ديرك/هيلين علي
تُعد فرقة “جودي” الموسيقية إحدى أكثر الفرق المميزة الفنية التي عملت لأكثر من 35 عاماً، على وقع ألحان الآلات الموسيقية الكردية، وحناجرها تصدح بأغاني تُحاكي النضال الوطني الكردي.
تأُسست “فرقة جودي” التابعة لمركز دجلة للثقافة والفن في ديرك، عام 1986 بعد عامين من قفزة 15 آب التاريخية، والتي كانت بداية الحرب على سياسات الإبادة الثقافية والنفسية التي فرضتها دولة الاحتلال التركي على الشعب الكردي.
ورغم سياسة التهميش التي انتهجتها الأنظمة المهيمنة على كردستان، لا سيما على الجانب الفني والثقافي، إلا أن الشعب الكردي قاوم وناضل ضد تلك السياسات للحفاظ على تراثه وإرثه الثقافي.
وهكذا شقت فرقة “جودي” أيضاً طريقها، والبدء بالغناء والعزف لأول مرة في نوروز عام 1987 في منطقة كوجرات بديرك، رغم الظروف الصعبة وسياسة الصهر الثقافي التي واجهتها.
وعن تأسيس فرقة “جودي” يقول الإداري في فرقة “جودي” الفنان الكردي، خالد ديركي إنها أُنشئت لتعكس نضال وثورة الشعب الكردي، كما الحفاظ على الثقافة الكردية من الاندثار، إذ تفرعت إلى قرى ونواحي ديرك، ليزيد عدد أعضاءها من العشرات إلى المئات ومن فئات عمرية مختلفة، كما تعددت أقسامها بين العزف والغناء والمسرح والرقص.
وأضاف ديركي: “هذه الفرقة ساهمت منذ إنشائها في إثراء وإحياء الموسيقى الكردية بما فيها الفلكلورية الأصيلة من خلال الأعمال التي تقدمها، وهي خليط من الموروث الكردي والكوجري في منطقة ديرك، بالإضافة لبعض الأعمال الحديثة التي تحاكي ثورة روج آفا والحراك الشعبي الكردستاني”.
أنتجت الفرقة خلال مسيرتها الفنية الكثير من الأعمال كان أهمها أغنية “آفا مزن” والتي أصدرتها الفرقة بعد العملية التركية التي استهدفت كل من الشهيد “محي الدين، أحمد، زنار وسوزدار” من قوات الدفاع الشعبي، في نهر دجلة بمنطقة ديرك.
تاريخ من النضال
يضيف ديركي: “للفرقة تاريخ ونضال عريق في التمرد على الظلم وواقع الأنظمة المهيمنة الذي عانى منه الشعب الكردي، إذ غنت الفرقة للشهداء، للحرية ولكردستان، كما انضم أكثر من 35 عضواً من فرقة جودي إلى صفوف حركة التحرر الكردستانية وثورة روج آفا، وارتقوا شهداء في سبيل حرية شعبهم وأرضهم”.
وعملت فرقة جودي على إحياء الفنون الشعبية والتراث الثقافي غير المادي، وتوليه أهمية خاصة؛ لكي يعكس العديد من مظاهر الحياة والجوانب الثقافية والفكرية للمجتمع الكردي وليعبّر عن حياة الكردي وعاداته وتقاليده في الأفراح والأتراح.
وتسعى الفرقة إلى تطوير الفنون الشعبية وإبرازها على المستوى المحلي والإقليمي، من خلال المشاركة في الحفلات والمهرجانات، وإقامة الندوات والمحاضرات في مجال الفنون والتراث الثقافي الشعبي، وتقوم الفرقة بتنظيم دورات تدريبية على الآلات الموسيقية والرقصات الشعبية الفلكلورية.
ويضيف ديركي في حديث لصحيفتنا: “لعبت فرقة جودي خلال سنوات الثورة في روج آفا؛ دوراً بارزاً في إحياء الروح الاجتماعية والوطنية لدى فئات المجتمع، عُرفت الفرقة بأغانيها الثورية والفلكلورية الكردية بين أوساط الشعب الكردي، كما وأسست عدداً من الفرق الفنية لتبدأ برحلتها الفنية آخذة على عاتقها التعريف بالثورة وأبرز محطاتها من خلال الفن ولا سيما الغناء”.
الأغاني رسائل وطنيّة
ويتابع: “أنتجت الفرقة خلال ثورة روج آفا العشرات من الأغاني الوطنية، ومن أهم ما أنتجوه خلال هذه الفترة الأغنية الوطنية المشهورة “Şad be gelê kurd şad be” والتي غنوها لثورة روج آفا، وتُعرف الأغنية كنشيد وطني لثورة روج آفا ومقاومة شعوب شمال وشرق سوريا”.
اتخذت الفرقة من الغناء والموسيقا والمسرح وغيرها من الفنون؛ أساساً لها في التأثير على المجتمع، وشاركت في المئات من المناسبات التي تقام في المنطقة، لا سيما تلك الخاصة للترويج للانتصارات العسكرية للمقاتلين الكرد في صفوف وحدات حماية الشعب وصفوف قوات الكريلا على المحتل التركي.
وقال ديركي: “الفرقة قدمت خلال مسيرتها، باقة من الأغاني الكردية الوطنية والملتزمة، التي نادت بالوحدة الوطنية وإنهاء الانقسام والوقوف صفاً متراصاً أمام ما يحاك للشعب الكردي ولقضيته من مؤامرات وتهديدات تستهدف أرضه وشعبه”.
وتعمل الفرقة في الآونة الأخيرة على إنتاج أعمال جديدة ومن المتوقع البدء بعرضها خلال الفترة المقبلة، بالإضافة إلى ذلك تعمل الفرقة على تنظيم فعالية وأمسية ثقافية تدعو من خلالها جميع أعضاء الفرقة الذين شاركوا وساهموا في تطويرها منذ عام الثمانيات إلى يومنا الراهن، لتكريمهم وتقديم دروع تذكارية لهم.
وعن الصورة التي تعكسها فرقة جودي محلياً ودولياً، أكد ديركي: “الشعب الكردي موهوب ويملك الإرادة والصمود رغم ظروفه القاسية، ونحن نوصل صوتنا للعالم من خلال العزف والغناء والأعمال الفنية”.[1]