تقرير/ حسام اسماعيل[1]
روناهي/ عين عيسى المدينة البيضاء بصفائها ,الخضراء بربيعها، الحمراء بلون دماء شهداء مقاومتها…. تل أبيض/ كري سبي، وكم استشهد من أجلك عُشاق، تل أبيض بيضاء القلب، نموذج السلام والمحبة والجمال، منذ آلاف السنين لها قدسيتها بنبع عين العروس، ومقام إبراهيم الخليل عليه السلام.
المُحتل استهدف المعالم والرموز التاريخية والمثقفين
سكانها رمز الأصالة بجميع مكوناتها، وأديانها من أرمن وعرب وكرد مُتسامحين، ومُتعايشين بعاداتهم، ومعتقداتهم، أما الكارثة التي دخلت من حلت بها قادمة من الشمال فجاءت من قبل الاحتلال التركي العثماني الذي يريد بسط نفوذه في الشرق الأوسط، فكانت هي الضحية كباقي المناطق مثل عفرين، ورأس العين/ سري كانيه، والتغيير الديمغرافي ، وفي هذا المخيم مناضلين من أجل السلام لأبنائنا، وأطفالنا في تل أبيض وفي كل بقاع الأرض”.
بهذه الكلمات عبر الرسام والأديب جمال عبد السلام عن ما تعنيه مدينته تل أبيض/ كري سبي له، وأنها أصبحت الضحية للمحتل التركي العثماني الغاشم يقول أديبنا: “إن مدينتي أصبحت ضحية الإرهاب الذي مارسه داعش إبان احتلاله لها في فترة سابقة، وإن كان من البداية صنيعة المُحتل التركي، هم وجهان لعملة واحدة نفذوا أبشع الجرائم بحق أهلنا في الرقة، وفي مدينتي، قتلوا نخبة شبابنا باسم الدين الإسلامي، وهم أبعد ما يكون عن ذلك، ووجدوا من الدين ذريعة للمضي بسياسةِ القتل والإرهاب المُمنهج”.
وتابع عبد السلام حديثه: “من كشف هذه المؤامرات بحق شعوبنا هم المثقفون الذين لعبوا دوراً مهما، لذلك كانوا مستهدفين، مما جعل نخبة مفكرينا ومثقفينا يخرجون منها مُكرهين، أو ينالوا ما ينالوه من القتل والاضطهاد، فاستشهد على إثر ذلك الكثير منهم”.
وأشار عبدالسلام الى الممارسات البشعة التي قاموا بها المرتزقة من تدمير المعالم الأثرية والرمزية في الرقة وكري سبي مثلما فعلوا بمقام إبراهيم الخليل عليه السلام، بالإضافة لتدمير الأسدين التاريخيين في مدينة الرقة، وامتدت ممارساتهم الوحشية إلى العراق، وشنكال لهدم الإنسان والحضارة، وسرقة الآثار، والتاريخ يشهد على ما فعلوا من جرائم إبادة بحق المكونات من عرب وكرد وأرمن، وما أرادوه هو مشروع عثماني بحت، والمشروع العثماني بدأ يطفوا على السطح أكثر، وأكثر من خلال عمليات التوسع، ونرى الآن ما يعمل عليه أردوغان حيث بدأ بإرسال قوات فعلياً الى ليبيا، ويعيد تاريخ، وأمجاد أجداده العثمانيين لاحتلال الأراضي السورية”.
“أيديولوجيتي …أخوّة الشعوب والعيش المشترك”:
يقول الأديب والرسام جمال عبد السلام: “أيديولوجيتي هي أخوّة الشعوب والعيش المشترك، وهي الحل الوحيد للعودة إلى ثقافتنا، وتقاليدنا، وكلٌّ يعود إلى إصالته، إن كان عربياً أو كردياً أو مسيحياً، والعيش بأمان وسلام، فنحن عملنا على بناء الإنسان، بناء الطفل، وتحرير المرأة ضمن ضوابط، ونشر ثقافة الأمة الديمقراطية بالعمل وليس بالكلام، ومن خلال أعمالي كفنان استطعت الوصول لهدفي، وهو تحقيق الاستقرار والسلام والأمان بعد فترة مريرة من الصراع والمقاومة، والكثير من الشهداء قدموا أرواحهم في سبيل الأرض والشرف والدين وآمنوا بهذا الفكر الديمقراطي”.
وأردف” أردوغان لم يكن راضياً عن هذا المشروع لذلك أراد تدمير ما عملنا عليه لسنوات من خلال ذرائعه الباطلة، وتلاها العدوان التركي على مدينة كري سبي، وهجرَّ الآلاف من أهل مدينتي من مناطقهم ظلماً وعدواناً”.
وتابع” أرض هذا المخيم هي أرضي، ولكن ليست مكاني الأصلي، أُريد العودة الى وطني إلى مكاني الذي عِشت فيه وتربيت فيه، ولأكمل مسيرتي الثقافيَّة والأدبيَّة”.
العمل مع شخصيات أدبية وثقافية بارزة:
وعن الأعمال التي قام بها الأديب عبد السلام يقول: “قمت بالعديد من الأعمال الثقافية مع عدد من المثقفين في مدينة الرقة، مثل الأستاذ الفنان التشكيلي محمد العياش والنحات والأديب أيمن الناصر، والأستاذ جورج شمعون، بالإضافة الى عدة فنانين آخرين، والباحثين من أبرزهم الأستاذ حج حسن عساف الذي تعرض في فترة سيطرة داعش الى تحطيم دار التراث بشكل كامل، ومن الأعمال التي قمت بها في تل أبيض/ كري سبي معرض المقاومة، وعدة لوحات أخرى تمثل المقاومة، إلى جانب كتاب سأعمل عليه أطلقت عليه اسم (بقايا الموت) أتحدث عن رحلتي الفنية والمأساة التي عشتها في ظل داعش”.
في نهاية حديثه وجه الرسام والأديب جمال عبد السلام رسالة إلى العالم بأسره بالقول: “نحن نريد السلام والأمان لكل شعوب العالم، وليس في تل أبيض/ كري سبي فحسب، وهدفنا هو انساني بحت، بعيد عن كل الدوافع الأخرى”.