الكتاب: ثقافة المجتمع الكردي بين الهوية والأرض
الكاتبة: د. حسناء الدمرداش
خالد عزم[1]
صدر في القاهرة عن دار الحكمة كتاب يعالج قضية تطرح نفسها على الساحة الدولية الآن، وهي “ثقافة المجتمع الكردي.. بين الهوية والأرض”، والكتاب من تأليف الدكتورة والأستاذة في جامعة مصر الدولية “حسناء الدمرداش”.
وترى حسناء أن المؤرخين اختلفوا حول أصل الكرد وماهيتهم ولم يقطعوا الرأي الحاسم حول ذلك، فهنالك الكثير من نقاط الجدل والخلاف حولهم في كثير من النواحي، ابتداءً من منشأهم امتدادً إلى تاريخهم وحتى مستقبلهم السياسي، وعلى ضوء هذا فإن ظهور الكرد على الساحة الإقليمية والدولية في عصرنا الراهن كقوة متميزة لم يكن منذ أمد بعيد، مع أنهم كشعب يعد من الشعوب العريقة التي تضرب بجذورها في أعماق التاريخ فقد نشأ الكرد منذ آلاف السنين على جوانب روافد دجلة.
وتم تأسيس أول حكومة للكرد عام (340ه 951م) في شمال أذربيجان والجنوب الغربي للقوقاز. وتلا ذلك عدد آخر في “أماكن مختلفة لم تكن تستمر جميعها طويلاً”، وكان من أشهرها الدولة الأيوبية الكردية عام 569ه 1173م، والتي اتسع سلطانها في مصر وسوريا والجزيرة وكردستان وأرمينيا وتألفت معظم جيوشها من العشائر الكردية التي وافت السلطان صلاح الدين المنية.
انتصارات الكُرد على مرِّ الزمان:
وبعد أن سجل الكرد صفحات بيضاء في التاريخ الإسلامي بانتصار الجيوش الإسلامية بقيادة البطل صلاح الدين الأيوبي على الغزو الصليبي، أفل نجمهم لمدة حتى بدأ ذكرهم في العودة إلى الساحة من جديد أثناء حرب الخليج في التسعينات من القرن الماضي، ويزيد عدد الكرد حالياً عن 30 مليون، موزعين في مناطق متفرقة من العالم من أهمها: تركيا إيران سوريا العراق أذربيجان.. وغيرها.
ويدين الكرد في غالبيتهم بالإسلام ومعظمهم سنّة وأقلية منهم شيعة، ويتحدث الكرد بلغتهم الأم الخاصة وهي الكردية إلى جانب العربية، والتركية، والفارسية، بعد التعرض لدراسة ثقافة الكرد كأمة لها هوية ثقافية خاصة، تبيّن الدكتورة “حسناء الدمرداش” أن هناك معرفة مشوهة حول هذه الهوية مما جعلها تدخل في محاور عدة، ولكنها تتفق مع الذين يرجون لشعوب المناطق الكردية البقاء ضمن حكم الدولة المركزية وبصورة فيدرالية في سبيل التطور والاستقرار، ويفضلون لهم الانتقال من ثقافة السلطة إلى سلطة الثقافة، بمعنى أن ترتفع نسبة الوعي الحضاري والقومي والثقافي للحفاظ على مقدرات الشعب في إطار ثقافي عام يحكم التوجه السياسي أو على الأقل يساهم في توجيهه نحو آمال الأمة الكردية بعيداً عن الصراع المسلح مع أعدائهم الذين يطمحون إلى محو الهوية والوجود الكردي.
منع الكُرد ممارسة حقهم في هويتهم وأرضهم:
وتذكر المؤلفة إن الكرد يبحثون عن حقهم القومي في الانتماء إلى مناطق كردستان، ولكن الحكومات (التركية الإيرانية على الخصوص) تعتبر تشكل شأن الكرد فيهما شأناً قومياً داخلياً، ويجب أن يعالج وفق معطيات الانتماء للأمة الواحدة داخل إطار الوطن الواحد، وحلول هذه المسألة لابد أن تأتي من داخل الأمة وليس من خارجها أو من الاعتبارات الدولية والإقليمية.
في الوقت الذي يضع الأتراك والإيرانيون قاعدة قومية تمنع تجزئة الوطن فلا يجوز ولا يحق لأي طرف أو نظام أو قومية أن تسعى إلى تجزئة الوطن لحساب فئة أياً كان عددها أغلبيتها في أجزاء الوطن، لذا فالحكومة التركية على سبيل المثال تنظر إلى الكرد على أنهم مواطنون أتراك يسكنون الجبال وينتمون إلى الأمة التركية حتى لو كانوا يتحدثون الكردية أو ينتمون إلى القومية الكردية، وما يستوقف النظر في الكتاب هو الأدب الكردي خاصة غناء الفرق الشعبية وفي هذه الأغنية التالية شرح لمواصفات الكرد:
نحن شعب الكرد شعب لا نبالي
نتحدى الظلم حتى في الخيالِ
نحن شعب نتسامى للمعالي
في كفاح وجهاد ونضالِ
ثائر يسعى إلى الحق القويمِ
وإلى أن تنجلي السود الليالي
ثورة نحن على مرِّ الزمانِ
ونضاهي الشمس في درب الكمالِ
ثورة كالشمس تسرى في عُلاها
وتحاكى الشمس من قمم الجبالِ
ثورتي ثورةُ شعبٍ لم ينم قط
ثورة العمال للفكر الزوالِ
ثورتي ثورة شعب قد تعذب
ثورة الإنسان ضد الاعتقالِ
ثورة الوطن المُكبل بالسلاسلِ
والمدنس بالحوافر والنعالِ
ولكردستان في العُلا مسيرة
فانفروا للمجد يا كرد المعالِ
إننا شعب أبى نحن ندري
أن طعم الموت عذبٌ كالزلالِ
كفءٌ أنت يا ابن الكرد… إنا لن نبالي
إن زرعنا الأرض ترساً بالرجالِ
أو تسلقنا السماء بالجماجم
أو منحنا عمرنا دون السؤالِ
ها غداً ورداً في ثراها
وثراها من دمِّ كل غالي
ها غداً يأتي الربيع بالورود
وغداً يبدو الخلاص للمنالِ
أمة الكرد لكي بُشرى عظيمة
خلق الكرد فيا حسن المنالِ