في سياق الحرب الأهلية السورية. في تقديرك، ما هي الآفاق المحتملة على المدى الطويل للمنطقة في تسوية سياسية مستقبلية ما بعد الحرب؟
إنه لمن الصعوبة بمكان التنبؤ بالمستقبل، ولكن هناك العديد من السيناريوهات المحتملة:
1)قد يكون هناك تدخل عسكري تركي آخر، من شأنه أن يؤدي إلى مزيد من النزوح والتطهير العرقي للكرد على الحدود السورية– التركية.
2) يمكن للكرد الحصول على تسوية سياسية أو اتفاق مع دمشق من أجل حكم ذاتي محدود (لا يعتمد على الانسحاب الأمريكي أو هجوم تركي جديد)، وهو أمر يبدو غير مرجح حالياً.
3) يمكن للكرد الدخول في صراع مع دمشق وروسيا مستقبلاً، ولكن هذا يعتمد أيضاً على الوجود الأمريكي في الحسكة ودير الزور.
4) يمكن للولايات المتحدة أن تنسحب مجبرة الكرد على الحصول على صفقة هزيلة مع دمشق أو مواجهة المزيد من الهجمات التركية.
الاحتمال الآخر هو أن الوضع سيبقى نزاعاً مجمداً في السنوات القادمة، مع بقاء الولايات المتحدة في المنطقة واستمرار القوات التي يقودها الكرد في السيطرة وقيادة إدارة محلية في شمال شرق البلاد، أو مزيج من كل هذه السيناريوهات. إلى الآن، كسبت دمشق العديد من الانتصارات العسكرية، لكنها في وضع أكثر صعوبة نظراً للعقوبات الاقتصادية وتدهور الاقتصاد (الحكومة السورية غير قادرة على إيقاف تهاوي العملة السورية).
إلى أي مدى يوجد اتساق بين الأهداف الدبلوماسية لحكومة إقليم كردستان في العراق ومنطقة روجآفا في شمال شرق سوريا؟ وما هي المعوقات الرئيسية للتعاون بين الكيانين؟
لم يكن هناك أبداً مسعى لتوحيد المناطق الكردية في العراق وسوريا، ولكن في الماضي كان هناك دائماً أحزاب كردية عراقية لها مصالحها الخاصة في سوريا وعلاقات سياسية مختلفة مع دمشق. تدعم حكومة إقليم كردستان العراق المجلس الوطني الكردي في سوريا. في عامي 2012 و2014 كانت هناك اتفاقيات كردية لتقاسم السلطة بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي أو حركة المجتمع الديمقراطي في سوريا، لكن لم يتم تنفيذها على الأرض. يتبع المجلس الوطني الكردي نموذجاً قومياً أكثر تقليدية مشابه لنموذج إقليم كردستان العراق ويعود إلى زمن تأسيس الكرد السوريين للحزب الديمقراطي الكردستاني في سوريا عام 1957 مستلهمين من تجربة الملا مصطفى البارزاني. إلا أن حركة البارزاني واجهت منافسة بعد انتقال زعيم حزب العمال الكردستاني عبد الله أوجلان إلى سوريا وعاش هناك في الثمانينيات والتسعينيات إلى أن تم التوصل إلى اتفاق تركي– سوري في 1998. فيما يتبع حزب الاتحاد الديمقراطي نموذجاً إدارياً متعدد الإثنيات أكثر، مقتفياً إيديولوجية عبد الله أوجلان حول الأمة الديمقراطية، واصبح الفاعل المهيمن على الأرض منذ تأسيس وحدات حماية الشعب في 2012. كانت ولا تزال هناك محاولات لتوحيد هذين الفصيلين الكرديين الرئيسيين، لكنها كانت معقدة نظراً للاختلافات الإيديولوجية والتنافس السياسي بينهما. كما عارضت تركيا الوحدة الكردية بين المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي، لأنها تعتبر حزب الاتحاد الديمقراطي وكيلاً لعدوها حزب العمال الكردستاني، وبالتالي تخشى من أن يمنح اتفاق الوحدة الكردية حزب الاتحاد الديمقراطي مزيداً من الشرعية. نظراً للاختلافات والتنافس السياسي كان هناك غالباً توترات بين الاتحاد الديمقراطي والمجلس الوطني الكردي/ الحزب الديمقراطي الكردستاني (حكومة إقليم كردستان العراق). أدى ذلك إلى اعتقالات في صفوف سياسيي المجلس الوطني الكردي وطرد بعضهم، وإغلاق حكومة إقليم كردستان للحدود، وكذلك القيود المفروضة في إقليم كردستان على مسؤولي حزب الاتحاد الديمقراطي. رغم ذلك، تحسنت العلاقات بعض الشيء في أواخر 2016 و2017 نظراً للتأثير الأمريكي، حيث كانت الولايات المتحدة محتاجة إلى دعم الكرد السوريين ضد داعش.
بعد أن عارضت تركيا استفتاء الاستقلال الكردي في سبتمبر 2017 وهاجمت عفرين في يناير 2018 تحسنت العلاقات بين الفصائل الكردية، إذ سمح الحزب الديمقراطي الكردستاني KDP لوفود بالذهاب إلى عفرين، وأصبح بإمكان المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي استخدام معبر سيمالكا الحدودي للسفر. تحسنت العلاقات أيضاً لأسباب مختلفة خلال العدوان التركي في أكتوبر 2019، يمكن رد أحد الأسباب إلى حقيقة أن حكومة إقليم كردستان لم ترغب في تدفق آخر لآلاف الكرد السوريين إلى أراضيها وكذلك خشية التغيرات الديموغرافية في سوريا. إلا أن الخلافات الإيديولوجية لا تزال قائمة، ورغم مبادرة الوحدة الكردية الجديدة التي أطلقها القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية الجنرال مظلوم عبدي والتي أدت إلى تحاور أكثر إيجابية، فإنه لا يوجد إلى الآن اتفاق بين الطرفين على تقاسم السلطة. ورغم أن المجلس الوطني الكردي وحزب الاتحاد الديمقراطي يؤمنان بسوريا لا مركزية أو فيدرالية، إلا أن مشكلة الاختلافات الإيديولوجية لا تزال قائمة، ولذلك لديهم صعوبات في تقاسم السلطة أو تقديم تنازلات لبعضهم البعض. على سبيل المثال، المجلس الوطني الكردي هو جزء من المعارضة السورية المدعومة من قبل تركيا، وتركيا معارضة لاتفاق وحدة كردية. إضافة إلى ذلك، يقول حزب الاتحاد الديمقراطي أنه لا يقبل إنشاء قوتين عسكريتين مفترضاً أن السماح بعودة بيشمركة روجآفا المرتبطين بالمجلس الوطني الكردي إلى سوريا قد يؤدي إلى حرب أهلية كتلك التي خاضها الكرد العراقيون في التسعينيات.
استجابة لنداء من الأمين العام للأمم المتحدة، اقترح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون هدنة عسكرية في جميع أنحاء العالم وسط وباء فيروس كورونا، وهو الاقتراح الذي ذكرتم أنه مدعوم من قبل قوات سوريا الديمقراطية التي يسيطر عليها الكرد. ما مدى واقعية توقع حدوث انتشار عالمي للفيروس، ومقترحات مثل تلك التي قدمها ماكرون، ليكون لها تأثير بالغ على الأحداث على الأرض في سوريا؟
كانت هناك فعلياً اتفاقيات لوقف إطلاق النار في إدلب بين روسيا وتركيا في مارس 2020، واتفاقات منفصلة لوقف إطلاق النار في شمال شرق سوريا بين الولايات المتحدة وتركيا، وبين روسيا وتركيا في أكتوبر 2019. هناك ين الحين والآخر اشتباكات تجري بين قوات سوريا الديمقراطية والمجموعات المدعومة من تركيا أو تفجيرات وعنف في المناطق التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية أو التي تسيطر عليها تركيا. لا توجد أعمال قتالية كبيرة كما في أوائل أكتوبر 2019، ولكن هناك دائماً توترات ومستويات أصغر حجماً من العنف. رغم ذلك، يتوقع الكثيرون في سوريا أنه في مرحلة ما قد ينفجر العنف مجدداً بين الحكومة السورية ومجموعات المتمردين السوريين أو بين تركيا وقوات سوريا الديمقراطية بمجرد أن يخف تهديد كوفيد– 19 أو حتى قبل ذلك.
ما أهم نصيحة يمكن أن تقدمها للباحثين الشباب؟
تعلموا أكبر عدد ممكن من اللغات المحلية، ولا تعتمدوا على المصادر الثانوية فقط وحاولوا القيام بالعمل الميداني (ولكن مع الاستعدادات الأمنية الحذرة). خذوا في الحسبان أيضاً القيود المختلفة في البلدان التي تريدون إجراء البحث فيها وكيف يمكن أن يؤثر ذلك على بحثكم المستقبلي أو الحالي. خذوا في الاعتبار دائماً أمان مصادركم (المدنية) نظراً لأن العديد منهم قد يواجهون تبعات لمجرد مقابلتهم باحثين أجانب.
يمكن قراءة النص الإنكليزي الأصل للحوار على الرابط التالي:
https://www.e-ir.info/2020/06/18/interview-wladimir-van-wilgenburg/