للكاتب د. أمين سيدو [1]
لا نبالغ إذا قلنا : إن مجلة ” لغة العرب ” بما تنشره من مباحث تعدُ مصدراً لجمهرة من العلم التخصصي الدقيق .. وكيف لا يكون الأمر كذلك ، ونحن إذا تطرقنا إلى حقل علمي كاللغة ، وجدنا من كتابه في لغة العرب من أمثال الدكتور مصطفى جواد ، والأب أنستاس الكرملي ، وهما من هما إمامةً في منهما ؟!.
وللشعور بهذه الأهمية العلمية في عمومها ، أردنا أن تكون مجلة ” لغة العرب ” في ذاكرة القارئ ووعيه ؛ ليفيد منها حق الإفادة ، فسلكنا لذلك سبيلين:
أولهما : تكشيف موضوعي ألفبائي بكل بحث نشرته المجلة ، وهو إتماما لمجهود رئيس كتبتها الأستاذ الكرملي الذي ختم أعداد كل سنة بفهارس فنية .
ثم جاء الأستاذ حكمت توماشي، فأصدر فهارس للمجلة ، فجمع فهارس أنستاس كما هي، إلا أنه دمج فهارس كل سنة فوحدها في فهرس واحد محكوم بالحقول الفهرسية التي صنعها أنستاس.
وعملنا التكشيفي هاهنا ليس تكراراً لجهد حكمت الناجز أو المنتظر، وإنما هو عمل جديد لأهم ما يريده الباحث ، وهو تكشيف الموضوعات تكشيفاً ألفبائياً يوحد جميع سنوات المجلة في فهرس واحد ، بأسلوب علمي مقنن .
والسبيل الثاني : الإسهام بتحضير مباحث من ” لغة العرب ” تكون في متناول القارىء بعد ان أضيف إليها زيادة تحقيق وتعليق .. وبعض تلك المباحث لا تحتاج منا إلى زيادة تعليق أو تحقيق ، ولكنها من النوادر التي نتحف بها القارىء .
وإذا كان اهتمامنا منصباً على هذه المجلة فمن حق القارئ أن يعرف بعض الأمور عن المجلة ؛ فنذكر له أنه صدر الجزء الأول منها في شهر رجب سنة 1329ه الموافق تموز سنة 1911م ، وتوقفت عند نهاية الملزمة الأولى من الجزء الثالث من سنتها الرابعة بسبب الحرب العالمية الأولى ، واستأنفت إصدارها سنة 1929م ، ثم أغفلت الأجزاء الثلاثة من السنة الرابعة ، وابتدأ صدورها باول السنة الرابعة.
أما مؤسس هذه المجلة وصاحب امتيازها الأب أنستاس ماري الكرملي ، فترجمته حافلة في عديد من المصادر من كتب ودوريات أكثرها في متناول القارئ ، وإنما يهمنا الجانب العلمي ؛ فقد تميز بعلمه اللغوي والأدبي ، وإشرافه على كتب التراث .. واستبد بجهده العلمي البحثُ اللغوي في معاني المفردات ، وأصولها ، واشتقاقها ، وفلسفة اللغة وتاريخها .. وجعل لعلمه ميزة في هذه الحقول معرفتُه بعدد من اللغات ؛ فكان يجيد إلى العربية الفرنية ، واللاتينية ، واليونانية ، مع إلمام بمبادئ من اللغات ، الآرامية ، والعبرية ، والحبشية ، والفارسية ، والتركية ، والصابئية .
وقد نشر علمه بتأليف كتب بعضها مطبوع وبعضها مخطوط مع نشاط منقطع النظير في كتابة البحوث والمقالات في دوريات مصر ، والشام ، والعراق ، فكان ينشر مقالاته في مجلته ” لغة العرب ” ، إضافة إلى الدوريات الأخرى كمجلة المقتطف ومجلة المشرقيات .
وكان ينشر باسمه الصريح تارة ، وبأسماء مستعارة تارة مثل : ساتسنا ، وأمكح ، وكلدة ، وفهر الجابري ، والشيخ بعيث الخضري ، ومستهل ، ومتطفل ، ومنتهل ، ومبتدئ ، وابن الخضراء .. إلى آخر تسعة وتسعين توقيعاً أحصاها كوركيس عواد.
وكان عضواً في مجمع المشرقيات الألماني ، والمجمع العلمي العربي ، والمجمع اللغوي بمصر.
وكانت له مكتبة حافلة ، وزعت بعد وفاته على ثلاث جهات هي : المتحف العراقي ، ومكتبة متحف الموص ، ودير الكرملين .
وكان له مجلس أسبوعي في يوم الجمعة ابتداء من الساعة السابعة صباحاً ، وكان كل شيء يُبحث في هذا المجلس غير أمور الدين والسياسة .
وقد نشرت مجلة ” لغة العرب ” أبحاثاً ودراساتً تتعلق بالتاريخ والأدب الكردي ، واللغة الكردية ، والأمثال الكردية ، والديانة اليزيدية ، أو الايزيدية ، ففي حقل التاريخ نشر شكري الفضلي دراسة في حلقتين بعنوان : ” الكرد الحاليون” ، كما نشر الفضلي دراسة أخرى في حقل الأمثال الكردية بعنوان : ” الأمثال الكردية ” .
أما فيما يتعلق باللغة الكردية نشرت ” لغة العرب ” أربعة أبحاث : فقد كتب خالد شوقي الداودي بحثاً في حلقتين بعنوان : “اللغة الكردية ” ، وكتب توفيق وهبي عن ” أصول اللغة الكردية ” ، وكتب محمد مهدي العلوي بحثاً بعنوان : ” كلمات كردية فارسية الأصل ” ، أما داود فتوى فكتب عن ” الكلمات الكردية في العربية المصلية “.
أما فيما يتعلق بالديانة اليزيدية، فنشرت المجلة عرضا لكتاب أحمد تيمور بعنوان : ” اليزيدية ومنشأ نحلتهم “، وكتب يعقوب نعوم سركيس دراسة في ثلاث حلقات بعنوان ” اليزيدية ” ، ثم تناول عباس العزاوي ” أصل اليزيدية و تاريخهم ” في ست حلقات . وكتب جوزيه فرلاني عن ” النصوص اليزيدية ” ، اضافة إلى إشارات أخرى موجزة ، وإشارات متفرقة متناثرة في أعداد المجلة عن الكرد واليزيدية.
” مستلة بتصرف من كتاب بعنوان : لغة العرب ورئيس كتبتها أنستاس الكرملي : دراسة تاريخية ، وكشاف موضوعي / ألفه وأعده أبوعبدالرحمن بن عقيل الظاهري ، وأمين سليمان سيدو، نشرت الطبعة الأولى عام 1993م ، والطبعة الثانية عام 2003م ، وكلا الطبعتين نشرتا عن مكتبة الملك عبدالعزيز العامة بالرياض ” .