“من كتاب قصص الأمثال للكاتب عبد الرحمن أومري”
تبدأ القصة في قرية صغيرة، يُحكى أنه، كان هناك شاب وفتاة، يسكن كلا منهما بجانب الآخر، وكانا يحب كلا منهما الآخر حباً شديداً، ولكن والد الفتاه لم يوافق أن يُزوِّج ابنته لذلك الشاب، وكان يريد أن يزوجها لابن عمها، استمر الشاب والفتاه في حب بعضهما، وكانا يتقابلان كل يوم، حيث تصعد الفتاه إلى سطح المنزل، متحججةً بتنظيف العدس من الحصى والقش، فتصعد كل يوم في الميعاد نفسه؛ لتنظيف العدس، فيأتي ذلك الشاب، ليتبادل الحديث مع حبيبته دون علم والدها، واستمرا على هذه الحال فترة طويلة من الزمن، إلى أن رآهما ابن عمها، الذي كان يريد الزواج منها، فذهب وأخبر والدها بما رأى، فجن جنون الرجل.
أخذ والد الفتاه سكيناً، فصعد إلى السطح، وقد نوى قتل الشاب، وعندما رآه الشاب، ورأى الشر في عينه والسكين في يديه، ملأ كفيه بالعدس الموجود على السطح، الذي كانت تتحجج حبيبته به؛ لتصعد إليه فقفز من سطح المنزل، وأخذ يجري، فقفز والد الفتاه وراءه، راكضاّ ورائه، شاهدهم أهل القرية، رأى أهل القرية المشهد غير مكتمل، شاب يحاول الهروب وفي يده بعض العدس، بينما رجل بيده سكيناً يجري وراءه، وكلما رأى أحدهم المنظر يندهش ويقول: من أجل بعض العدس سوف يقتل الشاب؟؟
كان والد الفتاه يسمع كلمات أهل القرية، ولكنه غير قادر على قول ما حدث، كي لا يسيء إلى سمعته وسمعه ابنته، وبعدما هرب الشاب، عاد والد الفتاة، وعندما سمع كلمات أهل القرية مجدداً قال الجملة الشهيرة (اللي بيعرف بيعرف، واللي ما بيعرف بيقول كف عدس) فذهبت مثلا؛ وهذا المثل الشعبي، يُقال بشكل بين الناس، وخاصة عندما يلقى أحد اللوم على شخص آخر، على فعل شيء لا يعرف سببه الحقيقي، والذي ربما يصعب البوح به.
وينتشر هذا المثل بتلك القصة، في كل من الأردن، وفلسطين، ولكنهم يقولونه (اللي بيعرف بيعرف واللي ما بيعرف بيقول فت عدس). في رواية أخرى لهذا المثل في سوريا، كان هناك تاجر يبيع البقول والحبوب في سوق البزورية بدمشق، وكان يعمل عنده فتى، يساعده في البيع والشراء، وايصال البضائع للزبائن في منازلهم، إذا طلب أحدهم ذلك، والكثير من الأمور، وكان يقوم بتلبية طلبات التاجر الخاصة بمنزله، حيث يقوم بشراء المستلزمات، التي تحتاج إليها أسرة التاجر، في يوم اشتكت ابنة التاجر من ذلك الفتي، وأخبرت أباها: أنه كلما يأتي بمستلزمات المنزل يغازلها، فغضب التاجر غضباً شديداً، فرجع الي الدكان والشر يتطاير من عينيه، لاحظ الفتى ذلك؛ ففهم أن ابنته أخبرته، فخطف بعض العدس في يديه وجري بسرعة ، ركض التاجر خلفه وهو يسبه، ويلعنه، ويقذفه بما يصل الى يديه من حصى وأحجار، وعندما رأى تجار السوق والزبائن ذلك الموقف؛ اندهشوا! وهو يضرب كفًّا بكفٍّ، فيقولون له: (كل هذا من أجل كف عدس/ كمشة عدس)، فتوقف التاجر عن ملاحقة الغلام، وقال للناس بغضب: (يلي بيعرف بيعرف ويلي ما بيعرف بيقول كف عدس).
رواية أخرى لهذا المثل في مصر (اللي ميعرفش يقول عدس): ترجع قصة المثل، إلى لص قام بسرقة النقود من متجر تاجر يبع البقول والحبوب، وعندما رأى اللص التاجر خرج مسرعاً فتعثر ب “شوال” من العدس، فانتشر العدس في كل مكان، فامسك به التاجر، وظن الناس أن الفتى كان يسرق بعض العدس ليأكله، ولاموا عليه التاجر قسوته، فرد التاجر قائلا: (اللي ميعرفش يقول عدس).[1]